خبر هل ينقذ تمثال “أبولو” البرونزي حكومة غزة من أزمتها المالية ؟!

الساعة 09:59 ص|19 فبراير 2014

وكالات

كنز أثري كبير، وقع قبل بضعة شهور صدف في قبضة صياد من “دير البلح” من المحتمل أن يكون القطرة الأولى من الغيث الذي تعقبه العديد من الاكتشافات الأثرية في قطاع غزة .

تمثال ليس من الرخام أو الحجر بل من المعدن وهذا نادرا جدا ما يحدث ، عرف هذا التمثال فيما بعد أنه إله  الشعر “أبولو” ( إله النور والشمس و أبرز إلهة الاولمبياد في التاريخ اليوناني والروماني ) والذي يعود إلى  2500 سنة ق .م.

سكب هذا التمثال من معدن البرونز (مادة القصدير والنحاس) ليصل وزنه إلى 500 كيلوجرام وبطول 6 أقدام (1.8 مترا)، حيث تم صقله بطريقة فنية جميلة جدًا، لكي يبقي تحفة للبشرية .

ورغم أن أحدًا من علماء الآثار العالميين لم يتمكن من رؤيته حتى الآن كون قطاع غزة مفروض عليه من “إسرائيل” ومصر قيوداً صارمة تحد حركة الدخول والخروج. إلا أن خبراء يقدرون قيمة هذا التمثال البرونزي بنحو 17 مليون جنيه إسترليني.

ويقول المؤرخ بمعهد الآثار الفرنسي التوراتي في القدس جان ميشيل دو تاراجون إنه نادر، ولا يقدر بثمن، وهو كمن يسأل عن قيمة لوحة لا الموناليزا في متحف اللوفر.

وبين مقولات كثيرة طالت الصياد نفسه بأنه أخذه حصة كبيرة من المال أو تنازل عن هذا التمثال مقابل وظيفة، وأخرى طالت حكومة غزة بأنها سوف تبيع هذا التمثال لحل أزمتها المالية يؤكد المسئولين في غزة أنهم سيلتزمون بالقانون الذي يجرم بيع الآثار، وسيمنحون مكافأة لمن يثبت أنه قام باكتشاف التمثال وذلك عند الانتهاء من التحقيقات .

“الاقتصادية” في التقرير التالي تقف على إمكانية تأجير هذا التمثال وأثر ذلك اقتصاديًا على قطاع غزة .

ينتاب الصياد الفلسطيني جودة غراب – 26 عامًا – قلق شديد جراء جهله لنصيبه المالي في التمثال البرونزي الذي وجده ، فحتى يومنا هذا لم تتواصل أي جهة رسمية معه بينما لا يكف الصحفيون عن إجراء العديد من المقابلات الصحفية معه بعد حصولهم على صورة لتمثال من وزارة الداخلية  .

يقول غراب لـ”الاقتصادية” : ” حتى الآن لم يتحدث معي أحد بخصوص حصتي المالية، لكن يجب أن يتم ذلك فهذا حقي، أطالب بحقي الشرعي بنسبة معينة “.

ويستغرب غراب من اعتباره مخالف للقانون لأنه لم يسلم التمثال لجهة رسمية مباشرة، ويوضح أنه سلم التمثال مباشرة لجهة تنظيمية قادرة على تسليمه للحكومة.

وينزعج غراب كثير من إطلاق المواطنين لعدة شائعات بأن التمثال ذهب وأنه باعه وحصل على مبلغ طائل نظير ذلك، أو أن الحكومة عرضت عليه مبلغ من المال ومنحته وظيفة مناسبة له مقابل التنازل.

ويعي غراب جدًا أن هذا التمثال حق لدولة، لكنه يريد أيضًا أن يقدر أنه هو صاحب التمثال فهذا سيشجع المواطنين على الكشف عن أي شيء يجدونه من الآثار .

 

يمكن تأجيره

كنز ثمين وكشف أثري دفع المؤسسات الدولية للاتصال بوزارة الآثار والسياحة  بغزة لعرض المساعدة في عملية الترميم، بينما قدما متحفاً في جنيف واللوفر في باريس عرضا لاستئجاره.

رئيس دائرة الآثار في وزارة السياحة والآثار في غزة، أحمد البرش ينوه إلى أن وزارة الداخلية الفلسطينية في طور الانتهاء من ملف التحقيقات العامة في قضية التمثال ومن ثم سيتم تسليمه لوزارة السياحة والآثار كونها جهة الاختصاص والعاملة في هذا المجال.

وبين أنه في حال استلام هذه التمثال من وزارة الداخلية سيتم عمل ترميمات عاجلة وسريعة له، لأنه يحتاج إلى عمل ترميم وصيانة بشكل عاجل وسريع .

ويأسف البرش إلى أن الصياد قام بالتصرف به لجهات أخرى، بعد أن حاولوا معرفة نوع معدنه فقاموا بقطع أصبعين من أصابعه وإزالة عينه اليسرى ، مشيرا إلى أنه تم التصرف فيه بطريقة غير شرعية وغير قانونية من قبل هذا الشخص .

ويقول البرش إن قانون الآثار القديم يجرم كل من يحاول بيع أو تهريب أو تخريب أو طمس المعالم الأثرية أو القطع الأثرية في قطاع غزة .

ويرد البش على الاتهامات بأن الحكومة بغزة ستبيع هذا التمثال بالقول :” هناك قانون يتم تطبيقه في الأراضي الفلسطينية وعلى الحكومة والمواطنين العمل وفق هذا القانون” ، ويواصل القول :” الآثار لا يمكن بيعها لأنها تاريخ مشرف للقضية الفلسطينية ، والبيع طريقة غير شرعية ولا يمكن للحكومة أن تقوم بهذا”.

أما عن إمكانية تأجيره فيقول البرش :” القانون يجيز عملية الإعارة أو التأجير لمتاحف عالمية لكنه لا يجيز عملية البيع “.

ويعد البرش الصياد بأن يحصل على مكافأة بعد أن تحسم المسألة، مشيراً إلى أن هناك مؤتمر يليق بهذا الحدث العالمي سيتم في حالة الانتهاء من أمور التمثال .

 

التأجير ايجابي

منذ عشرات السنين و قطاع الآثار الفلسطيني يتعرض لنهب ، وهذا حدث أثناء فترة الاحتلال لقطاع غزة ، كما أن هناك عشرات القطع الأثرية الموجودة في المتاحف الإسرائيلية وكممتلكات خاصة ، وهنا يعقب الخبير الاقتصادي عمر شعبان أنه حتى في بيوت غزة يوجد بعض الآثار رغم أنه لا يحق لأي فرد فلسطيني مهما كان أن يمتلك أو يستحوذ أو يكون لديه حرية التصرف في الآثار الفلسطينية ، ونوه بالقول :”هذه شيء مرفوض ويحاسب عليه القانون”.

ويشدد شعبان على أن هذه الآثار هي ملك لشعب الفلسطيني ، للأجيال  الحاضرة والقادمة منه ولا يحق لأي  نظام سياسي أن يتصرف بهذه الآثار التي لا تقدر بثمن .

أما فيما يتعلق بإمكانية تأجير هذا التمثال لتخفيف الأزمة المالية، فيري شعبان أن هذا التأجير يجب أن يكون ضمن اتفاقيات رسمية وضمن شروط عدالة تضمن للمجتمع الفلسطيني استعادة هذا التمثال في الوقت المناسب ، كما يجب أن يكون هناك خبرة فنية في تقدير السعر ضمن مناقصة عامة أو مزاد علني عبر الانترنت تشارك فيها عشرات من المتاحف والحكومات المعنية بالتأجير مزاد علني للحصول على اكبر سعر، مشيرا إلى أن هذا ايجابي لحد ما لفك الأزمة الاقتصادية الفلسطينية .

ويؤكد على أهمية إعادة طرح موضوع تخصيص مبلغ مالي لمن يجد آثار بشكل قانوني ورسمي ، مضيفا أنه يفترض أن يكون هناك تشجيع للمواطنين لتسليم الآثار أو إدلاء عنها وهذا موجود في العالم حيث تحدد نسبة من المال لمن يجد آثار ويسلمها ، وختم بالقول:” يجب سن قانون يلزم المواطن ويشجعه لتبليغ عن أي مقتنيات أثرية “.