خبر الاستيلاء على السفينة منع الفلسطينيين من تغيير قواعد اللعب- هآرتس

الساعة 09:58 ص|06 مارس 2014

الاستيلاء على السفينة منع الفلسطينيين من تغيير قواعد اللعب- هآرتس

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: لو لم تُضبط شحنة الصواريخ المرسلة الى غزة في عرض البحر لحسنت كثيرا قدرة المنظمات الارهابية في القطاع على ضرب مركز اسرائيل ومن هنا تأتي أهمية العملية البحرية - المصدر).

 

تشوش شيء واحد فقط في عملية قوات الصاعقة البحرية عند حدود السودان ألا وهو التوقيت. فمن السهل أن نحزر أن توقيت العملية كان مخيبا للآمال شيئا ما من وجهة نظر انسان واحد على الأقل وهو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. فقد كان نتنياهو يستطيع أن يستخدم هذا الامر في خطبته أمس في مؤتمر الايباك في واشنطن استخداما عظيما. فها هنا، في قشرة جوزة كل ما يحذر منه رئيس الوزراء في السنوات الاخيرة وهو ايران وسوريا والصواريخ بعيدة المدى وخطر قطاع غزة، وفي مواجهة كل ذلك يقوم مقاتلونا الشجعان الذين يحبطون هذه المؤامرات بعيدا عن سواحل الدولة. إن محور الشر حي يرزق.

 

لكن اضاعة فرصة العلاقات العامة الطفيفة لا يجب أن تقلل من أهمية العملية نفسها. فاعتراض سفينة السلاح وعليها صواريخ الى مدى متوسط كان يفترض أن تصل الى غزة، هو انجاز عملياتي واستخباري من الطراز الاول. واسرائيل في نضالها الطويل لتهريب منظومات سلاح متقدمة فتاكة الى المنظمات الارهابية كان لها هنا نجاح مدهش. وما كان ذلك ليُنفذ دون تعاون وثيق بين جميع الأذرع الاستخبارية ودون قدرة على المتابعة والتحليل الاستخباري النوعي، ودون قدرات التنفيذ العالية لسلاح الجو بعامة ومقاتلي الوحدة البحرية 13 بخاصة – ودون تحمل محسوب للمسؤولية عن جميع الأخطار لاحراز هدف مناسب، من قبل رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان. إن ضبط السفينة هو استمرار مباشر لانجازات سابقة في محور التهريب ذاك، وفيها اعتراض السفن: كارين إي وفيكتوريا وفرانكوب في الـ 12 سنة الاخيرة، في البحر الاحمر والبحر المتوسط.

 

قلّت الحركة في مسار التهريب البحري من ايران الى قطاع غزة في السنوات الاخيرة بسبب ضبط السفن السابقة وبعد عدة هجمات نُسبت الى سلاح الجو الاسرائيلي على قوافل سلاح في السودان. ويبدو أن تجديد التهريب الذي يشهد عليه الاعتراض الحالي، كان بناءا على افتراض المنظمين أنهم نجحوا في هذه المرة في أن يغطوا شحنة السفينة الحقيقية بصورة أفضل. وقد يشير ذلك ايضا الى ضغط ما في طهران والى رغبة في إقرار حقائق على الارض تُمكّن من زيادة التهديد

 

لاسرائيل من الجنوب الغربي في حين يتلقى حزب الله وسوريا هجمات جوية ويبدو أن قدرتهما على الرد محدودة.

 

إن المثير للاهتمام هو أن السوريين بحسب التحليل الاسرائيلي يصرفون جهدا الى عملية التهريب هذه مع وجود الحرب الاهلية الفتاكة التي ما تزال تجري هناك. ويبدو أن الامر تم بطلب من ايران وأن الرئيس بشار الاسد لا يشعر بأنه قادر على أن يرفض طلب من ينفقون مالا كثيرا جدا ووسائل في حرب نظامه لاجل البقاء كما حدث في قضية نقل السلاح الى حزب الله. ومن المنطق أن نفرض أن آخر محطة للسلاح المرسل كان يفترض أن تكون الجهاد الاسلامي في غزة لا سلطة حماس في القطاع. فقد كان الجهاد هو العنوان النهائي لعدة محاولات تهريب الى غزة في السنوات الاخيرة. وأهم من ذلك أن حماس ما عادت تتلقى توجيهات أو مساعدة من ايران وسوريا منذ نحو من سنتين. فقد أفضت المذبحة التي ينفذها الاسد في الاخوان المسلمين السنيين وهي حركة شقيقة لحماس، الى قطيعة في المحور القديم تبرأت بعدها قيادة حماس من الوكالة السورية (والايرانية لكن بقدر أقل)، ونددت بنظام حكم الاسد وأغلقت مكاتبها في دمشق.

 

إن الصواريخ التي ضُبطت أطلقت قبل ذلك على اسرائيل في حرب لبنان الثانية. وهي صواريخ يبلغ قطرها 302 ملم وهي في الأصل طراز صيني أُجريت عليه تعديلات في الصناعة العسكرية السورية. ويراوح مداها المحسن بين 150 الى 200 كم ويزيد وزن كل واحد منها على نصف طن. في 2006 أطلقت هذه الصواريخ على حيفا والعفولة والخضيرة. وخلفت في الاماكن المعدودة التي أصابتها دمارا كثيرا (حتى إن أصداء انفجار الصاروخ الذي اخطأ محطة توليد الطاقة في الخضيرة سُمعت جيدا في الشارون الجنوبي). وليس من السر أن المنظمات الفلسطينية في القطاع تجّد لاحراز قدرة تُمكّنها من اصابة كبيرة بالقذائف الصاروخية والصواريخ لأكثر مناطق الدولة. والى الآن وبالاعتماد على قطرات التهريب من ايران وبالاعتماد في الأساس (في السنة الاخيرة) على تطوير صناعة السلاح المحلية، بلغت حماس والجهاد الاسلامي الى امكان اصابة ما محدودة لغوش دان. ولو نجح التهريب لسجل هنا تحسن حقيقي. وكان يجب البدء في هذه الحال في الكلام على توازن ردع جديد تجعل فيه قدرة المنظمات برعاية ايران، تجعل اسرائيل تفكر مرتين قبل كل عملية عسكرية في قطاع غزة.

 

إن نجاح الوحدة البحرية نحى جانبا التغطية الاعلامية لواقعة مهمة اخرى وهي احباط دفن شحنة تفجيرية في الحدود السورية في هضبة الجولان. وينسب الجيش الاسرائيلي هذه العملية الى حزب الله مباشرة؛ فهي تبدو ردا من المنظمة اللبنانية، من داخل الاراضي السورية، على قصف قافلة السلاح في البقاع اللبناني في الاسبوع الماضي. وقدروا في اسرائيل أن يمتنع حسن نصر الله، بخلاف الاسد، عن ضبط نفسه عن الرد على العدوان الذي تم في داخل الارض اللبنانية نفسها.

 

انتهت عملية حزب الله في الحقيقة نهاية ضئيلة لأن الجيش الاسرائيلي أحبطها احباطا جيدا (وهي انجاز أول للفرقة الميدانية الجديدة التي أنشئت في الجولان في بداية هذه السنة). لكنها تشهد على توجه خطير لأنه قد يكون أخذ ينشأ هنا عمل مشترك بين الاسد وحزب الله لفتح جبهة جديدة على اسرائيل في الجولان وإن يكن ذلك يتم بصورة خافتة. وهذا هو أحد أخطار عدم الاستقرار المستمر في الشرق الاوسط. استطاعت اسرائيل الى الآن ألا تُجر عميقا جدا الى هذه الصراعات، لكن توالي الاحداث على الحدود وبعيدا عنها يشهد كما يبدو على أن هذا الهدف سيصبح احرازه أصعب فأصعب كلما مر الوقت واستمر الاضطراب.