خبر أجر وأجرة ..بقلم: م. أسامة العيسوي

الساعة 05:29 م|12 فبراير 2014

مع نهاية كل شهر تزداد الأحاديث الجانبية والعلنية والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، عن موعد صرف رواتب الموظفين، وهل سيتم صرف راتب كامل؟ أم نصف راتب؟ وما مصير المستحقات؟.

 

وإن كان السؤال عن ذلك يمكن تفهمه، ومن حق الموظف، وخصوصاً مع زيادة متطلبات الحياة، وارتفاع الأسعار نسبياً بسبب الحصار الجائر الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة تحديداً، من باب العقاب الجماعي على خياره الديموقراطي وانحيازه الواضح للمقاومة.

وهذا أمر لا يروق بأي حال لا للاحتلال، ولا لأذناب الاحتلال، مهما اختلفت أسماؤهم ومسمياتهم. فبالنسبة للمحتل، لا يجب أن يرفع هذا الشعب رأسه، أو يهنأ بلحظة يفكر فيها بغد مشرق، ويخطط لذلك بما أوتي من إمكانات محدودة، ولكنها عظيمة، لأن الله يبارك فيها، فهو أعلم بخبايا الأنفس، وبحقيقة هذا الشعب الصابر المرابط، الذي لا يكاد أن يخرج من أزمة إلا ويجد نفسه أمام أزمة جديدة، أكثر تعقيداً وصعوبة، ولكنه كل مرة يخرج منها بإذن الله وكرمه أكثر قوة وتصميماً على المضي قدماً، فهو يعلم أن سلعة الله غالية.

 

ورغم ذلك فالمواطنون ومنهم الموظفون بشر، يزداد إيمانهم وينقص، تقوى عزيمتهم وتضعف، تعلو همتهم وتخبو، لذلك من الطبيعي أن تسمع تساؤلات هنا، وانتقادات هناك، وتأففات في مكان آخر، ولست بصدد الدفاع عن الحكومة أو التنصل من المسؤولية، ولكن في نفس الوقت لست مع التعليقات الخارجة عن نطاق التساؤل المعقول، أو في بعض الأحيان تتجاوز حدود أداب النقد المقبول، فالله أعلم بالجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة، وخصوصاً وزارة المالية، من أجل العمل على توفير الرواتب كاملة، أو جزء منها في المواعيد المفترضة.

 

ومرت علينا فترة بدأ فيها صرف الرواتب يتم بصورة طبيعية، ولكنها سياسة التضييق التي اشتدت في الأونة الآخيرة التي سببت هذا التراجع. ويزداد الشعور بالضيق عند البعض عندما يرى جاره القاعد في البيت، الذي استنكف عن أداء واجبه الوطني والأدبي يستلم راتبه كاملاً، ومع ذلك فهو يعلم أنها ضريبة الانتماء للوطن، وقبلها الانتماء لهذا الدين الحنيف، الذي تعلمنا فيه أن الرزاق هو الله، وأن العاطي هو الله، وأن المانع هو الله، وتعلمنا أنه من يخرج للعمل فهو في سبيل الله، فقد رُوِي أن بعض الصحابة رأوا شاباً قوياً يُسرِع إلى عمله، فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله، فردَّ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا هذا، فإنه إن كان خرَج يسعى على ولده صِغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفُّها فهو في سبيل الله)، وحديثه عليه الصلاة والسلام: (مَن أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفوراً له).

فهو إذن الأجر الذي يتحصل عليه الموظف إن أخلص نيته لله تعالى، ولن يكلفه ذلك كثيراً، ولكنه إعمال القلب والجوارح لتكون وظيفتها في سبيل الله، فيقوم بها على أحسن وجه وبأفضل صورة، متسع الصدر للجمهور، يحسن التعامل معهم، ويؤدي طلباتهم بأسرع وقت، دون تأخير أو مماطلة، ويرفع من تفكيره ومن ذهنه مقولة البعض: أن العمل على قدر الراتب، فهذا أمر غير مقبول من هذا الموظف، وليس له عذر أمام الله على أي تقصير في عمله، فهو تقصير بحق ذاته، وبحق المواطنين الذين يتلقون خدماته مهما كانت طبيعتها، ففي النهاية جميع المؤسسات الحكومية مهما كانت طبيعة عملها تقع ضمن منظومة متكاملة، هدفها الأول خدمة المواطن، والعمل على راحته.

 

أعرف أن الأوضاع صعبة، وأن الهموم تثقل كاهل الموظفين بصورة كبيرة، ولكن الأمر يتطلب المزيد المزيد من الصبر، وإخلاص النية لله عز وجل حتى تتحصل على الأجر الذي ستلقاه عند الله، والأجرة التي ستحصل عليها بإذن الله كاملة أو مجزأة أو محفوظة في المستحقات لحين ميسرة ندعو الله أن تكون قريباً، والأهم في ذلك اليقين بأن ما عند الله خير وأبقى.