خبر الصديق المقرب لأبو عرب يروي لفلسطين اليوم تفاصيل جديدة لم تعرف عنه

الساعة 07:17 ص|05 مارس 2014

غزة - خاص

الصديق المقرب لأبو عرب يروي لفلسطيين اليوم تفاصيل لم تعرف عنه

"أبو عرب" رفض مدح الزعماء والقادة وتعرض لمضايقات منهم

غزة / خاص

يعتبر الفنان الفلسطيني إبراهيم محمد صالح (أبو عرب)، الذي وافته المنية في 2 مارس 2014 علماً كرس جل حياته للقضية الفلسطينية بشعره وغنائه الوطني، وأن مسيرة حياته معروفة للجميع في فلسطين والوطن العربي. ولكن لأبو عرب جانب آخر وحياه خاصة تكاد تكون غائبة عن محبيه من الفلسطينيين والعرب والمناصرين للقضية الفلسطينية.

وبعد جهد كبير تمكنا من التوصل إلى أعز أصدقاء (أبو عرب) وهو أسامة إبراهيم 66 عاماً ويقيم في دولة الامارات وكشف لـ "فلسطين اليوم" عن تفاصيل جديدة عنه ، سطرناها في هذه السطور.

رفض مدح الرؤساء والقادة

فقد كان بإمكان أبو عرب بما يمتلكه من موهبة شعرية وغنائية أن يكون ثرياً، لكنه رفض ذلك وكرس حياته خدمة لقضيته ويحيي الحفلات بدون مقابل ، حيث كانت توجه له الدعوات من الجاليات الفلسطينية والعربية في الوطن العربي والغربي ويتحملون تكلفة سفره وفرقته.. وكان يرفض مدح الزعماء والرؤساء والشخصيات وهذا سبب له حالة من العداء لدى بعض الدول العربية، وذكر صديق أبو عرب (أسامة إبراهيم)، أن دعوة وجهت لأبو عرب من قبل دولة عربية (لم يسمها) وعند وصوله قال له الداعين ماذا حضّرت للقائد ، فأجابهم لا شيء، أنا جاهز للناس ولأقول ما يجب قوله للناس وليس لمدح القائد.. فما كان منهم إلا أن قالوا له ، تفضل فإن إقامتك وفرقتك في الفندق ستكون على حسابك الخاص، حينها ردّ أبو عرب أعطونا الجوازات لنعود للمطار، لكن بعض المؤسسات والجاليات تدخلت وتحملت النفقات.

وفي دولة عربية أخرى، أقام فيها بعض الزمن، قطعت التيار الكهربائي عن سكنه لانه لم يحضر شيء لزعيمها. إضافة لمضايقات كثيرة ، لكنه ضل متمسكاً برأيه وقناعته بأنه لن يمدح الزعماء والأحياء، ويذم أحد حتى لا يحسب على طرف ما ، وتتأثر قضيته التي كرس حياته لها.

كما أنه رفض الغناء والمدح للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وهو على قيد الحياة، ولكن كان أول من رثاه عقب استشهاده. وعن سبب رفضه لمدح الزعيم الفلسطيني عرفات، هو نابع من مبدأه وقناعته بأن لا يمدح أي من الزعماء مهما على شأنه.

وضعه الاقتصادي ومرضه

عاش أبو عرب وضعاً اقتصادياً عادياً، فلم يكن له راتباً شهرياً من منظمة التحرير الفلسطينية ، ولم يطمح للثراء والغنى رغم أنه يمتلك من المقومات ما يؤهله لذلك، فلو مدح زعيماً أو ملكاً أو قائداً وطلب ما أرد فسيجاب له.. لكنه رفض ذلك مكتفياً بأن يكون سفيراً لقضيته.. لكن الرئيس محمود عباس في الأشهر الأخيرة بعد أن تقدم أصدقاء أبو عرب بكتاب له لمساعدته في العلاج، قرر صرف مكافئة شهريه له 500 دينار للمساعدة في تكاليف علاجه الباهضة.

وربما كان الوضع الاقتصادي له سبباً في تردي وضعه الصحي .. حيث كان يعاني من مشاكل في القلب منذ عشرين عاماً ولكنه رفض البوح به لأبنائه لأن تكاليف علاجه كبيرة وليس لديه من المال ما يكفي لعلاج نفسه.. وكان يتحامل على نفسه كثيراً. بحسب صديق العزيز.

ويقول صديقه العزيز.. عندما شعر بالتعب قبل ثلاثة أشهر، ذهبت معه للطبيب ، وبعد إجراء الفحص له، قال لي الطبيب :" أنتم تأخرتم عنه 20 عاماً، ولذلك هو بحاجة إلى عناية كبيرة، بسبب ضمور عضلة القلب عنه، وبحاجة إلى جهاز طبي ينظم ضربات القلب. وعندما اخبره صاحبه بما قاله الدكتور، ردَّ عليه أبو عرب "أعرف أني مريض منذ عشرين عاماً".

وبعد أن أجرى عملية في الإمارات وتم زرع جهاز لتنظيم ضربات القلب بدأت صحته في التدهور شيئاً فشيئاً ، وقبل ثلاثة أسابيع من وفاته أصرَّ على العودة إلى مخيم العائدين في حمص حيث إقامته.. ورغم رفض أبنائه وأصدقائه لطلبه إلا أنه ضلَّ متمسكاً بطلبه حتى كان له ما أراد وسافر هناك حيث وفاته.. التي لم يشارك فيها أي من أبنائه الأربعة.

فأبو عرب له خمسة أبناء، محمد في السعودية واثنين في الإمارات ورابع في السويد، والخامس استشهد في اجتياح جنوب لبنان عام 1982. وخمسة بنات ، بنتان في الإمارات، وثلاثة في حمص السورية، وهن وأقاربه تابعوا وأشرفوا على جنازته مع محبيه وعشاقه من الفلسطينيين اللاجئين.

تعلقه بسورية

ويروى صديق أبو عرب، مدى تعلقه بسورية ومخيم العائدين في حمص، وقال" أن سورية تمثل له الشيء الكبير كأي فلسطيني حيث قضى فيها أغلب سنوات حياته بعد أن هاجر شاباً من بلدة الشجرة وعمره 17 عاماً عام 1948 وهو عام النكبة ، الذي اغتصبت فيها العصابات الصهيونية أرض فلسطين وأقامت "إسرائيل" على أنقاضها.

وأوضح أن أبو عرب كانت له علاقة مميزة مع الرئيس السوري السابق محمد الامين الحافظ، والذي عرض عليه منصب وزير العمل في حكومته، حينها أخبر المقربين من الرئيس السوري أن "أبو عرب" لاجئ فلسطيني ولا يجيز له القانون أن يتولى هذا المنصب. وكان حب ابو عرب للرئيس السوري آنذاك نابعة من وصفه الفلسطينيين بالأسود.

موقفه من المقاومة

وأكد الصديق المقرب لأبو عرب، أن المقاومة كانت العمل المحبب لأبو عرب ، وكان يزور الفدائيين في مراكزهم ويغني لهم، حتى أن التنظيمات الفلسطينية كانت تدعوه في انطلاقاتها في سورية، كحركة الجهاد الإسلامي ، وحركة حماس.

كما انه تلقى عدة دعوات من حزب الله اللبناني وأقام حفلات في لبنان، وعلاقته مع الحزب علاقة محبه، كحبه للمقاومة.

كما أكد، أن أبو عرب لم يؤمن يوماً بأن المفاوضات مع العدو الصهيوني ستعيد للفلسطينيين حقوقهم التي سلبت منهم عنوة من قبل العصابات الصهيونية. لذلك كان دعمه للمقاومة بشكل غير محدود.

زيارته لفلسطين

تمكن أبو عرب من زيارة فلسطين مرتين، في العام 2011، و2012 على التوالي، وكان استقباله استقبال رسمي، حيث في كل مدينة يزورها كان حرس شرف ، وكان بكوفيته وعقاله يعكس ملامح قضية فلسطين.

وكانت الفرحة لأبو عرب لا توصف عندما وطأت قدماه قرية الشجرة بلدته الأصلية التي قاتل فيها العصابات الصهيونية وأصيب بها قبل أن يرحل إلى قرية كفر قنا. وأقام فيها الحفلات مع أهله وأصدقائه وأهل بلدته. وكان يحلم دائماً بالعودة والإقامة في قريته.

سمات أبو عرب

كان أبو عرب شخصاً اجتماعياً ، وذكياً ، ومن يجلس معه يحبه بسرعة، ومنتمياً لقضيته ووطنه، ويرفض التطبيع والاستسلام، كما أنه شخصاً صاحب مبدأ .

ويروي صديقه بأنه في كافة المجالس سواء مع الأهل أو الاصدقاء او الضيوف او الجاليات، بعد أن ينشهدهم ما يحبون من اغاني ومووايل وطنية وثورية، يطلب من كل شخص ذكر اسمه واسم بلدته ويكون له موالاً يوحى بان اسمه افضل الاسماء وبلدته افضل البلاد.

حتى أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ، مازحه في إحدى المرات، وقال له ، هاتلك موال عن الفِجل، فلم يتردد أبو عرب وردً عليه بموال.. فما كان من مشعل إلا أن ضحك وقال له ، :"فعلاً إنك شاعر شاعر".