خبر البيغني الجديد- معاريف

الساعة 11:38 ص|14 مارس 2014

ترجمة خاصة

البيغني الجديد- معاريف

 بقلم: شالوم يروشالمي

 (المضمون: نتنياهو يعود الى الليكود. هكذا يتصرف من يرى المسيرة السياسية تنهار امام ناظريه، وخياراته السياسية آخذة في الاختفاء، وحلفاءه الطبيعيين، الاصوليين مثلا، الذين يقسمون باسقاطه وتتويج اسحق بوجي هرتسوغ بدلا منه. خطة لجعل هرتسوغ بيغن جديد محبوب من الجماهير ليعود على رأسهم رئيسا للوزراء في انتخابات 2016 - المصدر).

وقف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم الاربعاء أمام أعضاء الكونغرس وادعى بان الاسرائيليين والفلسطينيين يسجلون هذه الايام أرقاما قياسية في عدم الثقة المتبادلة. ومعنى الأمر أن الورقة الامريكية موضع الحديث تضيع هباء، يرافقها ضجيج عشرات الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة في الايام الاخيرة. ما بدأ باحاديث عن اتفاق نهائي تدهور الى محادثات على اتفاق اطار، وبعد ذلك الى مداولات عن اطار لاتفاق والان ينشغل الجميع على مسودة غير ملزمة، توضع عليها تحفظات وقيود من الطرفين. وحتى نفتالي بينيت، رئيس البيت اليهودي لا يحلم بترك الحكومة بسبب هذه الوثيقة.

أمران جديدان ينكشفان في الايام الاخيرة، الأمر الذي يجسد فقط الفجوة وعدم الثقة المتزايدتين. فرئيس الوزراء نتنياهو لا يعتزم حقا اخلاء اي مستوطنة، على الاقل حسب اقواله. ويتحدث نتنياهو اليوم عن ربط كل المستوطنات، بما فيها المنعزلة، في الكتل الكبرى من خلال طرق، جسور ودروب تضمن أمنها أيضا. اما الفلسطينيون من جهتهم فيسمعون الأقوال ويتصلبون في المواقف. وهم يصرون اليوم على دولة فلسطينية في خطوط 1967 وتبادل للاراضي بمعدل 1.8 في المئة فقط. أما الارض المستبدلة فيسعون الى أن يحصلوا عليها في نطاق اسرائيل، في الممر بين الضفة وغزة، الذي سيكون، كما يطالبون، تحت سيادة فلسطينية حصرية.

أما التعبير السياسي عن هذه الفجوة فيكاد يكون فوريا. بنيامين نتنياهو يعود الى الليكود، وبكل القوة. مساء أمس، اذا لم يطرأ تغيير بسبب الوضع الامني، كان يفترض برئيس الوزراء أن يعقد في بيته اجتماعا لمعظم قادة فروع الليكود. وفي الاسبوع القادم سيدعو الى بيته كل رؤساء البلديات من الحركة. والهدف مزدوج. أولا، يأتي نتنياهو لان يري الليكوديين بانه لا يغادر البيت، لا ينسحب من القبيلة ولا يخطط لاي انفجار سياسي على نمط اريئيل شارون.

ثانيا، يأتي نتنياهو لالحاق الهزيمة بنائب الوزير داني دانون بشكل نهائي. في مؤتمر الليكود التالي، الذي سينعقد على ما يبدو في اثناء هذا الشهر سيصفي قصة ليبرمان بمبادرته. دانون، رئيس مؤتمر الليكود، طالب كما يذكر بالتصويت في المؤتمر في موضوع الربط بين الليكود واسرائيل بيتنا. وسيبادر نتنياهو الى تصويت سري في الصناديق في كل البلاد في هذا الموضوع. معقول الافتراض بان معظم اعضاء المؤتمر سيكونون ضد الربط مع ليبرمان والموضوع سيشطب عن جدول الاعمال. واضافة الى ذلك يتعهد نتنياهو لرؤساء البلديات والفروع بعقد ثلاثة اجتماعات اخرى للمؤتمر في الموضوع السياسي، الاجتماعي والاقتصادي. ويعد أيضا بانه سيشارك فيها جميعها.

باختصار، هذا هي بطاقة عودة نتنياهو الى الليكود. هكذا يتصرف من يرى المسيرة السياسية تنهار امام ناظريه، وخياراته السياسية آخذة في الاختفاء، وحلفاءه الطبيعيين، الاصوليين مثلا، الذين يقسمون باسقاطه وتتويج اسحق بوجي هرتسوغ بدلا منه.

اختبار خُدلة

يوم الجمعة الماضي زار رئيس العمل اسحق بوجي هرتسوغ مدينة اللد. وكانت محطته الاولى في الجولة مخبز آنجل في شارع اليعيزر بن هوركينوس 3. وفي خطة الجولة تقرر لهرتسوغ حديث في بوابة المخبز مع امرأة تدعى خدلة، يستغرق دقيقتين. "خدلة تعمل في محل يوزع شارات دخول للضيوف"، هكذا أُطلع هرتسوغ. "خدلة عربية، معلمة سابقة تركت جهاز التعليم بسبب التآكل. وهي تسكن حي القطار في اللد وتريد أن تأخذنا لزيارة في الحي كي تبسط أمامنا مشاكل سكان اللد العرب".

هرتسوغ، رجل منضبط، وصل بوابة المعمل وتحدث مع خدلة كما طلب منه. في قيادته ابتسموا برضى، مع الحارسة في المحل. فقد نجح هرتسوغ في أن يستنفد مرة اخرى ما هو جيد فيه جدا: الحديث الشخصي، الاهتمام، اللمسة، العطف الذي يكرسه لكل شخص. في غرفة قيادة هرتسوغ في حزب العمل في شارع لاغاردية 55، الذي سنعود اليه، كتبوا على اللوحة: "بوجي يبث دفء شخصيا، أصيلا، يعرض زعامة متوازنة، نشط، مواظب، مجرب وجاء من بيت طيب". شهادة التميز مثل هذه حتى البروفيسور دان شيختمان لم يحصل عليها.

هذه المزايا، كما يتبين، ساعدت هرتسوغ على تسجيل قصة نجاحه الاول منذ انتخب لرئاسة العمل في تشرين الثاني الماضي. فقد ربط هرتسوغ هذا الاسبوع عناصر المعارضة في مظاهرة بديلة مثيرة للانطباع وان كانت موضع خلال برلماني. فقد جمع حوله الاصوليين بكل فصائلهم، العرب بل فروعهم، ميرتس وكديما في غرفة واحدة، كي يثوروا معا ضد اختطاف القوانين الجماعي الذي نفذه الائتلاف.

القصة لم تبدأ اليوم. فقد جلس هرتسوغ في  احاديث طويلة تقريبا مع كل النواب من المعارضة في الاشهر الثلاثة الاخيرة. فقد كرس لهم زمنا وصبرا، سمع أزماتهم وكسب قلوبهم. درس قانون التجنيد بثقوبه. ومع أنه يؤيده، ولكنه عرف كيف يمنح الاصوليين الاحساس بانه معهم ايضا.

لقد عمل هرتسوغ جيدا مع العرب ايضا. الرجل الذي أيد ذات مرة رفع نسبة الحسم فهم بانهم يتجهون هنا نحو اقصاء جماعات سكانية كاملة. وقد ذهب الى نتنياهو ثلاث مرات وحاول الغاء شر القضاء. ذهب ايضا الى رئيس الكنيست يولي ادلشتاين. كلهم القوا به الى افيغدور ليبرمان، المبادر الى القانون. واقترح هرتسوغ على ليبرمان رفع نسبة الحسم على دفعتين. اما ليبرمان فلم يرغب في الاستماع، وأصر على 3.25 في المئة.

ليبرمان لا يريد أن يرى العرب في الكنيست، وربما ايضا خصمه البروفيسور آريه الداد، الذي تنافس في رأس قائمة "قوة لاسرائيل"، مع ميخائيل بن آري وايتمار بن غبير. في الانتخابات الاخيرة حققت هذه القائمة 2 في المئة من الاصوات ولم تجتاز نسبة الحسم، قبل أن ترفع هذا الاسبوع.

 نضج بوجي

مشروع تتويج هرتسوغ كرئيس الوزراء التالي يديره شمعون بطاط. على الطاولة في غرفته الصغيرة في مكاتب حزب العمل في يد الياهو توضع الخطة الاستراتيجية، التي قد تبدو لكل واحد طموحة على نحو ظاهر. ويسمي بطاط خطته: "بي. بي: 30 مقعد لحزب العمل، انتخابات 2016". وحرف ب لا يعزى لرئيس الوزراء الحالي. فهذا خليط بين مناحيم بيغن وبوجي هرتسوغ. بطاط يريد او يجعل هرتسوغ بيغن حديث، من ينجح في أن يرتبط بالناس في الاحياء، في المصانع وفي الاسواق. من يجند العطف من تحت بعد أن ينكشف لمليون شخص في السنتين – ثلاث سنوات القادمة.

أنا لا اقترح الاستخفاف بشمعون بطاط. فهذا أحد الاشخاص الخبراء في الميدان، ضابط في سييرت متكال، ابن 55، سار مع ايهود باراك فترة طويلة واكتوى، ولكنه واصل الى الامام مع سياسيين آخرين وحقق انجازات. في ايلول 2008 وقف بطاط على رأس قيادة شاؤول موفاز، الذي تنافس لاول مرة امام تسيبي لفني على رئاسة كديما. بطاط بدأ بفارق 25 في المئة في الاستطلاعات ونجح في أن يحقق شبه تعادل في صندوق الاقتراع. وحسمت الانتخابات بفضل 431 صوت في صالح لفني. في الانتخابات التمهيدية الاخيرة في العمل وقف بطاط في رأس قيادة هرتسوغ. وهذه المعركة الانتخابية ايضا أدارها بشكل جذري، على عادته. وانتصر هرتسوغ في النهاية على رئيسة الحزب شيلي يحيموفتش، احدث تحولا وأصبح رئيسا للحزب.

ثقة بطاط في السماء، ولا سيما بعد الاحداث الاخيرة. وهذا الاسبوع وزع الاف الكراسات على النشطاء تحت شعار "العمل سينتصر، انتخابات 2016". ويكتب بطاط في المقدمة عن "زعامة مشاركة حيال زعامة منقطعة". وفي الشهر الاخير يبني هيكلا جديدا لحزب العمل يتناسب مع طبيعة هرتسوغ الخاصة. الجميع سيكونون هناك اخوتي ورفاقي، بعد أن يحصلوا على العناق الصحيح، وعندها سيخرجون معا لاحتلال مواقع حددت مسبقا. "لكل عامل يوجد مدير واحد، ولكل مدير توجد خطة، ولكل خطة توجد قيود، كل خطة هي اساس للتغيير"، كتب بطاط على اللوح. بكلمات اخرى: هرتسوغ هو رجل منفتح، مستعد للاستماع، يريد التشاور.

هذا الاسبوع تبين أن هرتسوغ ينضج ايضا بين ليلة وضحاها. فقد أكد الرسائل وشدد نبرة الحديث. وفجأة بدا مختلفا، كشخص اضاف لنفسه طابقا آخر. فقد انكشفت النوازع، وطالت الاظافر وبدأ الشركاء يتعاطون معه بشكل مختلف. ويدعي هرتسوغ بانه لم يحصل اي شيء دراماتيكي وان الزعامة تظهر دوما عنده عندما يقود ساحة ولا ينجر اليها. هكذا كان عندما أصبح وزيرا ناجحا في الحكومة. وبالمناسبة، فقد كان هرتسوغ هذا الاسبوع ذا مضمون. في النهاية كل حديث أداره مع رجال المعارضة عاد فيه الى عهده كمحامٍ. "قولوا هل ستكونون مستعدين للدخول الى ائتلاف معي؟"، سألهم. وبعد لحظة كان سيوقعهم على وثيقة أكثر الزاما من ورقة كيري.

الرب تعرف

هرتسوغ  يعرف بان طريقه لا يزال طويلا. هذا الاسبوع انشغل الجميع في الحلف الناشيء بين اليسار والاصوليين. وقد تحمس كثيرون من الثناء والوعود التي اغدقها درعي على هرتسوغ. وشرح الجميع هناك بان هذا ليس تهكما. فالاصوليون يقسمون بان غضبهم على نتنياهو حقيقي. وأنهم سينتقمون منه على قانون التجنيد وعلى المس بالمخصصات، وباستثناء ذلك لا يهمهم شيء، لا المناطق ولا المستوطنات. "الجمهور الاصولي لن ينسى ابدا من جعل ابناءهم جنائيين"، هدد النائب يعقوب آشر من يهدوت هتوراة في رسالة لنتنياهو. "هل أنت اكثر جسارة من ملك اسبانيا فرنندز الثاني، الذي أراد شطب الهوية اليهودية لشعب اسرائيل بقوة الذراع؟" اضاف وسأل النائب مشولام نهاري من شاس رئيس الوزراء.

ورغم كل شيء يخيل لي ان هرتسوغ هو الوحيد الذي يعرف بانه لا يمكنه أن يعول على الاصوليين. فهم سيتبنونه ويهجرونه واليسار مرات عديدة. وللحقيقة، كاد هذا يحصل هذا الاسبوع. في يوم الثلاثاء، في جلسة كتل المعارضة في قاعة النقب صعدت للحديث النائبة ميراف ميخائيلي من العمل. وقالت "الرب تعرف جيدا ما يفكر به يئير لبيد".

"الرب تعرف؟؟؟"، سأل النواب الاصوليون بذهول، نظروا الواحد الى الاخر، يفكرون بمغادرة القاعة كرجل واحد، مثلما فعلوا مع نتنياهو. وفي اللحظة الاخيرة تنازلوا. فالتمرد على نتنياهو على ما يبدو أهم في هذه اللحظة من هوية الرب.