خبر المصالحة الفلسطينية: أوهام بالجملة.. أيمن خالد

الساعة 09:51 م|25 ابريل 2014

لا نشكك بنية الطرفين للمصالحة، باعتبارها احد الممكنات التي قد تؤدي الى تخفيف الأعباء الداخلية، غير أن الأصل في الأزمـــــة لا تُخفي معالمه جملة الوعود والآمال، أو حتى الرغبة الداخلية بإنجــــاز هذا الملف، فالذي نحن لا نريد إدراكه، أن فلسطين كل فلسطين، بشعبها فــــي الداخــــل والخارج تحولت الى مجرد تفاصيل صغــــيرة على طاولة العرب والعالم أيضا، فنحن نواجه عدواً خرج من رحم الحضارة الاوروبيــــة، ورغم أنه في الجانب الثقافي يمثل بيئة تعيــــش على الاساطير، غير أنه استفاد من صلب الحضارة الغربية، فاكتسب خبرات العمل وطورها.
وعلى نقيضه نحن، بثقافتنا الهائلة، بقي العمل بالنسبة لنا مجرد عامل ثانوي ولا يزال، ولذلك نحن دوماً بحاجة لوضع شعبنا في طابور طويل للحصول على الاعانات الدولية.
في عالم يدور فيه الاداء ويرتفع فيه الدور الذي يؤديه صاحبه من خلال العمل، كان الممكن الأكبر هو استغلال آلية وفكرة الثورة، التي بدورها عجلة انتاج مميزة، فهي تحبط عمل الاخرين، رغم عدم قدرتها على انشاء قدرة عمل فاعلة ومنتجة، لكن فكرة الثورة بحد ذاتها، وانتقال زخمها عبر آليات تتناسب والواقع، تجعل القيمة السياسية تصبح القيمة العليا، وعند ذلك يكون هذا العمل بفاعليته هو الذي يضع ملف القضية الفلسطينية على رأس أولويات العالم، أما عدم القدرة على إدارة هذا الملف، فهو يجعل الثورة مجرد فعل مؤقت، وهذا هو التراجع الذي يجعلنا نبحث عن جمعية خيرية كبيرة ترعى شعبنا، وهنا الفارق بين حقبة الثورة وحقبة التسوية، فمنطق الضرورة الذي كان في وقت ما لا بد منه، هو اليوم يدفعنا للبقاء ضمن منطق الضرورة ويسلبنا منطق الاختيار الذي بفقدانه، تبقى الضرورة عنوان العجز والفاعل الاكبر في منهجنا.
المصالحة بين فتح وحماس هي كالمصالحة بين قبيلتين افريقيتين تقاتلتا لفترة طويلة، وعندما حضرتا للمصالحة وجلستا حول مائدة الطعام لم تتذكرا سبب الخلاف الطويل، وانشغلتا بالأكل، ولكن عندما تنتهيان منه، سيبدأ حساب جديد بينهما، وهو من أكل أكثر من الاخر، وعندها يبدأ التشابك بالأيدي، وستسمع الاصوات والعويل وغير ذلك. فالاختلاف اصلا بين حماس وفتح لم يكن موجودا، والانقسام هو ليس صورة بيانية أو سلسلة رياضية، انما هو صراع بيئي من نوع متواضع، يصبح كبيرا اذا اردنا ذلك، ولا يصبح له وزن اذا غيبناه عن الاعلام، فالفارق بين صراعنا الفلسطيني الداخلي وبين صراع قبائل افريقيا، هو ان القبائل الافريقية المسكينة لا تملك فضائيات، وليست لديها قائمة المحترفين في الاعلام مثل حالنا.
اذا كانت حماس تريد فتح معبر رفح من خلال السلطة، واذا كانت السلطة تريد كف التعنت الامريكي والاسرائيلي ووقف مأساة الاستيطان وغيرها من خلال الغزل مع حماس، فكل ذلك لا بأس به، فالمطلوب عند ذلك فقط أن يدرك الطرفان، أن الانتصار الداخلي على بعضهما بعضا، هو من مخلفات العقل القبلي البائد، وأن اللعب مع الكبار يستوجب عقولا كبيرة، لا بد من توظيفها والاستفادة منها.
ليس صعبا أن نجعل الخبرات الفلسطينية تضع منظومة عمل سياسية مميزة، تواجه منطق الضرورة باختيار نوعي نفرضه نحن، ونقدر عليه، فالجغرافيا الفلسطينية والوجود الفلسطيني لديه ميزة فريدة من نوعها، وكل ما هو مطلوب مجرد ادارة هذه الميزة، وهذا يتطلب مؤسسات تعمل بمعزل عن نمط القبائل الافريقية أو اننا نكرر محاولة جديدة من الوهم.

‘ كاتب فلسطيني