خبر لم يعد حتى العربي الميت صالحا -هآرتس

الساعة 10:37 ص|20 فبراير 2014

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: كانت استهانة نشرة الاخبار المركزية في القناة الثانية الاسرائيلية بالعرب وحياتهم بخلاف العناية والاهتمام الذي تظهره باليهود وحياتهم - المصدر).

 

السلام عليكم ومساء الخير، هنا النشرة المركزية لاخبار القناة الثانية. اليكم نشرة الاخبار واهم ما فيها انها مخصصة لليهود فقط. فهي لاجلهم وواضح انها لاجلهم تشارك مشاركة فاعلة في كل الحملات السافلة لسلب الفلسطينيين في المناطق انسانيتهم

 

– وهذا واضح منذ زمن – وعرب اسرائيل ايضا. هل تريدون مثالا واحدا من امثلة كثيرة؟ انه النشرة المركزية في يوم الاثنين من هذا الاسبوع.

 

وقعت كارثة في عكا فقد انفجرت انبوبة غاز، هلكت 5 أرواح وفنيت عائلتان وخرب بيت قديم. فهل تتحدث النشرة المركزية عن ذلك، من المؤكد انها ستتحدث عنه بل سيعلن ذلك في بداية الاخبار. لكن لننتقل الآن الى الاخبار بتوسع: ان النشرة بلغت الى الكارثة بعد مرور ثلاثة (!) مواضيع اخرى فقط وبلغنا الى الكارثة في الموضوع الرابع فقط. سنحدثكم اولا عن اشياء اهم واكثر اثارة للعناية: تقرير "عجيب" يأتي هذا المساء عن تجار سلاح من بنيامين باعوا ايران قطع غيار "باهظة الكلفة"؛ وسنحدثكم عن الصداقة بين شولا زاكين واهود اولمرت التي اخذت تتصدع؛ وعن مُدبر البيت في منزل رئيس الوزراء الذي يهدد بأنه سيكشف عن تفاصيل محرجة. فقد استقر رأي محرري النشرة على ان تسبق هذه السخافات الثلاث، ان تسبق الكارثة. لماذا؟ هذا سؤال جليل. سنجيب عنه بصورة قاطعة: لان ضحايا الكارثة في عكا عرب. انتم بشر في الحقيقة بل انتم مواطنو الدولة لكنكم عرب.

 

ومن أين جاء هذا القطع؟ لانه وقعت قبل ذلك بشهر كارثة مشابهة جدا. وكانت كارثة غاز ايضا وسقط قتلى آنذاك ايضا، عائلة واحدة وثلاثة اشخاص لكن ذلك كان في حي غيلو في القدس اليهودية لا في عكا العربية وكان الضحايا منا، واطلقت قذيفة صاروخية في ذلك المساء على ايلات فأدى المراسل العسكري تقريرا قصيرا عن "الميدان" – فالامن يسبق الكارثة – وانتقلنا بعد ذلك فورا الى الكارثة اليهودية بتوسع فكان ربع ساعة من التقارير الصحفية التي تمزق القلب.

 

لا يعني هذا ان نشرة الاخبار المركزية لا تحب الكوارث، بالعكس. ان المآسي عملها الاساسي وان التوقيع الهزلي على المشاعر فطري في مورثاتها الجينية. فحينما تسمم الاولاد الاربعة في القدس في كارثة المبيدات الحشرية، كانت نشرة الاخبار المركزية تؤدي في كل يوم تقريرا عن وضع الناجيين، مستنزفة دمع العيون بقدر استطاعتها. وكان

 

حديث عن النذر "السوء" والبشائر "الفضلى"، وكان شعب كامل يقف تنفسه بامر من نشرة الاخبار. وكان كل تغيير في وضعهما الطبي يؤدى فورا ببث حي من عند مدخل المستشفى. حرر اسحق من جهاز التنفس وفتح اخوه يعقوب عينيه، وياللسعادة الوطنية. كانا يهوديين وما كان يصعب أن نتخيل كيف كانت تكون التغطية الاعلامية لولا هذه الحقيقة.

 

ان الامر كله في التحرير. فمحررو النشرة يحددون لكم في كل مساء ما هو المهم وما هو المثير للعناية، وبناءا على ذلك يقررون ما الذي يؤدى التقرير عنه وكم ومتى في الاساس: من الاهم والاكثر اثارة للعناية فما دون ذلك. ان كارثة عكا مثلا هي الرابعة في اهميتها واثارتها للعناية – بعد صفقة السلاح الصغيرة العجيبة ومُدبر البيت المهدد والعلاقات بين رئيس الوزراء السابق وأمينة سره. ان كل ذلك اهم عندكم واكثر اثارة لعنايتكم من الكارثة في عكا – هكذا قرروا من اجلكم.

 

فما الذي يستنتجه المشاهد الاسرائيلي في مساء يوم مرهق؟ يستنتج ان حياة العرب ومنهم مواطنو دولته اقل اهمية واثارة للعناية وارخص كثيرا. لو كان الحديث عن زلة في التحرير عرضية لمرة واحدة لما وجدت حاجة الى اجهاد النفس، لكن الحديث عن نهج مغروس عميقا جدا وهو ينقل رسائله الخفية الى المشاهدين اليهود لكنه يقول للمشاهدين العرب ايضا شيئا ما عن منزلتهم في سلسلة غذاء الاخبار، هي منزلتهم في المجتمع. وقتل عربي في يافا؟ ليس ذلك خبرا. أقتل عربي على مبعدة مئات الامتار شمال مدينته وعلى مرأى من مئات اليهود في يوم السبت المقدس؟ مُفتتح النشرة.

 

هكذا يصوغون الوعي وهكذا يربون شعبا ويشكلون برنامج عمل له. وهكذا ايضا يحرضون بصورة بغيضة دون أن يتركوا أدلة جنائية حتى لم يعد العربي الميت عربيا صالحا (لنشرة الاخبار المركزية).