خبر أوباما يؤكد أهمية العلاقات مع السعودية فى محادثاته مع الملك عبد الله

الساعة 06:35 م|28 مارس 2014

وكالات

قال البيت الأبيض فى بيان إن الرئيس الأمريكى باراك أوباما أكد على الأهمية التى توليها الولايات المتحدة "لعلاقاتها القوية" مع السعودية خلال المحادثات التى أجراها مع الملك عبد الله اليوم، الجمعة.

وأضاف أن واشنطن والرياض تعملان سويا على عدد من القضايا الثنائية والإقليمية المهمة ومن بينها حل "الأزمة فى سوريا ومنع إيران من امتلاك سلاح نووى وجهود مكافحة الإرهاب لمكافحة التطرف ودعم المفاوضات التى تستهدف تحقيق السلام فى الشرق الأوسط".

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت اليوم الجمعة تحقيقاً عن العلاقات السعودية الاميركية كتبه مراسلها في القاهرة ديفيد كيركباتريك بمناسبة زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما الى الرياض ابتداءً من اليوم يلقى فيه الاضواء على المشكلات والخلافات التي تعتور العلاقات بين هذين البلدين المرتبطين بصداقة قديمة ووثيقة. وهنا نص التحقيق:

"اقامت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ائتلافا استراتيجيا على مدى سبعة عقود اصبح العمود الفقري للنظام الاقليمي: ديمقراطية ليبرالية وملكية مطلقة توحد بينهما مصالح مشتركة في استقرار الشرق الاوسط واستمرار تدفق النفط.

ومع وصول الرئيس الاميركي باراك اوباما اليوم الجمعة الى الرياض، فان اصحاب الكلمة في السعودية يقولون انهم يشعرون بتزايد الاندفاع لتنفيذ اسلوبهم الخاص، وذلك بمتابعة حثيثة لاستراتيجيات مختلفة عن تلك التي تتبعها واشنطن في التعامل مع ايران وسوريا ومصر ودور الاخوان المسلمين في المنطقة.

وقال مصطفى علاني، المحلل في مركز ابحاث الخليج ومقره جنيف المقرب من العائلة الملكية السعودية، ان "وجهة نظرهم تجاه اوباما هي ان كل مفاهيمه تجانب الصواب. ثم ان الثقة فيه ليست عميقة، وعليه فانه لن يجد الطريق امامه سهلة وميسرة، وسيوضع على مائدة البحث الكثير من الاسئلة الصعبة".

كان قادة المملكة السعودية يفضلون دوما اسلوب التعامل الهادئ من خلف ستار في ما يتعلق بالعلاقات الدولية. ويميلون الى استخدام ثروة نفطهم لبسط النفوذ من وراء حجاب، بينما تقف في الخط الامامي دول حليفة مثل مصر والولايات المتحدة. الا ان الولايات المتحدة قلصت من دورها العسكري في المنطقة بعد حرب العراق، وانهمكت مصر في دوامة شؤونها الداخلية منذ الربيع العربي.

ويقول مسؤولون في المملكة السعودية ان ذلك اجبرهم على الانطلاق في مسيرتهم الخاصة، ومحاولة احتواء ايران، واقصاء الرئيس السوري بشار الاسد ودعم الحكومة التي تولت الامور في مصر بدعم من الجيش.

اما بالنسبة الى اوباما فان الموقف السعودي يظل مصدر قلق رئيسي بينما هو يحيك سياسة تجاه سوريا وايران. ومن الاهداف المركزية لزيارته اعادة تطمين المملكة الى ان التزام واشنطن بامنها لن يكون موضع شك خلال المفاوضات مع ايران بشأن رفع العقوبات مقابل شروط تفرض على برنامجها النووي.

وفي مصر احتلت السعودية مكان الولايات المتحدة باعتبارها المتبرع الرئيسي للقاهرة، جنبا الى جنب مع الامارات العربية المتحدة. وهو ما يوفر للعائلتين المالكتين نفوذا واسعا في مصر، التي كانت في وقت من الاوقات حليفا عربيا رئيسيا اخر لواشنطن. واستفاد السعوديون بالفعل من استخدام هذا النفوذ لمنافسة السياسة الاميركية. لقد ساعدت الرياض في اقصاء الجيش للاخوان المسلمين عن السلطة وما تبع ذلك من اجراءات متشددة على اتباعهم، بينما حاول الدبلوماسيون الاميركيون عبثا تحاشي حدوث الامرين.

وتأمل ادارة اوباما الان في اقناع المملكة السعودية باستخدام نفوذها الكبير في القاهرة لاقناع الحكومة هناك بكبح اعمال القمع ضد المعارضة وان تبدأ في انعاش اقتصادها، وهي الصيغة الغربية لاستعادة الاستقرار.

وقال مسؤول في الادارة الاميركية مشترطا عدم الكشف عن هويته في الحديث عن زيارة اوباما المقبلة ان "السعوديين يدركون ان الحكومة المصرية الموقتة تجاوزت الحد في الاجراءات المتشددة ضد الاخوان المسلمين. ويدرك السعوديون ان المصريين تخطوا الحدود بالحملة على الصحافيين والمعارضين العلمانيين ومستخدمي السفارات الاجنبية، وغيرهم".

وبعد ان ساندوا اقصاء الرئيس المصري الاخواني محمد مرسي، سار السعوديون في مقدمة الحملة ضد الاخوان في انحاء المنطقة.

وقال مسؤول سعودي سابق مقرب من العائلة الملكية "انها حرب. فهم يرون في الاخوان المسلمين مصدر تهديد لبقائهم، وهناك من الناس من يعتقدون ان بالامكان استئصال الاخوان من جميع ارجاء المنطقة".

دفعت المملكة السعودية والامارات الى جانب الكويت اكثر من 15 مليار دولار على شكل معونة وقروض لمصر. وفي الاسابيع الاخيرة اعلنت شركة انشاءات على علاقة بحكومة الامارات عن خطط للاشتراك مع الجيش المصري في بناء في مساكن جديدة في مصر بتكلفة تتجاوز 40 مليار دولار.

ويعمل عبد الفتاح السيسي، المشير الذي عزل الرئيس المنتخب، على ان يخلفه، وقد اعلن عن مشروع الاسكان للشعب المصري عشية اعلان نيته خوض معركة الرئاسة. كما ارسلت الامارات سلطان احمد الجابر، الوزير في حكومتها، لقضاء معظم وقته في القاهرة لمساعدة الحكومة المصرية في اقتصادها.

قام السعوديون لبعض الوقت بتمويل الجهاديين خارج اراضيهم عندما كانوا يخدمون اغراضها، في افغانستان خلال ثمانينات القرن الماضي مثلا وفي سوريا في الوقت الحالي. غير ان العائلة الملكية السعودية التي تستمد شرعيتها من مذهب السلفية المتحفظ بعمق، تخشى منذ مدة طويلة جماعة الاخوان المسلمين بسبب عقيدتها الدينية وسياساتها المنافسة ونفوها في التنظيم السياسي. وفي اغلب الاحيان فان المسؤولين السعوديين ينقلون عن الامير (الراحل) نايف بن عبد العزيز ال سعود، وزير الداخلية السعودية لفترة طويلة، قوله ان "كل المشاكل تأتي من الاخوان المسلمين"، وقال ايضا ان الجماعة "دمرت العالم العربي".

غير ان الدعم المفتوح لعزل الاخوان المسلمين له مخاطره ايضا. فالاستيلاء على السلطة والحملة المتشددة اشعلت مشاعر الامتعاض بين رجال دين سعوديين متعاطفين مع الاخوان. وفي انحاء المنطقة فان السعودية "تخسر اصدقاء من اليسار واليمين" حسب قول فريدريك ويهري، البروفيسور في معهد كارنيغي للسلم العالمي.

وقال روبرت جوردان، سفير الولايات المتحدة سابقا لدى المملكة السعودية، ان "على القادة العسكريين ان يثبتوا ان بامكانهم حكم البلاد بصورة اكثر فاعلية مما فعله الاخوان، وهذا يثير مشاعر قلق كبير لدى السعوديين من امكان ان ينطلق هؤلاء القادة من عنق الزجاجة ايضا".

ويقول صحافيون سعوديون ان وسائل الاعلام الخاضعة لسيطرة الحكومة تدافع عن حكومة مصر المدعومة من الجيش اكثر مما تدافع عن العائلة الملكية. وعندما اعلن طبيب في الجيش المصري في الآونة الاخيرة ان الجيش اكتشف علاجاً لمرض فقدان المناعة المكتسب (ايدز) والتهاب الكبد "سي"، على سبيل المثال، اهتز باقي العالم العربي بالسخرية. لكن مصادر الاخبار السعودية تجاهلت الفضيحة بصورة تامة تقريباً.

وفي الشهر الماضي، اعلنت المملكة العربية السعودية ان الانتماء لجماعة الاخوان المسلمين امر ممنوع يعاقب عليه القانون وصنفتها منظمةً ارهابية على قدم المساواة مع "القاعدة".

واصدرت وزارة داخليتها قانوناً جديداً يفرض عقوبات شديدة على السعوديين الذين ينضمون للقتال في سورية خشية ان يعودوا من هناك وقد صاروا متطرفين متشددين. ولمعاقبة قطر المجاورة على دعمها لـ"الاخوان"، قاد الملك عبد الله السحب المنسق من قطر لسفيره وسفراء الامارات العربية المتحدة والبحرين ومصر.

وفي اجتماع خاص لقادة الامن العرب في فندق "فور سيزونز" في مدينة مراكش في المغرب قبل اسبوعين طلب وزير الداخلية السعودي من كل بلد عربي حظر الاخوان المسلمين، وقوبل ذلك بمعارضة ساخنة، وفقاً لمسؤولين من بلدان عدة جرى اطلاعهم على ما جرى في الاجتماع. وتعتبر الاحزاب المنحازة الى الاخوان المسلمين اجزاء مقبولة من المؤسسة السياسية في قسم كبير من العالم العربي.

والقادة السعوديون مغتاظون اصلاً من الرئيس اوباما لعدم القائه بجبروت اميركا العسكري وراء حرب بالوكالة مع طهران في سورية التي يرسل اليها السعوديون اموالاً واسلحة لدعم المتمردين الذين يشكل السنة غالبيتهم. وقد ذهل السعوديون العام الماضي عندما غير الرئيس اوباما اتجاه سيره في الدقيقة الاخيرة بالغائه ضربات الصواريخ ضد حكومة الأسد لاستخدامها اسلحة كيماوية.

واختار الرئيس اوباما بدلاً من ذلك صفقةً يسلم الرئيس الاسد بموجبها الاسلحة (الكيماوية)، ثم وقف يتفرج بينما قامت الحكومة السورية بدحر المتمردين باستخدام القوة التقليدية.

وكتب فيصل عباس، وهو معلق في قناة "العربية" التلفزيونية التي يملكها السعوديون في عامودٍ هذا الاسبوع متهماً الرئيس (اوباما) بـ"مودة جديدة" للايرانيين ووصف ذلك بانه "جوهر المشكلة" في علاقاته مع السعوديين.

لكن ادارة اوباما ما زالت تأمل بمساعدة السعودية بشأن مصر. وقال المسؤول في الادارة "ان السعوديين ايضاً ليس لديهم النية او الميل الى تعويم الاقتصاد المصري للابد"، ولذك فان عليها (مصر) ان تعيد هيكلة اقتصادها. واضاف: "السعوديون يدركون ايضاً ان هذا لن يحدث اذا استمر المناخ السياسي الحالي".