خبر حاول أن تقول ذلك لاسرائيلي -هآرتس

الساعة 10:09 ص|10 ابريل 2014

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: إن أكثر الفلسطينيين ناس يبحثون عن السلام والخير بل يريدون أن يعيشوا مع الاسرائيليين في سلام، لكن الاسرائيليين أو أكثرهم لا يؤمنون بذلك - المصدر).

 

إهتزت السيارة في الطريق الوعرة، فهي طريق ترابية طويلة ويجب الحذر. ولم يساعد ذلك، فقد أصابت عقبة جناح السيارة. كان بُف صغير لا غير. ونظر برهان الى الخلف وقال يجب أن نقف. وكان يمتد خلفنا خط طويل من قطرات الزيت. ومرت لحظة اخرى فسكت المحرك. كنا في

 

طريقنا عائدين من القرية الصغيرة حُمسة في غور الاردن التي هدمت اسرائيل بيوتها في الاسبوع الماضي. وخرج برهان وبسام بشرات وهما من سكان حلة مكحول المجاورة وهي تجمع رُعاة آخر هُدم قبل نصف سنة، خرجا من السيارة وحاولا أن يغطيا ثقب التسريب بقطع النايلون التي وجدوها حولهما، لكن ذلك لم يساعد فبقي الزيت ينسكب. إنها نهاية العالم.

 

وهاتفا كراج مستوطنة بكعوت فلم يجدا هناك وعاء زيت. وهاتفا صاحب كراج من جبتلك فلم يجدا عنده ايضا. انها نهاية العالم. واتقدت الشمس وضربتنا ريح قوية على وجوهنا. وفجأة ظهرت من مكان ما جرافة لأحد سكان حُمسة المهدومة فجر سيارتنا الى الشارع الرئيس ورفض أن يأخذ مالا. وفي عشرات السنوات التي قضيتها في المناطق علقت سيارتي أكثر من مرة ولم يوافق صاحب جرافة قط على أن يأخذ مالا عن عمل تخليصها.

 

إن صحيفة "هآرتس" تشتري سيارات مدرعة من يد ثالثة ورابعة وهي تعلق. وهذا أمر يحدث. فقبل بضعة أشهر علقنا عند مشارف طولكرم قبالة مدخل مخيم اللاجئين نور شمس. وكانت مضخة الماء آنذاك هي التي انسربت. ووقف سائق فلسطيني في طرفة عين ولم تكد تمر دقيقتان حتى كان نصف المخيم قد أحدق بنا يقدم نصائحه. إن نور شمس يعتبر من وجهة نظر الاسرائيليين المغسولي الأدمغة الذين تضربهم المخاوف، يعتبر مكانا خطيرا ومعاديا بصورة خاصة. وجاءت مضخة الماء في غضون نصف ساعة فركبها السائق الفلسطيني ورفض أن يحصل على تعويض.

 

علقت الأديبة ايلانا هلرمان ايضا ذات مرة لبنشر في اطارها في وسط قرية، نُصبت عند مدخلها واحدة من تلك اللافتات الحمراء التي تبث الرعب: "الدخول للاسرائيليين محظور، يعرض حياتهم للخطر وهو مخالفة جنائية". وفي غضون دقائق بدل سكان القرية اطار سيارتها فسارت في طريقها. وكتبت هلرمان عن ذلك في صحيفة "هآرتس" في مقالة عنوانها "الى أين تقود الطرق" 18/7/2013. ومضت مع صديقاتها الفعالات بعد ذلك لتغطي لافتات التحذير الحمراء بكتابة: "أيها الاسرائيليون لا تخافوا. ارفضوا أن تكونوا أعداءً".

 

سواء أكنا أعداءً أم لا، نحن الآن عالقون في الشارع 358، دون زيت ودون محرك. "أيها الزبون العزيز، بعد الحديث بيننا سيُرسل اليك جرار للعلاج. أخرج من فضلك الاشياء الثمينة من سيارتك. نحن نبذل أقصى الجهد لتقصير وقت الوصول". وكانت ثلاث ساعات. ومرت سيارات مستوطنين وسيارات عسكرية ولم يفكر أحد في الوقوف. وفجأة وقفت جرافة فلسطينية اخرى تنقل الغنم. وقد هدموا للسائق بيته ايضا. فسأل: أتريدون ماء؟.

 

وعاد بعد نصف ساعة دون الغنم لكن مع طعام من الخيار والبندورة وكل ذلك "بلدي"، وجبن ضأن رائع ايضا وخبز من الطابون. "أعدته زوجتي لكم"، قال في شعور بالحرج وانصرف. ولم يعلم من نحن بل علم فقط أننا اسرائيليون ومن المؤكد أنه ظن أننا من مستوطني الغور فهم وحدهم تقريبا الذين يسافرون في هذا الشارع اللعين الذي أقامت اسرائيل تلة ترابية على طوله لمنع دخول المزارعين الفلسطينيين ولخنق حياتهم.

 

وكانت نهاية طيبة وأصبح كل شيء طيبا – فقد خفت الحرارة قليلا وجاء الجرار. لكننا بقينا مع الافكار. لماذا يهبون دائما لمساعدتنا في هذا السخاء دون أن يعلموا من نحن سوى أننا اسرائيليون؟ أهذا لا سمح الله استخذاء للمحتل أم هو طيبة قلب طبيعية؟ وكيف يستوي ذلك مع التحذيرات والمخاوف التي يُغذى الاسرائيليون بها؟ علمتني سنواتي في المناطق أن أكثر الفلسطينيين العاديين هم ناس باحثون عن الخير يريدون أن يعيشوا مع الاسرائيليين في سلام. لكن حاول أن تقول ذلك لاسرائيلي، فسيبدو له ذلك هاذيا،كما يقولون له إن جراره "سيبذل أقصى الجهد لتقصير وقت الوصول".