خبر في ذكرى معركة جنين: الشهادة والانتصار...كتب: هيثم أبو الغزلان

الساعة 03:41 م|04 ابريل 2014

حين يتعانق الوجد مع دعاء الفجر في يوم ماطرٍ، تطهُر الأرواح، وتهطُل المنايا، وتنتثر الأشواك؛ ولكن لن تتجرّد الأغصان من أوراق الربيع، ولن تنكسر أشرعة الروح!


حين سكنت الغربان الأرض، وتهاوى البعض كما تهاوت الأصنام، أراد البعض أن يعبث خلسة بالأمل.. أن يقطع شجر الزيتون والصنوبر المغروس بالرُّوح، الممتد إلى الشمس اللاهبة، لكنّه ما عَرِف أنّه يعمل المستحيل... المستحيل!

حين اخترق الجَسدَ الرصاصُ، ثرثر الواشون، حاولوا تلقُّفَ قوس القزح، وتجريد الأغصان من أوراقها الربيعية، أن يقتلوا أسراب الطيور القادمة محلّقة أسراباً أسراباً، تَعْبُرُ حُلكةَ الليل لتسكن قلب النهار...

حين توشَّحَ السّوادُ سواداً، وخبت الصرخات، وسارت السّبايا أمام عيون الغريب، فلا السيف نطق، ولا أسمعت الكلمات من به صمم. وداست الخيول الرقاب، وتهاوت القلوب بفأس إبراهيم «عليه السلام»، هناك هُتِكت سواتر الدجى، وأورق الجرح دموعاً ذرفتها حُرْقّةُ القلوب الثكلى... هناك هبّت جياد أصيلة عَدَت، كسرت طوق الغربان، ونثرت في أعماق الليل رماحاً غائرة موشَّحة بالأحمر القاني حدود الوطن، فتهاوى المستحيل أمام نَصْلِ سِكّين الفارس الذي أَسْرَجَ الخيل وأقسم أن بلادي لن تركع، وأن عروق الفجر لن تذوي، وأن أشرعة القادمين تروي طُهْرَ الأرض بسيوف خرجت من أغمادها تعانق المنايا وترنو لانبجاس الفجر مع أرواح متحررة في حواصل طير خضر، وبسواعد تلقف إفك الغاصبين...


تُبحر جراحاتنا في غياهب الزمن أحلاماً نديّة، وروحاً مشرقة، تَسْكُنُ شغاف القلب، فيلثُمُ ثغري صباح الفجر عند ولادة الشهداء، وموت ليل الهزيمة بالعشق المبثوث فرحاً ورصاصاً وأجساداً متفجرة، تحكي سِفْر الخلود من رحلة الصمت المفجوع من أول الألم حتى لحظة الانتصار القادم...