خبر فوضى في القاهرة -يديعوت

الساعة 09:12 ص|23 فبراير 2014

خطأ ثلاثي

بقلم: سمدار بيري

(المضمون: ليس المراسلون الميدانيون لقناة "الجزيرة" سوى أداة لعب في حرب الاستنزاف بين الامارة الاغنى في العالم وبين الجهود لادخال الجنرال السيسي الى قصر الرئاسة - المصدر).

 

لم يعد أحد يحب قناة "الجزيرة". المصورون الاكثر نشاطا، الصحفيون المستعدون لان يركضوا خلف قصة – وكان بينهم من دفعوا الثمن بحياتهم في ساحات المواجهة – الا ان الاجندة الاسلامية لا يمكن اخفاؤها. هم الذين قادوا "الربيع العربي" في تونس، ساهموا في عزل مبارك، تجندوا لان يكونوا بوقا للاخوان المسلمين واداروا العلاقات العامة لصدام حسين، اسامة بن لادن وحماس في غزة.

 

يوجد ثمن للاجندة الاسلامية: "الجزيرة" تسجل هبوطا هائلا في مستوى المشاهدة. في السعودية ليس لهم موطيء قدم. وفي المغرب القوا بهم. وفي الاردن صادروا لهم الاشرطة. في بغداد وطهران يسيرون على الخط والا فلن يكون بوسعهم العمل. في البيت الابيض يمقتون "الجزيرة" وفي اوروبا يحافظون على مسافة. المذيعات الخمسة الاوائل تركن الشاشة، وصحفيون كبار استقالوا في وسط ضجيج اعلامي. كل هذا الى أن جاءت القصة في مصر ورفعت مستوى التضامن العالمي مع القناة المثيرة للاعصاب.

 

خطأ ثلاثي ارتكبه المجلس العسكري الاعلى في القاهرة، حين شن حربا ضد "الجزيرة". اعتقلوا صحفيين قدامى، وارسلوا النائب العام الذي يدير "محاكمة القرن" ضد مبارك وضد مرسي، ليدخلهم الى قفص المتهمين.

 

الخطأ رقم واحد: مصادرة العتاد واعتقالات الصحفيين ليست صورا جميلة وبالتأكيد لا تنسجم واطار حرية التعبير، حقوق المواطن والديمقراطية. الخطأ رقم اثنين: في اللحظة التي يكون فيها المنتج الكبير محمد فهمي هو صاحب جنسية كندية، وبيتر غريست، الصحفي الاسترالي الذي حاز على العديد من الجوائز وجاء ليحل محل زميل في القاهرة – اصبحا خبرا ساخنا. لا توجد وسيلة اعلام تسمح لنفسها بتجاهل القصة عن 20 صحفي القي بهم الى السجن في منتصف عملهم. الخطأ رقم ثلاثة: الحرب ضد

 

"الجزيرة" نجحت في أن تخرج الى النور نزاعات داخلية بين المعسكر المتطرف والمعسكر المعتدل في قيادة الاجهزة في القاهرة. فثمة من لم يستطيعوا ضبط النفس حيال سلوك "الجزيرة" وآخرون مستعدون لان يعترفوا بان "يجب التخلص من القضية".

 

وها هما حقيقتان يجب اخذهما بالحسبان: صحفيو "الجزيرة" يمكنهم ان يتراكضوا في الميدان من الصباح وحتى الساعات المتأخرة من الليل، ولكن جدول الاعمال والعناوين الرئيسة تتقرر في المقر الرئيسي في الدوحة، عاصمة إمارة قطر. وليس المراسلون الميدانيون سوى أداة لعب في حرب الاستنزاف بين الامارة الاغنى في العالم وبين الجهود لادخال الجنرال السيسي الى قصر الرئاسة. وكيفما نظر الى الامر، فان "الجزيرة" جاءت لتزعج. تأييدها للاسلاميين يخرج (حتى الان) في كل نشرات الاخبار وبرامج الاستضافة على مدار الساعة.

 

ما كان احد ليلوم المجلس العسكري الاعلى في مصر لو كان اغلق مكاتب القناة، صادر العتاد ورحل المراسلين في أول طائرة. ويمكن لموظفي وزارة الاعلام الادعاء بانهم ليس لديهم بطاقات صحافة، وانهم تجاهلوا عن عمد اجراءات تسجيل الكاميرات والغاء الاتصالات الفضائية للبث. ولكن طاب لاحد ما في قيادة الاجهزة في القاهرة اعلان الحرب.

 

وهكذا في نهاية الاسبوع ألبسوا الطاقم بزات بيضاء، أدخلوهم الى القفص وتلوا عليهم لوائح اتهام خطيرة عن التعاون مع منظمة الارهاب "الاخوان"، نشر الاكاذيب، التحريض والعمل الذي ينتهك القانون.

 

بعد "كشف" شبكات التجسس الهاذية في مصر، ينبغي لقضية "الجزيرة" ان تشعل عندنا اضواء تحذير. صحيح أن الصحفيين الاسرائيليين لا يحصلون على تأشيرات دخول منذ ثلاث سنوات، ولكننا لم نفقد الحماسة والفضول في العودة الى مصر. فهذا جد قريب ومثير ومحبط. ولا تنسوا اننا نحن ايضا على بؤرة الاستهداف.