خبر للكذب توجد أقدام- معاريف

الساعة 09:53 ص|17 فبراير 2014

بقلم: عاموس غلبوع

(المضمون: صناعة الاكاذيب لليسار المتطرف آخذة في التطرف، المشكلة هي أن الامور المغلوطة تنتقل وتؤثر على الوسط المعتدل ايضا - المصدر).

 

صناعة الاكاذيب لليسار الراديكالي، في العالم وفي البلاد، تحطم ارقاما قياسية جديدة في كل ما يتعلق بدولة اسرائيل. فلديها خيال ابداعي غير عادي. فما الذي لا تقوله عن دولتنا؟ ان دولتنا هي فاشية. بمعنى ان لها عداء متطرف للحركة النسوية، لها حزب جماهيري واحد ذو مزايا عسكرية، لها زعيم، دوتشيه، متوحش وكريزماتي، يلقي الى السجن كل من يتجرأ على ان يقول عنه شيئا غير جميل، وكل وسائل الاعلام تأتمر بامرته، وله ايضا سرايا هجومية خاصة تضرب العمال المضربين باسم الوطنية الاسرائيلية.

 

على اساس ماذا يقال هذا؟ منظمات الحقوق وبروفيسوريو العدالة الكونية يوفرون "حقائق" لاثبات الادعاء بان الدولة الفاشية هي ايضا دولة ابرتهايد. بمعنى، في دولة اسرائيل، مثلما في جنوب افريقيا، يوجد فصل مطلق بين اليهود والعرب (او بين اليهود من أصل غربي واصل شرقي) محظور للعربي أن يكون في حديقة عامة لليهود؛ محظور للعربي أن يقضي حاجته في مرحاض مخصص لليهود؛ محظور للعربي أن يكون على اي اتصال جنسي مع يهودية؛ محظور للعربي أن يأكل في مطعم اليهود. والويل لمن يفعل امورا كهذه. كيف هذا؟ ماذا يدعم هذا الادعاء؟ لصناعة الاكاذيب توجد حقائق وبروفيسورة واحدة ايضا تقدم اقتباسا من اقوال حاخام يهودي ما في مدرسة نائية. ولكن كل هذا لا يكفي لتشخيص صورة شيطانية لدولة اسرائيل.

 

فالصناعة تقرر بان الدولة العبرية تعنى ايضا بالارهاب العرقي. بمعنى "جيش القمع والاحتلال" الاسرائيلي جعل مناطق كاملة في الدولة منسجمة، مناطق اليهود وحدهم يمكنهم ان يعيشوا فيها. وقد فعل هذا إما عن طريق طرده بالقوة للفلسطينيين المساكين او فعل هذا ببساطة بالذبح. شيء يشبه ما يجري هذه الايام في سوريا، عندما يطهر علويو نظام الاسد مناطق كاملة من سكانها السُنة. وعندما يطلب المواطن المتأثر أدلة، تصرخ على الفور الصناعة بهدم المنازل (غير القانونية)، وبالنية المبيتة لبناء بلدات يهودية في الجليل. بمعنى، تهويده وطرد عرب الجليل، وبالطبع تمتشق على الفور افكار ليبرمان. ولكن التطهير العرقي لا يكفي. دولة اسرائيل تنفذ قتل شعب، هكذا بوضوح. وما الدليل؟ هل قتلوا، والعياذ بالله، الشعب الفلسطيني؟ بالتأكيد قتلوا، تقول الصناعة منتجة اكاذيبها، والدليل هو ان اسرائيل قتلت نساء واطفال في حملة "رصاص مصبوب".

 

وفي هذه الايام بالغت في سخفها بروفيسورة في علم الاجتماع في الجامعة العبرية، في مقال "مثقف" قالت فيه ان دولة اسرائيل تشبه اصحاب العبيد في ذاك العهد في الولايات الجنوبية من الولايات المتحدة، والعبيد هم الفلسطينيون. "الحقائق" لتثبيت ادعائها الغريب؟ وبالفعل، كان لنا مثال حي الاسبوع الماضي عندما قال رئيس البرلمان الاوروبي في كنيست اسرائيل انا نميز بشدة بحق الفلسطينيين في توزيع المياه وذكر ارقاما ("شاب فلسطيني ما قال له في رام الله")، لا توجد اي صلة بينها وبين الواقع. مجرد كذب فظ. وكحكم الكذب في موضوع المياه، هكذا عموم "الحقائق" التي تأتي بها. المذهل هو القطيعة المطلقة عن الواقع الذي يتجسد في المقال. لا توجد هناك على الاطلاق سلطة فلسطينية، لا توجد على الاطلاق حماس. لا توجد هناك على الاطلاق الحقيقة البسيطة بان 95 في المئة من "العبيد" الفلسطينيين يسكنون في ارض تخضع لسيطرة السلطة و 100 في المئة في غزة.

 

ما الذي يحزن ويخيف حقا؟ "للكذب توجد حقا أقدام"، وهو يتغلغل في العالم كالسم. اليسار عندنا ينجر نحو اليسار المتطرف. وبدلا من أن يخرج ضد فريات الدم خاصته، وبدلا من دحضها، يدعي في افضل الاحوال بـ "حرية التعبير" والحق في "النقد". وفي اسوأ الاحوال يؤيدها. الخطير هو انه في الجانب المضاد، ينجر اليمين نحو اليمين المتطرف، الى حد أنه بات يصعب التمييز بين الاثنين في داخل الليكود. والوسط؟ آخذ في الهزال. محزن.