خبر مسيرة الفساد -يديعوت

الساعة 10:27 ص|01 ابريل 2014

بقلم: سيما كدمون

(المضمون: أظهر حكم القاضي روزان أمس مبلغ ما علق بالقيادة العليا الاسرائيلية من فساد - المصدر).

 

عرف ملايين من مواطني اسرائيل والكثرة الغالبة منهم ناس مستقيمون، لأول مرة أمس المعنى الأعمق لعبارة العلاقة بين المال والسلطة، وتبين لهم أنه ليس للاحتيال والخداع والفساد سقف زجاجي.

 

رعد في يوم صاف، كان هذا هو الشعور أمس عند قراءة الحكم في المحكمة اللوائية، وهناك من سيقولون إنه رعد في يوم عاصف لأنه بعد الكثير من محاكمات رجال الحياة العامة، كان يفترض أن نكون مستعدين. فقد أُدين واحدا بعد آخر ساسة ورجال اعمال من الصف الاول بأثقل التهم. والناس الذين كنا نميل الى اعتقاد أنهم يملكون كل شيء – من المال الى المنزلة الجليلة – وسخوا أيديهم مثل أدنى المجرمين. إن القاضي الذي بت مصيرهم أمس لم يُراعهم ولم يُراعنا فقد أخذنا الى دورة افتراضية 63 درجة في عالم غامض؛ عالم مبادرين واصحاب مال ورجال حياة عامة ومُعطي رشوة وآخذيها؛ ناس كان يفترض أن يخدموا الجمهور على أفضل وجه ولم يفكروا إلا في مصلحتهم؛ ناس استغلوا مكانتهم العامة لتحسين وضعهم الشخصي؛ ناس نظروا الى بياض عين الفساد ولم يغضوا أبصارهم.

 

وهذا، كما قال لنا القاضي روزان، هو الواقع الذي نعيش فيه.

 

ولهذا لا يمكن ألا نبالغ في الزعزعة والصدمة الحقيقية الأصيلة التي أصابت قطاعا واسعا أمس من الجمهور الاسرائيلي. أما اولئك الذين شعروا فقط بالشماتة ولم يجربوا حزنا وشعورا باضاعة الطريق، مع تخفف بل مع فخر لتنظيف الاسطبلات – لا يدركون حتى النهاية قوة الزلزال الذي حدث هنا.

 

ولا يعني ذلك أننا ساذجين، فالدولة التي طرحت في السجن رئيسا ووزير مالية، والتي أصبح الفساد منذ زمن عفنا في أكثر اعضائها أهمية، ما كان يفترض أن تكون متفاجئة. ومع كل ذلك فان رؤية رئيس وزراء سابق كان يقصده قبل سنة كبار الساسة ليطلبوا اليه أن ينافس مرة اخرى في رئاسة الوزراء وطُلب اليه الآن أن يودع جواز سفره مثل أحط المجرمين، أمر لا يمكن أن يتم التحول عنه الى نظام الحياة العادي. إنه اهود اولمرت الرجل الذي صاحبناه منذ ايامه الاولى في السياسة، ومنذ الفترة التي حارب فيها الفساد بلا هوادة، مرورا بمحطات حياته ومناصبه ومحاكماته. وقد أصبح دخان السجائر والرائحة الثمينة التي لفته على مر السنين، أصبح غمامة شبهات واتهامات. وهناك من يرون ما حدث له اشارة خفية الى ما حدث للدولة التي هي دولة شجاعة وقديرة وطالبة للخير، تحولت على مر السنين الى مغرورة منتشية بالقوة.

 

إن مسيرة المتهمين التي مرت أمس عند القاضي روزان هي خليط يثير القشعريرة من رؤساء بلدية سابقين واصحاب مشروعات واصحاب اعمال وموظفين ذوي مناصب عليا، زادت في الشعور بالفظاعة فقط. ويبدو أن النيابة العامة التي تحدثت في بداية الامر عن أخطر قضية فساد في تاريخ الدولة لم تكن مبالغة. فما العجب اذا من أن يثير حكم أمس الافكار.

 

بعد ايام من التأمل والتخمين والتكهن بما ستطلبه النيابة العامة وما سيستقر عليه رأي القاضي، وبعد كشوف لم نر مثلها عن خيانة واكاذيب واشرطة مسجلة وقذف باتهامات – أعلنت المحكمة الاتجاه. وربما كان العالمون بالمجال القضائي يستطيعون أن يتعرفوا على المسار بحسب ردود روزان على طلب النيابة العامة في شأن تأجيل بت القرار بعقب الصفقة القضائية مع شولا زاكين. لكن يبدو أنه حتى اصحاب التجربة لم يحزروا قوة الحكم وصداه في الحياة العامة الاسرائيلية. إن الشخص الذي يعلم الاسرار الامنية الاكثر سرية لدولة اسرائيل، والذي ينتمي الى مجموعة مميزة ضيقة جدا تعرف الرمز الشيفري للحقيبة مع الزر الذري، قد يمكث سنوات كثيرة في السجن. فهل سيمضي الى هناك مصحوبا بحراس؟ ومن سيحرس اولئك الذين كان يفترض أن يحرسونا؟.

 

الى أين وصلنا. هذا ما شعر به أمس ناس كثيرون. وأية دولة أصبحنا. وأيهما يغلب: الفساد الذي علق بالقيادة العليا أم صورة مواجهتنا إياه.

 

سيأتي يوم وأقول ما في قلبي – هكذا لخصت شولا زاكين اليوم الاكثر دراماتيكية في حياتها وفي حياة "الرجل الذي سجدت له"، كما شخص القاضي روزان بدقة.

 

لكن ماذا يهمنا ما يوجد في قلبها. ماذا عن قلوبنا نحن؟