خبر الدكتور شلح: لا أمن ولا استقرار لهذا العالم ما لم يعد الحق لأهل القدس

الساعة 08:17 ص|11 مارس 2014

غزة-متابعة

أكد الدكتور رمضان عبد الله شلح، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أن الصراع على القدس سيبقى مركز الصراع الكوني في هذا العالم، وأن لا استقرار في العالم ما لم يعد الحق إلى أصحابه في فلسطين.

وشدد الدكتور شلح، خلال كلمة له في "مؤتمر العالم الإسلامي ودوره في هندسة القوة العالمية"، في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، على أن الأمة جمعاء مطالبة أن تسأل ماذا تعني لها القدس.

وحذر الدكتور شلح من تحركات "جون كيري" في المنطقة  كونه حمل في جعبته قراراً ان  قضية فلسطين يجب ان تُصفى , ولا يجب ان يبقى هناك أي شي في المنطقة اسمه القدس في العقل والوجدان والواقع الإسلامي, مشيراً الى إنهم يريدوا ان يفرضوا على الفلسطينيون والعرب ما تقبل به "إسرائيل"  .

وكشف الامين العام لحركة الجهاد عن دعوته ومطالبته للجمهورية الإسلامية الإيرانية ان تطمئن الجميع وكل الأطراف في هذه الأمة وان تشرع في حوار مع محيطها مع  دول الخليج ( السعودية وقطر والإمارات والكويت) كون ان روابط الدين والجوار والتاريخ والجغرافيا كلها تملي علينا الجلوس على طاولة واحدة ونتحاوار وألا نحتمي بالآخرين ضد بعضنا البعض , وقال لابد ان نكتب مصيرنا بيدنا  , ولا بد من تحديد موقع الأمة ليليق بنا وبإسلامنا وديننا وان تكون خير امة أخرجت للناس.  

وعن موقع القضية الفلسطينية في هذا المخاض الذي تخوضه الأمة  العربية أكد د.شلح : أن القضية الفلسطينية في هذا الإعصار لا يراد بها في عقول الآخرين إلا أنها ملف لابد أن يطوى , موضحاً أن "جون كيري" جاء وبقرار أن قضية فلسطين يجب أن تُصفى , ولا يجب أن يبقى هناك أي شي في المنطقة اسمه القدس في العقل والوجدان والواقع الإسلامي.

وأشار إلى أنه عندما يحاول "كيري" الضغط على "عباس" ويرفض التسليم بيهودية الدولة ويقول له كيري: إذا جئت لك بموافقة من الدول العربية بيهودية الدولة هل تقبل؟؟ يقول عباس له لا أظن أن الدول العربية سيقبلون أو يفرضون علينا ما لا نقبل, مشدداً على ضرورة اليقظة والانتباه كوننا اعتدنا في الماضي أن نسمع شعار أن العرب يقبلون بما يقبل به الفلسطينيون.

وأضاف: هذا ليس جديد وهو طريق التنصل من القضية الفلسطينية، ولكن الجديد أن يقول له "كيري" أنه سيأتي بموافقة من العرب هو أن بعضهم الآن انتقل من القبول بما يقبل به الفلسطينيون إلى القبول بما تقبل به "إسرائيل" وإنهم يريدوا أن يفرضوا على الفلسطينيون والعرب ما تقبل به "إسرائيل".

وقال : أتعرفون ماذا يعني الاعتراف بيهودية الدولة يعني التسليم ان القدس يهودية وان المسجد الاقصي صهيوني وان كنيسة القيامة صهيونية ..هل فيكم من يقبل بذلك؟؟؟ هذا هو العرض الجديد والأمة مطالبة اليوم ان تسأل نفسها ماذا تعني لها القدس... رسالة للعلماء والأمة فهي مطالبة اليوم ان تسأل في ضميرها ووجدانها ماذا تعني لها القدس , مطالباً ومن باب الثقافة والأساتذة والعلماء "ادرسوا هذا الكيان وليس السلاح فقط وخاصة بعد ان أكرمتنا الجمهورية الإسلامية بالسلاح ودككنا بها عاصمة الكيان ونريد الآن ان نعرف مكونات وثقافة هذا الكيان.

وتساءل الدكتور شلح : ماذا تعني القدس في ثقافتنا: أليست القدس مسرى الأنبياء واولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين؟ ولكن اين التعبئة من اجل القدس؟  ..القدس يقتحمها المستوطنون ويريدون قسمة المسجد الأقصى وأضاف قائلا:"ووفقا لمواقع إخبارية بالرغم من تفعيل اخبار واقتحامات القدس كأخبار ساخنة  ولكن الأخبار اقل متابعة من قبل المواطنين ..هل هانت القدس علينا؟؟ وهل هانت عروبتنا علينا؟؟ وأضاف : نحن لا نستجدي موقفا ولكن القدس والصراع من اجلها  سيبقى هو الصراع الأبدي في العالم , ولا أمن ولا استقرار ما لم يعد الحق لأهله في القدس وفلسطين.

وعن الحراك العربي,  قال الدكتور شلح :"ان هناك فئتان هامتان جداً تكتب المسار لهذا الحراك وهما الجيش والشباب وأتوقع ان يفهم العلماء والباحثين ان يقفوا في مؤتمرنا هذا عند الجيش في عالمنا العربي , كون ان الجيش المصري والسوري والتهديد الذي يتعرض له ,  اما عن شريحة الشباب هو الفاعل الاساسي والمحرك الذي احدث هذا الحراك والذي احدث كل هذة التفاعلات .

على صعيد علاقتنا ببعضنا البعض وعلاقتنا بالأخر..أوضح الأمين العام: "مازالت العناوين التي طرحت علينا  في الماضي في احتكاكنا  بالمستعمر واستهدافه لنا من تجزئة وتفتيت للأمه ومن زرع الكيان الصهيوني في قلب الأمة ومن تغريب واستهداف لمسخ الهوية الحضارية والثقافية بكل مقاومتها الإسلامية والإنسانية ثم هناك التبعية في علاقتنا به  هذه الأمور يجب ان تدرس اليوم بعناية".

على صعيد التجزئة : " كلنا نقول اليوم ان هناك هجمة في المنقطة لتقسيم المقسم وتجزئة المجزء ..البعض يقول لنا ستتباكون في يومٍ من الايام على "سايس بيكو" و إذا كانت هناك 22 دولة عربية فتوقعوا بعد عقد ان تصبح 32 دولة والمسألة ليست تشاؤم أو تفاؤل بل هناك حراك لابد من التوقف عنده ..

واعتبر الدكتور شلح ان حراك الأمة يريدون منه إعادة رسم الخرائط وتفكيك كل ما هو موجود وإعادة ترتيبه بما يخدم مصالحهم ولابد ان نستشعر الخطر بكل ما يجري في المنطقة وان نرتب أمورنا بما  يفوت عليهم الفرص  .

وقال : ما سمي بقلب "الشرق الأوسط" سيبقى قلب العالم هذا قلب الوطن الإسلامي انظروا الي الكتل هناك كتله في المشرق وهي مصر والأردن وسوريا والأردن والعراق وكلها مهدده وينتظرها مصير نحن نستطيع ان نكتبه ونرسمه ولا يكتبه لنا الآخرين ويمليه علينا احد..

..وهناك كتلة في الخليج العربي يراهن ان امن الخليج يمكن يؤمنه لنا الآخرون ويروا الآخرين في قلب هذة الأمة تهديد عليهم ...وتسائل :" لماذا يحدث ذلك؟؟   .

وفيما يلي نص الكلمة :

نص كلمة الدكتور رمضان عبدالله شلّح

الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين

في "مؤتمر العالم الإسلامي ودوره في هندسة القوى العالمية"

 طهران ـ 11/3/2014م

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين، سيدنا محمد، وعلى أله وصحبه أجمعين، وعلى سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين..

السادة العلماء الأفاضل، الأخوة والأخوات الحضور الكرام، مع حفظ الألقاب والمقامات، أحييكم جمعياً أطيب تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

لا شك أن أمتنا، في هذه المرحلة، تمر بمخاض كبير وعسير. ويبرز في هذا المخاض، مجموعة من الأزمات المعقدة والخطيرة، بعضها من صنعنا، وبعضها من صنع أعدائنا، والبعض الآخر من صنع عصرنا وتعقيداته وتحدياته.

 أمام هذا الواقع، وإذا أردنا أن نتلمس طريقاً للخروج من هذه الأزمات، وتحقيق المكانة المرجوة لأمتنا، لا بد من طرح عدد من الأسئلة، مثل: أية رؤية نملك لهذا العالم؟ وأي موقع لنا كمسلمين على خريطة العالم؟ وأية علاقات تربطنا بالكتل والأطراف الفاعلة والمراكز الوازنة في هذا العالم؟ وما طبيعة هذه العلاقات؟ وقبل هذا كله، ما هي علاقتنا بأنفسنا وببعضنا البعض؟

إننا بهذا التقديم نقول، إذا أردنا أن ندرس هذا الواقع الإسلامي، فيمكن أن نتعاطى مع هذا الأمر، وللاختصار، على مستويين:

الأول، أن ندرس علاقات الأمة الداخلية، بكل مكوناتها، ببعضها البعض، وذلك من واقع علاقات أصحاب الديانات، المذاهب، الطوائف، الأعراق، القوى السياسية، الفئات الاجتماعية، النخب الثقافية؛ كل مكونات هذه الأمة يجب أن نتوقف أمامها اليوم ونسأل: أية علاقة تربطنا ببعضنا البعض في هذه المرحلة؟

وهنا ألفت نظر أخواني الأساتذة والباحثين الكرام، إلى نموذج بسيط للتحليل يعرفونه ويدرسونه، هو نموذج "الفرص والتهديدات". للتعاطي مع الظواهر والأحداث، أي عندما نتعاطى مع أي أمر، مع أي طارئ، مع أي مستجد، مع أي تحد، ننظر فيه، ما هي الفرصة، وما هو التهديد؟

مثلاً، اليوم، الجمهورية الإسلامية تحمل مشروعاً إسلامياً في هذا العالم، وتملك رؤية للعالم، وخططاً واستراتيجية، وبرامج، وتتحرك في كل اتجاه، لكي تتلمس موقع الإسلام، وموقع الأمة، وموقع إيران، على خريطة العالم.

كيف ينظر الآخرون في هذه الأمة إلى المشروع الإسلامي التي تحمله الجمهورية الإسلامية؟

ونحن، بكل صراحة، لا نريد أن ندفن رؤوسنا في الرمال، أو أن نتعامل مع المسائل الحساسة والخطيرة بمنطق المجاملة والمداراة.

وهنا أقول، بكل أخوة، نعم، الجمهورية الإسلامية، نحن نرى من موقع الإسلام، ومن فلسطين، أنها تمثل فرصة حقيقية للإسلام، وللأمة في مشروع نهوضها.

ولكن، لماذا يرى الآخرون في الأمة، مشروع الجمهورية الإسلامية تهديداً لهم؟؟

هذا السؤال، يجب أن يطرحه العلماء والباحثون بجدية، هل الخلل في مشروع الجمهورية الإسلامية؟

أو هل هناك خلل في بعض جوانب الأداء من جانب هذا المشروع؟ أم أن الخلل في الآخرين وفي رؤيتهم وفي منظارهم وأهدافهم؟

بل، إذا أردنا أن نقترب أكثر إلى ما يجري في المنطقة، حتى في داخل ما اصطلح على تسميته حلف المقاومة أو معسكر المقاومة، نقول: بعض المستجدات، البعض نظر إليها كفرصة، والبعض الآخر نظر إليها كتهديد، بل تهديد وجودي؛ فوقع شرخ. هذه المسائل يجب أن تدرس بعناية وبكل مسؤولية و أخوة.

أيضاً، في نظرتنا لمجتمعاتنا في هذا الحراك العربي، يبرز الآن فئتان هامتان جداً، وتكاد هاتان الفئتان  أن تكتبا المسار بهذا الحراك العربي والإسلامي في المنطقة، وهما: الجيش والشباب.

أتوقع أن يقف العلماء والباحثون في هذا المؤتمر عند الجيش في عالمنا العربي والإسلامي، مصر نموذج؛ سوريا والتهديد الذي تتعرض له نموذج، وهناك نماذج أخرى. ثم شريحة الشباب، هذا الفاعل الأساسي، والمحرك الذي فجر هذه الثورات وأحدث كل هذا الحراك والتفاعلات.

هذا على صعيد علاقتنا ببعضنا البعض، ماذا عن علاقتنا بالآخر؟ في علاقتنا بالآخر، ما زالت العناوين التي طرحت علينا بالقرن الماضي، في احتكاكنا بالمستعمر واستهدافه لنا، من تجزئة وتفتيت للأمة، ومن زرع للكيان الصهيوني في قلب الأمة، ومن تغريب واستهداف ومسخ الهوية الحضارية والثقافية، بكل مكوناتها الإسلامية والقومية والوطنية والإنسانية، ثم هناك التبعية في علاقتنا به، كلها مازالت كما هي. وإذا أردنا أن نسلط الضوء على التجزئة والكيان الصهيوني ماذا نجد؟

البعض يقول، سيأتي يوم تتباكون فيه على سايكس بيكو! إذا كانت الدول العربية اليوم 22 دولة توقعوا بعد عقد أن تكون 32 دولة، لماذا؟!

المسألة هنا ليست مسألة تشاؤم أو تفاؤل، بل هناك حراك خطير يجري في المنطقة يجب أن نتوقف عنده، وندرك ما فيه من تهديد.

 ثم هناك مسألة فلسطين، وأنا أعرف أن البعض، بحكم الموقع والانتماء والتكليف كما يقولون، يتوقع أن يسمع مني الكثير عن فلسطين، ولكني أوجز فأقول: فلسطين في هذا المخاض الذي تشهده الأمة والمنطقة، أو في هذا الإعصار الذي يعصف بنا، لا يراد لها، أي لفلسطين، في عقول الآخرين سوى أنها ملف يجب أن يطوى.

جاء جون كيري، ومعه تصميم وقرار، أن قضية فلسطين يجب أن تصفى. هكذا يفكرون فيها! أما القدس، فيجب أن لا يبقى هناك شيء اسمه القدس في العقل والوجدان العربي والإسلامي.

وقد يستغرب البعض، عندما يحاول كيري أن يضغط على المفاوض الفلسطيني، على أبو مازن، الرئيس محمود عباس، ويرفض ما يعرضه عليه بقبول وتسليم بـ "يهودية الدولة"، يقول له كيري، إذا جئت لك بموافقة وقبول من الجامعة العربية، بيهودية الدولة العبرية أو الصهيونية، هل تقبل؟!

يقول لهم، لا أظن أنهم سيقبلون بذلك، أو يفرضوا علينا ما لا نقبله.

ماذا تعني هذه الواقعة، إن صحت؟ انتبهوا أيها الأخوة، انتبهوا جيداً لهذه الواقعة. هذا ما سمعناه ونشر، لكن ماذا يعني ذلك؟ نحن اعتدنا في السنين الماضية أن نسمع شعار أن العرب والمسلمين، أو البعض منهم، يقبلون بما يقبل به الفلسطينيون. هذا ليس جديداً، وهذا هو طريق التنصل من القضية الفلسطينية. أي إذا أراد طرف أن يتنصل من التزاماته تجاه فلسطين، وماذا تعني في هذه الأمة، يقول نقبل بما يقبل به الفلسطينيون، وهذا ليس بجديد. الجديد أن كيري يعرض على أبو مازن بأنه سيأتي له بقبول من بعض العرب بما تريده إسرائيل. إنها واقعة جديدة، تقول لنا إن بعضهم الآن انتقل، من القبول بما يقبلبه الفلسطينيون، إلى القبول بما تقبل به إسرائيل! إنهم يريدون أن يفرضوا على الفلسطينيين والعرب والمسلمين ما تقبل به إسرائيل بل ما تريده إسرائيل!

أتعرفون ماذا يعني الاعتراف بيهودية الدولة؟! يعني أن نسلم بأن فلسطين يهودية، أن نسلم بأن القدس يهودية، وأن القدس صهيونية، وأن المسجد الأقصى صهيوني، وأن كنيسة القيامة صهيونية؛ هل فيكم من يقبل بذلك؟؟

هذا هو العرض، وهذا هو الخطر. لذلك، الأمة جميعها مطالبة اليوم، بأن تسأل في ضميرها وعقلها ووجدانها، سؤال، ماذا تعني لها القدس؟!

وأنا هنا، من باب الثقافة والاهتمام، أقول للسادة الأساتذة والمفكرين الذين يدرسون ويدرّسون في الجامعات، والمراكز العلمية، ادرسوا هذا الكيان، ليس فقط في مجال السلاح والصواريخ، التي أكرمتنا بها الجمهورية الإسلامية، ودككنا بها عاصمة هذا الكيان اللعين. نريد أن نعرف مكونات وثقافة هذا الكيان. عندهم أغنية في الكيان الإسرائيلي، غناها جيشهم يوم السابع من حزيران عام 67، عندما احتل المسجد الأقصى، ودخل الحرم القدسي الشريف. يقولون فيها "القدس من ذهب". أعتذر عن ذكرها باللغة العبرية، لكن يجب أن يسمعوها. يقولون (أوشاليم شل زهاف، فـشل نخوشيت، فـشل أور) أي "القدس من ذهب، ومن برونز، ومن نور"! هذه الأغنية، يحفظها كل طفل وكل فرد في الكيان الإسرائيلي، يرددها كل جندي في هذا الكيان الغاصب، وفي الانكليزية غناها فنانون عالميون Jerusalem of gold.

ماذا تعني القدس في ثقافتنا؟ في ديننا؟ في عقيدتنا؟ أولى القبلتين، ومسرى نبينا ومعراجه إلى السماء؟! لكن أين التعبئة من أجل القدس؟!

بعض الأخوة العرب يقولون لي، يا دكتور رمضان، للأسف عندنا مواقع انترنت، القدس يقتحمها المستوطنون، يريدون قسمة المسجد الأقصى، ويكون الخبر عاجلاً وساخناً، ولكن للأسف، أقل الأخبار دخولاً عليها من الجمهور، هو خبر القدس والمسجد الأقصى!!

هل هانت القدس علينا إلى هذا الحد؟! وهل هانت عقيدتنا علينا إلى هذا المستوى؟! نحن هنا لا نستجدي موقفا من هذا العالم، بل نقول القدس لنا، وإن الصراع من أجلها سيبقى مركز الصراع الكوني في هذا العالم. ولا أمن ولا استقرار في هذا العالم، ما لم يعد الحق لأهله في فلسطين والقدس بإذن الله.

هذه المسائل كلها يجب أن تدرس بعناية.

على صعيد التجزئة أضيف، كلنا نقول إن هناك هجمة يراد منها إعادة رسم الخرائط، إنهم يريدون تفكيك كل ما هو موجود وإعادة تركبيه، بما يخدم مصالحهم. لذلك، يجب أن نتحلى بالوعي والمسؤولية، ونستشعر الخطر من كل ما يجري في المنطقة، وأن نرتب أمورنا وعلاقتنا ببعضنا البعض، بما يفوت عليهم الفرص.

تحدث الأستاذ هذا الصباح عن أهمية آسيا ووزنها وحيويتها وما تملك من طاقة، ولكن أقول: إن ما سمي بمنطقة الشرق الأوسط سيبقى قلب العالم؛ هذا هو قلب الوطن الإسلامي، أنظروا إلى الكتل. هناك كتلة في المشرق، بلاد الشام الكبرى، فلسطين، سوريا، لبنان، الأردن وعمقها العراق. هذه كلها مهددة وكلها تنتظر مصيراً، نحن نستطيع أن نرسمه ونكتبه، لا أن يكتبه لنا الآخرون ويملوه علينا.

هناك كتلة في منطقة الخليج العربي، تراهن على أن أمن الخليج يمكن أن يؤمنه لنا الآخرون، وإنهم يروا في الآخرين من قلب هذه الأمة تهديداً لهم. لماذا يحدث ذلك؟!

لقد دعوت بالأمس، وهنا أقول بحضور إخواني في الجمهورية أصحاب الرأي والفكر، إن الجمهورية الإسلامية مطالبة بأن تطمئن الجميع، كما طمأنتنا ونحن واثقون من سلوكها من خلال علاقتنا المديدة معها؛ أن تطمئن كل الأطراف في هذه الأمة. وأن تشرع في حوار مع محيطها، مع دول الخليج، مع السعودية، مع قطر، مع الكويت، مع الإمارات، مع الجميع. إن روابط الدين والجوار والتاريخ والجغرافيا، كلها تملي أن نجلس على طاولة واحدة، وأن نتحاور ونتفاهم على كل القضايا الشائكة، لا أن نحتمي بالآخرين ضد بعضنا البعض.

هناك كتلة شمال أفريقيا أيضاً، التي تتلمس طريقها في ليبيا، في تونس، النخب وبقايا الأنظمة في تلك المنطقة، تجد خلاصها في الغرب والثقافة الغربية. يجب أن نمد يد العون لها حتى نكتب مصيرنا بأنفسنا، وحتى نحدد موقع هذه الأمة على خريطة العالم. موقع يليق بنا وبإسلامنا وبديننا، وباصطفاء هذه الأمة لهذه الرسالة، بأن تكون خير أمة أخرجت للناس.

في مؤتمركم هذا، تستطيعون أن تقدموا أية صور وأية أشكال للمستقبل الذي ينتظر هذه الأمة.

وأختم بما بدأ به القارئ الكريم هذا المؤتمر عندما تلى قوله تعالى: "هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين، ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين. إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس".

الأيام دول، والآن، إن كان أعداؤنا لهم صولة في هذا المكان أو ذاك، ثقوا بأن المستقبل للإسلام، المستقبل لهذا الدين، لهذه الأمة، "وكان حقا علينا نصر المؤمنين"، "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي" "وإن جندنا لهم الغالبون".

نسأل الله أن نكون جميعا من جند الله سبحانه وتعالى، وأن يحقق على أيدي هذه الأمة النصر والعزة والكرامة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.