خبر محور موسكو – رام الله -يديعوت

الساعة 08:40 ص|06 ابريل 2014

الحلف الجديد

بقلم: سيفر بلوتسكر

(المضمون: يمكن لوزير الخارجية الامريكي جون كيري اليوم ان يهدد الفلسطينيين (واسرائيل) بان امريكا ستسحب يدها من المحاولة والجهد لاقرار حل للنزاع. اما غدا فان

الفلسطينيين هم الذين سيهددون كيري (واسرائيل) بدعوة روسيا كشريك وكوسيط الى طاولة المباحثات - المصدر).

 

أوقفت السلطة الفلسطينية هذا الاسبوع (حتى اشعار آخر) المحادثات مع اسرائيل ومع الولايات المتحدة. هذا هو التعريف السليم للقرارات السياسية التي اتخذتها القيادة الفلسطينية وأدت الى تفجير المفاوضات. ومع أن حكومة نتنياهو سوفت وتلعثمت في مواجهة مبادرات وزير الخارجية الامريكي جون كيري، ولكن (باغلبيتها) لم ترغب في وقف الحديث – وان كان فقط لان الاحاديث تمنع انفجار شعبي آخر على نمط الانتفاضة. وكذا لان الامريكيين طلبوا منا ذلك. طلبوا على نحو جميل وعلى نحو غير جميل.

 

لقد كانت الفرضية الاسرائيلية الخفية هي أن القيادة السياسية الفلسطينية هي الاخرى لم تتجرأ على عصيان الولايات المتحدة؛ وأنها تستعرض العضلات فقط؛ وأنها مستعدة للسير على الحافة دون أن تجتازها. وبدا حساب الكلفة – المنفعة الفلسطيني من القدس بسيطا نسبيا: استمرار المساعدة والاسناد من الولايات المتحدة اذا ما استمرت المحادثات، ضرر اقتصادي وعزلة سياسية اذا توقفت. من هنا نشأ الاستنتاج بان الفلسطينيين يسعون الى صفقة جديدة من أجل "تحسين المواقف". وبغير عادته لم يرد نتنياهو ردا باتا امكانية صفقة ثلاثية الاطراف كهذه. بل انه طرح اقتراحات عملية لبلورتها.

 

ولكن في لحظة الحسم، بصق الفلسطينيون الى هذا الحد او ذاك على وجه أمريكا. فهل جن جنونهم؟ هل فقدوا عقولهم؟ الا يفهمون بان ليس لديهم، في العالم العربي المفكك اليوم، اي صديق حقيقي يعتمدون عليه؟ فما بالك بان ليس لهم مؤيدون هامون خارج المجال الشرق اوسطي.

 

ولعله يوجد لهم: انظروا رجاء الى اتجاه روسيا. تحصل هناك أمور غير متوقعة. فقد حشدت روسيا قوة عسكرية كبيرة على طول حدودها مع اوكرانيا وهي قادرة، بتقدير قادة الناتو، على اجتياحها بأمر من نصف يوم. ويبدو الرئيس بوتين كمن يبحث عن الذريعة السليمة لذلك:

 

الكرملين يدير حملة دعائية وخارجية كاذبة لم يسبق لها مثيل منذ ثلاثين سنة على الاقل. وتستهدف الحملة الاثبات بان الحكومة الحالية في اوكرانيا فاشية، مؤيدة للغرب وتضطهد أبناء الاقلية الروسية لدرجة تعريض حياتهم للخطر. وبالمقابل، تنشر الحكومة في كييف وثائق تثبت، على حد قولها، دور الاجهزة السرية الروسية في قيادة وحدة تفريق المظاهرات التي أطلق ضباطها النار على المتظاهرين في ميدان مايدن وقتلوا العديد من العشرات. وتتصاعد المواجهة ونحو خطوة تفصلها عن التدهور الى العنف.

 

في هذه الظروف من الطبيعي أن يكون الكرملين معني بتوسيع دائرة الاصدقاء العالميين (الضيقة جدا) له، وان الفلسطينيين معنيون، بمن يعطي رعاية بديلة، بصديق قوي، مصداق وذي جيوب عميقة. ويبدو استئناف الحلف الاستراتيجي الروسي – الفلسطيني بالتالي كخطوة سياسية ودبلوماسية لازمة تخدم الطرفين جيدا.

 

من زاوية نظر استراتيجية روسية تعتبر السلطة الفلسطينية كرأس جسر مثالي الى العالم العربي كمقاتلة ضد الاسلام المتطرف والمتزمت التي تعتبره روسيا ايضا كعدو. بعض من قادة م.ت.ف درسوا في الجامعات السوفييتية، يفهمون الروسية والشركاء في رأي بوتين بان تفكيك الاتحاد السوفييتي كان "المصيبة السياسية الاكبر في القرن العشرين". من زاوية نظر فلسطينية، فان مصداقية روسيا كقوة عظمى لا تهجر رعاياها ثبتت على نحو ظاهر في موقفها من نظام الاسد في سوريا. وفي رام الله واثقون من أن روسيا يمكنها أن تقر في غضون ساعات مساعدة طارئة اقتصادية بحجم مالي لا تستطيع الولايات المتحدة اقراره بأي شكل من الاشكال. والمندوب الروسي في الامم المتحدة سيؤيد رفع مستوى مكانة فلسطين في المنظمة، بينما مندوبة الولايات المتحدة ستعارض. و "الدوما" الروسي في موسكو يعطف عليهم، بينما الكونغرس في واشنطن معادٍ.

 

هذا إذن لقاء مصالح مثالي. وتحققه سيغير ميزان القوى في منطقتنا. يمكن لوزير الخارجية الامريكي جون كيري اليوم ان يهدد الفلسطينيين (واسرائيل) بان امريكا ستسحب يدها من المحاولة والجهد لاقرار حل للنزاع. اما غدا فان الفلسطينيين هم الذين سيهددون كيري (واسرائيل) بدعوة روسيا كشريك وكوسيط الى طاولة المباحثات.

 

ومن يدري، فلعلها اجمالا ستكون وسيطا أكثر نجاحا.