خبر ذراع حرس الثورة الطويلة - اسرائيل اليوم

الساعة 11:11 ص|14 مارس 2014

ترجمة خاصة

ذراع حرس الثورة الطويلة - اسرائيل اليوم

بقلم: نداف شرغاي

(المضمون: كشف عن الصلة الوثيقة بين ايران والجهاد الاسلامي وحماس في غزة إذ تدأب ايران في تعزيز قدرة هاتين المنظمتين خاصة لاعادة بناء قدرتهما على ردع اسرائيل بعد عملية عمود السحاب - المصدر).

إستمع كفير روزان في الاسبوع الماضي الى تقارير عن ضبط سفينة السلاح كلوز سي، وخفق قلبه بشدة، واستمع الى بيان المحللين لقدرات صواريخ إم 302 التي كشف عنها تحت اكياس الاسمنت في بطن السفينة، وعاودته دفعة واحدة المناظر ورائحة الاحتراق والهدوء الفظيع بعد اصابة صاروخ فجر 5 لبيته في ريشون لتسيون في تشرين الثاني 2012. أطلقت 1506 قذائف صاروخية على اسرائيل في تلك الايام في اثناء عملية "عمود السحاب" في غزة. واعترضت منظومة القبة الحديدية 421 منها فقط. وفي 20 تشرين الثاني وكان اليوم السابع من العملية سمعت صافرة الانذار في ريشون لتسيون. وخرج روزان بدل أن يدخل المنطقة الآمنة الى الشرفة ليشاهد اعتراض منظومة القبة الحديدية لكن الاعتراض لم يحدث. واصابت قذيفة فجر 5 الصاروخية التي تحمل رأسا متفجرا وزنه 90 كغم، اصابت اصابة مباشرة بيت السكن الذي كان يعيش فيه 70 شخصا وحولت جزءً منه الى معجون من الاسمنت والحديد. ويقول روزان متذكرا: "شعرت بموجة حر تمر بالقرب من كتفي. وأعلم اليوم أن ذلك كان الصاروخ. بعد ذلك حدث صوت انفجار ضخم وسقط علينا من الطابق الاعلى مطر حجارة وغبار فنزلنا الى اسفل. ولم نعرف مبنانا الذي تحول جزء منه الى انقاض وكأن شخصا ما نقل صورة من قصف لندن الشهير قبل سنين كثيرة".

تم ترميم المبنى لكن الصدمة جعلت روزان ينتقل الى شقة اخرى. وحينما تحدث الينا هذا الاسبوع قال: "ليحفظنا الله، لأنه اذا كانت قذيفة صاروخية تحمل رأسا متفجرا وزنه 90 كغم قد نقضت مبنى في ريشون لتسيون نقضا تاما فلا أريد أن افكر فيما يفعله صاروخ يحمل رأسا متفجرا يبلغ 170 كغم من الطراز الذي كشف الجيش الاسرائيلي عنه في كلوز سي. إنه حظ، حظ كبير".

بيد أن اسرائيل تعلم ما الذي تستطيع فعله صواريخ تحمل رؤوسا تبلغ 170 كغم لأنها "ذاقت" بعضها. ففي حرب لبنان الثانية في صيف 2006 اصابت هذه الصواريخ الخضيرة والعفولة وحيفا وخلفت دمارا عظيما وجرحى. وتذكر ش. ايضا وهو أحد المقاتلين الذين ضبطوا في آذار 2011 سفينة الشحن فيكتوريا على بعد 200 ميل غربي سواحل اسرائيل، ما كان حينما سمع بضبط كلوز سي. كانت قد أخفيت آنذاك في بطن السفينة صواريخ سي 704 من صنع ايران وهي صواريخ ساحل – بحر، وراء اكياس قطن مضغوط وعدس.

استعملت ايران على مر السنين طرقا مختلفة في محاولة لاخفاء وسائل التدمير التي تحاول نقلها الى المنظمات الارهابية في الجنوب. وحينما هُربت الى غزة القذائف الصاروخية غراد 122 ملم، اهتم الايرانيون بتركيب محركاتها من اربعة اجزاء لتسهيل اخفائها.

تنكر ايران الآن أنها هي التي تقف وراء السلاح الذي ضبط في كلوز سي. ويعيش العالم ايضا نوعا من الانكار، فهو يغمض عينيه ويتجاهل الحقائق التي تم الكشف عنها. بل إن عددا من وسائل الاعلام في هذا البلد تحاول التقليل من أهمية الحدث.

لهذا ليس من الفضول أن نتعمق في المواد الكثيرة التي جمعها في السنوات الاخيرة العاملون في مركز المعلومات للاستخبارات والارهاب عن العلاقة بين اسرائيل ومنظمات الارهاب الفلسطينية في غزة بعامة، ومنظمة الجهاد الاسلامي بخاصة. وقد أعيد انعاش هذه المواد في هذا الاسبوع ويتم الاهتمام بها اهتماما كبيرا في الوقت الحالي. إن مركز المعلومات هو قناة نشر مستقلة نصف رسمية تكشف عن حقائق ومعطيات يصعب نشرها رسميا.

يدل تقرير المركز الاخير عن المساعدة الايرانية للمنظمات الارهابية الفلسطينية بتفصيل كبير على ما أثبته ضبط سفينة كلوز سي وهو أن ايران هي التي تقف وراء زيادة قوة حماس والجهاد الاسلامي العسكرية. وايران هي التي تسعى على الدوام في اعادة بناء قدرتهما العسكرية بعد عملية عمود السحاب. وايران هي التي أكدت على الخصوص اعادة بناء البنية التحتية للصواريخ عن تقدير أنها تحدث اكبر تهديد حقيقي للجبهة الداخلية الاسرائيلية. إن قوة القدس من حرس الثورة وهي وحدة النخبة الايرانية التي هي بمنزلة رأس الحربة لتصدير الثورة هي المسؤولة عن نقل المساعدة العسكرية الى المنظمات الارهابية في السلطة الفلسطينية.

فضل الايرانيون سنين كثيرة ابقاء هذه المساعدة في الظل، لكن مع انهاء عملية عمود السحاب غيروا نهجهم وكشفوا عن المساعدة العسكرية التي يقدمونها للمنظمات الارهابية في القطاع – والتي ينكرون وجودها الآن. فقد أراد الايرانيون كما يبدو منع دول مسلمة اخرى كانت تؤيد حماس آنذاك من حصد مكاسب سياسية ليست لها. وفي مقابل ذلك أباح متحدثو حماس والجهاد وحزب الله لانفسهم ان يشكروا ايران على المساعدة علنا.

إن التصريحات الموثقة اكثر من أن تحصى. وستستعملها اسرائيل استعمالا دعائيا قريبا. واكثر الكلام صراحة هو كلام رمضان شلح زعيم الجهاد الاسلامي في فلسطين (الذي يعمل في غزة)، وهو المنظمة المؤيدة للايرانيين بصورة مطلقة. ويرى رجالها أن الارهاب وحده هو الوسيلة لدفع اهدافهم قدما وفي مقدمتها القضاء على دولة اسرائيل وانشاء دولة شريعة اسلامية فلسطينية في كل اراضي فلسطين. وتعرف اسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الاوروبي واليابان وكندا واستراليا الجهاد الاسلامي بأنه منظمة ارهابية.

قال رمضان المقيم في دمشق بعد عملية عمود السحاب: "قدمت ايران لنا كل المساعدة والدعم. والسلاح الذي تستخدمه المقاومة يعلم العالم كله أن مصدره الرئيس ايران أو أنه سلاح جاء بتمويل ايراني".

ومدح زياد النخلة نائب الامين العام للجهاد الاسلامي ايران مدحا كبيرا ايضا: "أريد أن اشكر الاخوة في ايران. فالسلاح الذي تقاتل به المقاومة بل سلاح حماس هو سلاح ايراني من اصغر رصاصة الى الصاروخ، بل ان ما ينتج انتاجا محليا هو في واقع الامر ايراني. وصواريخ فجر 5 التي جاءتنا بالنصر حصلنا عليها من ايران".

واضاف داود شهاب متحدث المنظمة قائلا: "ليس سرا أن المساعدة العسكرية التي قدمت للمقاومة الفلسطينية من الألف الى التاء، ومن الرصاصة الى الصاروخ هي من الجمهورية الاسلامية وهي مساعدة ايرانية".

وشهد مسؤولو حماس الكبار مثل ممثل المنظمة في لبنان علي بركة بأن "ايران هي الداعمة العسكرية والمنفقة الرئيسة على اكثر المنظمات الفلسطينية في القطاع بلا مقابل أو شروط".

علاقات الوسائل القتالية

وما هو أهم الآن بازاء الانكارات الايرانية هو ان الايرانيين انفسهم افتخروا بهذه المساعدة، فقد اعلن علي لاريجاني رئيس مجلس الشعب الايراني في فخر ان "دعمنا للفلسطينيين كان بالمال والسلاح". وكتبت صحيفة "كيهان" ان حماس تطلق صواريخ ايرانية على اسرائيل، واضاف الموقع الايراني في الشبكة "تبناك" يقول: "لولا دعم ايران المالي والعسكري لحماس لكانت نتائج المواجهة الحالية (عمود السحاب) مختلفة تماما. فالصواريخ الايرانية التي اطلقت على اسرائيل هي السبب المركزي للخوف الذي حدث عند الاسرائيليين ووقف اطلاق النار الذي فرض على اسرائيل".

اعطت ايران المنظمات في غزة صواريخ مختلفة. وكانت ذات المدى الابعد التي انتج بعضها في غزة بمساعدة معلومات وتوجيه من ايران من طراز فجر 5 (75 كم). ودمر الجيش الاسرائيلي اكثرها في اول يوم من عملية عمود السحاب، وسقطت هذه الصواريخ كما قلنا آنفا في ريشون لتسيون وفيما حول القدس ايضا؛ وضايقت صواريخ من عيار 122 ملم من طراز غراد بمدى 20 و40 كم، اسدود وبئر السبع مضايقة شديدة؛ واستعمل حزب الله في حرب لبنان الثانية راجمات صواريخ من انواع مختلفة وصواريخ مضادة للدبابات (مثل ساغر وباغوت وكونكورس).

وقُدمت ايضا صواريخ كورينت التي اطلق واحد منها في نيسان 2011 على الحافلة التي كانت تقل اولادا صغارا من المدرسة في غرب النقب. وقتل بالاطلاق فتى وجرح اثنان آخران؛ وكذلك صواريخ مضادة للدبابات وصواريخ كتف ومعلومات تقنية لانتاج الوسائل القتالية بصورة ذاتية مع تأكيد المدافع للمدى المتوسط وشحنات تفجيرية متقدمة.

لم يستوعب نشطاء حماس والجهاد السلاح والمعلومات والمساعدة الايرانية فقط بل خرجوا الى ايران في اطار دورات تعليمية واعداد – وحينما عادوا نقلوا المعلومات والخبرات التي اكتسبوها الى نشطاء ارهاب كثيرين. وقد كشفت الصحيفة البريطانية "صاندي تايمز" في الماضي عن تفاصيل هذه التدريبات وكشفت عن ان حرس الثورة دربوا في ايران مئات النشطاء من حماس الذين خرجوا من القطاع الى مصر وطاروا من هناك الى سوريا ثم الى طهران.

وساعد الايرانيون ايضا المنظمات الارهابية في القطاع على اعداد بنى تحتية لصنع طائرات بلا طيارين كان يفترض ان ترسل الى اسرائيل. ودمر سلاح الجو الاسرائيلي هذه الاهداف. وارسلت في مرحلة ما الى شواطيء البلاد براميل متفجرة وصل بعضها بالقرب من شاطيء بلماحيم لكن خبراء المتفجرات اعترضوها في الوقت.

الممر السوداني

ان مسار التهريب المركزي الذي خرج من ايران وصل الى السودان بحرا وجوا. ومن هناك نقلت الوسائل القتالية عن طريق مصر الى قطاع غزة في شبكة انفاق متشعبة حفرت في طول الحدود مع مصر. وجاء جزء كبير من الوسائل القتالية من مستودعات السلاح في ليبيا التي نهبت مع سقوط معمر القذافي.

استعان جهاز التهريب من السودان الى القطاع بشبكات مهربين عملوا في الاساس عن بواعث اقتصادية. وخرجت في الطريق البحري سفن منها سفينة فيكتوريا التي ضبطها الجيش الاسرائيلي كما قلنا آنفا، من ميناء اللاذقية في سوريا وميناء الاسكندرية في مصر.

ولم تقعد اسرائيل مكتوفة اليدين بازاء ما يجري. ففي آذار 2009 افادت وسائل اعلامية عربية وامريكية ان اسرائيل هاجمت في السودان من الجو قافلة فيها وسائل قتالية مختلفة. وكانت القافلة في طريقها الى القطاع. وقالت تقارير وسائل الاعلام ان الشحنة المرسلة التي خرجت من ايران انفق عليها صندوق الامام الخميني واشتملت على قذائف فجر الصاروخية التي يبلغ مدى اصابتها الى تل ابيب. وفي ذلك الشهر هاجمت اسرائيل من الجو في السودان مرة اخرى حسب مصادر اجنبية على الاقل.

يقدر باحثو مركز المعلومات للاستخبارات والارهاب انه في تلك الاشهر "استعملت ايران كما يبدو رحلات نقل شركة الطيران بيدر ايرلاينز (وهي شركة سودانية) لترسل منها شحنات وسائل قتالية الى السودان للمنظمات الفلسطينية في قطاع غزة".

وعلى حسب ذلك التقدير، "نقلت الشحنات في الطريق بين ايران والسودان وعن طريق عُمان والعربية السعودية وعن طريق سوريا – السودان وعن طريق الاردن ومصر (ويعتمد التقدير على ويكيليكس في 29 آذار 2009). وعلى حسب وثائق ويكيليكس، حذرت الولايات المتحدة السودان وعُمان والسعودية واليمن من ان نقل الوسائل القتالية الايرانية عدوان شديد على قرار الامم المتحدة.

وفي 2010 نقلت خمس حاويات وسائل قتالية من ايران الى السودان، وفي 2012 نقلت وسائل قتالية الى السودان بالنقل الجوي. وكان الانفجار الغامض في موقع اليرموك في الخرطوم في السودان ذا صلة بحسب التقارير بانتاج وسائل قتالية ونقلها الى المنظمات الفلسطينية في غزة. وكان حرس الثورة الايراني يملك ذلك الموقع.

واشتملت المساعدة الايرانية للارهاب الفلسطيني ايضا على نقل مبالغ مالية كبيرة الى المنظمات ولا سيما الجهاد الاسلامي في فلسطين، باستعمال الجهاز المصرفي في سوريا ولبنان والمناطق. وأججت هذه الاموال في الماضي عمليات ارهابية قاتلة في اسرائيل. فعلى سبيل المثال نقل مبلغ 400 ألف دولار الى كتائب عز الدين القسام، و700 ألف دولار الى منظمات المقاومة الاسلامية في السلطة الفلسطينية. ودلت وثائق استولى عليها جهاز الامن على ان الاموال كانت مخصصة لدعم الذراع العسكرية لحماس وتشجيع ناسها على عمليات انتحارية.

إن اقوى صلة لايران هي بمنظمة الجهاد الاسلامي الفلسطيني التي انشئت في ثمانينيات القرن الماضي في قطاع غزة. وذراع الجهاد العسكرية هي سرايا القدس وقد نفذت هذه المنظمة على مر السنين سلسلة عمليات انتحارية قاسية كان ابرزها العملية المزدوجة في مفترق بيت ليد في 1995 التي قتل فيها 21 جنديا ومواطنا؛ وتفجير السيارة المفخخة في 2001 في سوق محنيه يهودا؛  ونفذت في الانتفاضة الثانية 422 عملية قتل فيها 134 شخصا وجرح 880.

تحول ايران الى هذه المنظمة ملايين الدولارات كل سنة يوجه الجزء الاكبر منها للنشاط الارهابي. وقد اصبح الجهاد الاسلامي منذ كانت التهدئة في 2005 واحدة من الجهات المركزية التي تطلق الصواريخ على اسرائيل. وكان محتوى السلاح في كلوز سي بحسب التخمين مخصصا في جزء منه على الاقل لهذه المنظمة.

ان 170 الف صاروخ وقذيفة صاروخية تهدد اسرائيل اليوم من الشمال بخاصة (كما قال رئيس أمان اللواء افيف كوخافي في المؤتمر السنوي لمعهد بحوث الامن القومي في تل ابيب)، لكن المنظمة التي تُعرف بأنها "الاكثر من جهة عدم توقعها" هي الجهاد الاسلامي الفلسطيني الذي لا يخضع حتى لطاعة حماس.

ان ايران كما قدرت جهات امنية ستستمر على محاولة اغناء ترسانة سلاح الجهاد وحماس. وهي مصممة على اعادة بناء القدرة على تهديد اسرائيل التي اضرت بها عملية عمود السحاب ضررا شديدا إذ بقيت هاتان المنظمتان تملكان بعدها نحوا من 7 آلاف قذيفة صاروخية من انواع مختلفة، وضوعفت هذه الكمية منذ كانت العملية كما تقدر جهات امنية.