خبر لماذا يضحكني يئير لبيد؟ -هآرتس

الساعة 09:22 ص|24 فبراير 2014

لماذا يضحكني يئير لبيد؟ -هآرتس

بقلم: اسحق ليئور

(المضمون: إن الحديث عن تجنيد الحريديين كلام فارغ لا جدوى منه ككل الكلام السياسي الذي أصبح يقال في الفترة الاخيرة في اسرائيل - المصدر).

 

يمكن أن نوجز الآن بعد أن عادت الصهيونية كحمار ابيض يركبه يئير لبيد فنقول إن الصهيونية لم تعد كما كانت. فقد كانت تتحدث في الماضي كثيرا عن "ما الذي نريد فعله"، لا "عما يجب علينا أن نفعله بهم"، وقد فعلت بهم – بالفلسطينيين واليهود – مظالم كثيرة لكن شعار لبيد على الخصوص هو فقرة تثير الاهتمام من هيكل الماموث العظمي: إن الصهيونية التي ضايقت اليهود قد عادت. سنحلم مرة اخرى بشعر أصداغ مقصوص ونشكلهم على صورتنا ومشيئتنا. إن الخدمة العسكرية نفسها غير مهمة فالمهم هو وسواس الطبقة الوسطى. وكما هي الحال في كل وسواس – وهو مادة فكاهية ممتازة – يكون منطق الطلب دائما "ليكفوا عن التلذذ" هناك في مدارسهم الدينية. ولا يكونن مختلفين هناك في أحيائهم، وليكونوا مثلنا ولنكن جميعا "ككل الأغيار".

 

ليس لبيد وحده مضحك بل عوفر شيلح ايضا – وهو القطب "العملي" لعرض المهرجين هذا – هو ايضا مضحك حينما يُبين "أننا ننقذ اقتصاد اسرائيل"، إنه

 

مضحك ولا مسؤولية عنده. فكل من يعلم عدد العاطلين قسرا في المجتمع الاسرائيلي يعلم أن "الحداثة" التي يُهيئونها للحريديين، مع المواضيع الجوهرية أو من غيرها، هي فكاهة. وهي جزء من الوسواس لا غير. فالاقتصاد الاسرائيلي يقوم على بطالة ضخمة لا تقاس في الحقيقة للعرب والنساء والحريديين والجنود. فما أسهل ارسالهم الى العمل و"انقاذ الاقتصاد".

 

لا يؤمن أحد في الحقيقة بأهمية القانون الجديد للتساوي في عبء الخدمة العسكرية ومع كل ذلك يتحدثون عنه لأن المجتمع السياسي محتاج اليه. إن شعبية طلبه هبطت منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، في ذلك الوقت كان اليسار الصهيوني كله – بأمل اسقاط بنيامين نتنياهو وحلفائه – يصرخ على رؤوس الاشهاد بقوله "شعب واحد وتجنيد واحد". ويكفي أن ننظر في صحف ذلك الوقت كي نصدق. ولم يعق ذلك هذا اليسار عن تحويل اعضائه الى ضباط تجنيد، وينبغي أن نقول لاجل الحقيقة التاريخية إن اليسار ليس من الغريب عليه تماما أن يكون شرطة. ومن المؤكد أن ذلك لم يكن غريبا عن روح اليسار الصهيوني في كل ما يتعلق بالجيش الاسرائيلي، لكن الامر انتهى مع كل ذلك.

 

إن خفوت طلب "التساوي في العبء" قد جاء مع هبوط قدر التجنيد، فقد زادت نسبة المتهربين من الخدمة العسكرية ولا سيما من الطبقات التي تحدد الرأي العام. إن حملة "يوجد مستقبل" الدعائية هي مراسم شكلية في زمن موت الايمان نفسه.

 

وبقينا مع الحد الادنى الفكاهي، أي مع كهنة التجنيد الذين لا ينبغي أن نصدق ولو كلمة واحدة منهم لا لأنهم يكذبون بل لأن ذلك غير مهم حقا، وهم يقولون للجمهور فقط إنه مهم. ويسمع الجمهور التواريخ والدرجات المئوية والاعداد وينظر الى

 

كل ذلك في جدية شبه مُتروى فيها منتظرا أن تمر الثرثرة وأن يحدث شيء جديد. والمذيعون لا يصدقون في الحقيقة ولا يصدق المحللون ايضا والسخافة مقدمة للاعلانات التي لا نهاية لها وليس كل ذلك معا سوى مقدمة لمسابقات طبخ.

 

هذا هو جوهر السخرية الجديدة فهم يكررون نصوصا كتبها خبراء علاقات عامة وكُتاب خطب ومن شابههم ممن لا يؤمن أحد بهم ولا يكفر بهم وهم مع كل ذلك يكررونها مرة بعد اخرى. هذه هي وظيفة اللغة السياسية في عصر الليبرالية الرأسمالية – لا كالخطب والشعارات في نظم الحكم الاستبدادية الايديولوجية، لكنها تشبهها. فهي ليست لا حقيقة ولا كذبا بل هي لغة فارغة. فلبيد قال كذا ونتنياهو قال كذا ونحن نتثاءب هكذا وهكذا.

 

ونقول بالمناسبة إن الصهيونية لم تغب قط بل استمرت تدمر حياة الفلسطينيين وهي الآن تعود – بدل تجفيف الحولة ومشروع القناة القطرية وزرع الاشجار في منطقة عدولام – وهي كل المشاريع الحديثة التي نشأنا عليها لسمعتها الطيبة – تعود لتجند 5 آلاف من شباب المدارس الدينية في 2017، فلتطل أيامنا فقط لترى أعيننا العودة الى صهيون.