خبر المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية: جهود أميركية للتمديد وتجنب الانهيار .. حلمي موسى

الساعة 06:14 ص|28 مارس 2014

يتزايد الإحباط في صفوف الإدارة الأميركية من احتمال تحقيق اختراق على صعيد التوصل لاتفاق إطار بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية. فلقاءات وزير الخارجية جون كيري مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في العاصمة الأردنية عمان لم تفلح في دفع الأخير لتغيير مواقفه من اتفاقية الإطار خصوصا أنه خرج من القمة العربية في الكويت بتعهدات دعم سياسي ومالي تقلل من مخاطر الابتزاز الأميركي. وتتجه الجهود الأميركية الحالية نحو منع انهيار المفاوضات عبر الاتفاق على تمديدها وحسب من دون الاتفاق على اتفاقية إطار.

لكن الاشتراطات الفلسطينية والإسرائيلية لتمديد المفاوضات تصطدم بعقبات كبيرة. إذ يصر الفلسطينيون على أن لا تمديد من دون تجميد الاستيطان والإفراج عن دفعة كبيرة من المعتقلين الفلسطينيين القدامى وذوي النفوذ القيادي. لكن إسرائيل ترفض حتى الإفراج عن الدفعة الرابعة من معتقلي ما قبل أوسلو المتفق بشأن الإفراج عنهم في إطار مهلة المفاوضات الأولى لتسعة شهور، والتي تنتهي الشهر المقبل، قبل الاتفاق على تمديد المفاوضات. وأضافت إسرائيل إلى هذا الشرط تعقيدا إضافيا بربط الإفراج عن الجاسوس الأميركي لصالحها جونثان بولارد وهو ما رفضته الإدارة الأميركية مرارا وتكرارا.

وبدا أن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني دخلا دوامة الاشتراطات المتناقضة التي تجعل حتى فكرة التمديد ذاتها مهمة صعبة في ضوء تصريحات من قيادات الطرفين تجعل التراجع صعبا. وبرغم أنّ كل الأطراف، إسرائيل والفلسطينيين والإدارة الأميركية، معنية بالتمديد لتجنب تعقيدات إعلان انهيار المفاوضات في هذه الظروف إلا انها لا تحاول بجدية تسهيل التوصل للتمديد. وتنبع مصلحة الأطراف في التمديد من حقيقة أن بعض بنود اتفاق الإطار الأميركية مرفوضة جوهريا من جانب الطرفين المستفيدين واقعيا من إدارة لعبة المفاوضات كل لأسبابه.

وتقريبا، يشهد كل المتابعين للجهد الأميركي على استحالة أن تقود جهود كيري إلى اتفاق إطار بعد إصرار إسرائيل على شرط يهودية الدولة وإصرار الفلسطينيين على رفضها. كما أن هناك الرفض الفلسطيني لعدم إدراج القدس الشرقية بشكل صريح كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية وإصرار إسرائيل على عدم إدراجها بأي شكل. وعدا ذلك هناك مسألة الحدود والوجود العسكري والأمني الإسرائيلي في غور الأردن وهو ما ترفضه السلطة وتصر عليه إسرائيل. لهذا ترى أميركا أن مصلحتها الراهنة تقتضي عدم إعلان فشل المفاوضات والقول إنها بحاجة إلى وقت إضافي بحدود عام.

فالمفاوضات تمنح السلطة الفلسطينية فرصة تجنب خوض معركة كسر عظم في المحافل الدولية ليس ضد إسرائيل وإنما أيضا ضد الإدارة الأميركية التي لا تزال تشكل ركيزة هامة في منع التوغل الإسرائيلي داخل الأراضي المحتلة. كما أنها غير معنية بالصدام مع الإدارة الأميركية خشية فقدان دعمها وحثها للاتحاد الأوروبي بل لبعض الدول العربية لتقديم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية. ولا يقل أهمية عن كل ذلك أن السلطة الفلسطينية تخشى من أن تحركا "من طرف واحد" في المحافل الدولية قد يقود إسرائيل إلى تحركات "من طرف واحد" على الأرض في الضفة الغربية تربك السلطة وتقيدها أكثر.

وفي المقابل، فإن المفاوضات تمنح إسرائيل مهلة لعدم الاصطدام بالأسرة الدولية في المحافل العالمية وكذلك تجنب احتمالات انفجار الوضع داخل الضفة الغربية المحتلة. ولا يقل أهمية عن ذلك أنّ استمرار المفاوضات يبقي بعض خيوط الاتصال مفتوحة مع دول عربية معينة في هذا الوضع الإقليمي الحرج الذي يشهد تغييرات جوهرية. وعلى الصعيد الداخلي تبقي المفاوضات الحكومة الإسرائيلية في وضع يسمح لها بإبقاء الجمهور وما تبقى من اليسار تحت السيطرة بأمل أن تقود المفاوضات يوما ما إلى اختراق.

عموما، ازداد الموقف تعقيدا في ظل لقاء كيري بالرئيس عباس في العاصمة الأردنية وبعد اتصاله الهاتفي المطول مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. فقد أعلنت إسرائيل رسميا أنه من دون الاتفاق على تمديد المفاوضات لن يتم الإفراج عن الدفعة الرابعة من المعتقلين المقررة ليوم بعد غد. وهذا يعني أن احتمالات انفجار الموقف باتت وشيكة وهو ما تحاول الإدارة الأميركية بكل ما بوسعها تجنب حدوثه.

وأشارت الصحف الإسرائيلية إلى أن اجتماع كيري مع عباس كان حاسما وأنه بحسب التقديرات حاول كيري إيجاد صيغة تنجح في تمديد المفاوضات ومنع اتخاذ خطوات أحادية الجانب. ونقلت "هآرتس" عن محافل فلسطينية تقديرها بأن المحادثات بين الطرفين ستستمر في الأيام القريبة المقبلة في محاولة للوصول الى نقطة توازن في واحدة من المسألتين الأساسيتين: موافقة إسرائيلية على تجميد البناء في المستوطنات أو تحرير سجناء آخرين وكبار وعلى رأسهم مروان البرغوثي.

وكانت الأوساط الأشد يمينية داخل حكومة نتنياهو قد حثت على تفجير المفاوضات بوضع أسس ذلك. إذ شدد وزير الداخلية، وهو الرجل الثاني في "الليكود"، جدعون ساعر على معارضته أي تجميد للاستيطان مقابل تمديد المفاوضات. وقال "نحن في مرحلة، من أجل تمديد المفاوضات، يطلب الفلسطينيون المزيد والمزيد من التنازلات، لا مكان اليوم لأي تنازلات من طرف واحد". أما وزير الاقتصاد وزعيم "البيت اليهودي" نفتالي بينت فاعتبر أنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس "نسخة متطرفة" عن الرئيس السوري بشار الأسد "موديل 99".