خبر خطة كيري- نتنياهو.... أم النكبات..د.بسام رجا

الساعة 09:51 ص|06 فبراير 2014

اعلامي فلسطيني

وسط الدبابات "الاسرائيلية" يقف نتنياهو معتمراً قلنسوة الحاخامات وبجانبه وزير خارجيته افيغدورليبرمان  يستمعان إلى شروحات قيادات في المنطقة الشمالية عن جهوزية جنودهم في حال تعرضهم لهجوم  مباغت ......هذه الصورة الاستعراضية يضعها رئيس الوزراء  الصهيوني على طاولة مكتبه المنشغل اليوم بدراسة خطة وزير الخارجية الأميريكي جون كيري "المتأفف" من أداء دولته في سرعة الانجاز للوصول إلى الجرس الأخير أما بالجولات......أو الضربة القاضية,ويبدو أن رجل الابتسامات المتصنعة متحمس لضربة قاضية تُسرع من طي  صفحات أعقد ملف واجه الادارة الأميركية  طيلة عقود.

حماسة ومكوكية منقطعتا النظير في أقل من شهرين شهدا زيارات كيري للمنطقة منها ما أعلن عن نتائجه..., والآخر بقي في غرف محكمة الإطباق ..واليسير الذي يتم تداوله إعلامياُ ويسرب إما عبر الصحف الاسرائيلية أو الاميركية مدروس بدقة ومتفق عليه.فماالذي جرى ويجري؟! وأين هي  حقيقة كل ما يقال عن أن الحل النهائي "للمعضلة" قد أصبح جاهزاً.وهل نحن أمام إتفاق يجعل من أوسلو إنتصاراً تاريخياً لو طبق في السنوات العجاف؟.

خطاب السلطة الفلسطينية السياسي وتصريحات مسؤوليها لا يطابق معظم ما يتم تداوله..,فهي تحرص على أن تؤكد أن أي إتفاق لا يشمل قضايا الحل النهائي (  القدس- المستوطنات- حق عودة اللاجئين الفلسطينيين)  لن يبصر النور وهي غير مؤهلة للتنازل عن هذه الثوابت كما صرح أكثر من مسؤول فيها..وعلى رأسهم السيد " أبو مازن" ..هذا من جهة...., ومن جهة مقاربة لم يقدم كيان الاحتلال خلال السنوات الخمس الأخيرة أي معطى يجعل السلطة  متحمسة لتجميل "صفقة" تنهي الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.....,فالاستيطان التهم 80 بالمئة من الضفة الغربية..والقدس أصبحت مقطعة الأوصال وازداد منسوب الاستيطان فيها 3 مرات في العام 2013..,وحوصرت رام الله اقتصادياً لحد عدم صرف رواتب الموظفين,ناهيك عن حجم التدمير في البنى الاقتصادية وفق القوانين الاسرائيلية التي تفرض ضرائب تصل الى حد 100% .

السلطة الفلسطينية بين المعلن والمخفي

لكن في الجهة المقابلة لم تنفك السلطة من التنسيق الأمني اليومي والالتزام بكل التعهدات التي أُبرمت على هامش اتفاق أوسلو....ومنع أي مظاهر مقاومة في الضفة الغربية وهذا ما يؤكده الاسرائيليون أنفسهم ولا تخفيه السلطة المطوقة بالحواجز والكاميرات والمراقبة التي تصل إلى حد اعتقالات وتوقيفات لكل من يتجاوز الخطوط الحمر...,وتردد عجزها إنها في واقع عربي هش لم يقدم عوامل القوة لها.......ولم ينتصر  في مسانداتها عبر عقود سوى في مؤتمرات وخطابات سياسية لن تؤخر وتقدم.

هذه الرواية تجاهر بها أمام أي وفد تلتقيه  وتخاطبه, وتضيف أن واقع الحال يضعف من ممانعتها  ومقاومتها لأي مشروع يستهدفها ك"منجز" هي طورته وتجاوزت صعوبات وتحديات استهدفت القضية الفلسطينية.

"الاسرائيلي"يبدو غير معني بكل ما تقدمه السلطة من خطاب سياسي متعنت أحياناً ومهاجم أخرى.., عن أي فشل سيفتح خيارات صعبة دون أن تحددها, بعد أن قلم المقلم,ويناقش بتوفز ما يطرحه كيري وفق اعتباراته هو قبل أي شيء آخر.وهذا ما أكده نتنياهو في مقابلة صحفية مع أحد مذيعي القناة العاشرة قبل أيام.فقد رفض أي وجود للسلطة في منطقة الغور" شرقي الأردن" واعتبر أن هذا الأمر يخضع للعلاقة مع المملكة فقط ولا يحق للسلطة أن تفرض وجوداً لقوات دولية......هذا من ناحية.., وأخرى أن أي خطة ما لم تتضمن بقاء الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة غير قابلة للنقاش أو الحوار..,وأي تبادل للسكان والأراضي هي من تحدده........والقدس (خط أحمر) واللاجئين لا عودة لهم..,إلى حد التقاسم في المدينة المقدسة وفق خرائط عرضت على كيري ووافق عليها الأخير.وقبل كل شيء الاعتراف بيهودية الدولة.

على صفيح ساخن إذاً ينقل كيري شروط نتنياهو مغلفة بخطة تم تداولها في الاعلام أنها من صنعه..., مستفيداً من حالة التشرذم العربي السياسي والاصطفافات الاقليمية بعد حرائق ما سمي  ب" الربيع العربي" وحرب الوكالة التي تشهدها المنطقة لإسقاط  دول وقفت أمام التغول الصهيوني عبر عقود.

نحن إذاً أمام  مشهد متداخل في ما يطرح .., وشد حبال وسط دائرة مغلقة معتم عليها .., والسري فيها فقط تسربه الصحافة الغربية والصهيونية , وإن بفتات....لكن لا يخفى أن هناك أصواتاً بدأت تعزف على إيقاع التوطين والتجنيس والهجرة وفتح أبواب العمل أمام الفلسطينين في دول عربية تلفظ الفلسطيني أصلاً.....وارتفاع نغمة الأردن الوطن البديل.والحديث عن التجنيس.....وكلها مؤشرات غاية في الخطورة  تقول : إن الادارة الاميركية تعجل في دفع هذه العجلة مستفيدة من واقع عربي واقليمي ودولي...في وقت فشلت فيه في إحداث أي تغيرات في الملف السوري والإيراني.., بل على عكس ذلك كما يشير مراقبون - في ظل عودة روسية من البوابة الأوسع وتجاوز الجمهورية الإسلامية لكل الحواجز التي وضعتها واشنطن منذ عقود للحد من دور فاعل لها المنطقة.وهذا ما أكدته الوقائع في صفقة العصر بما يتعلق بالملف النووي.

في كل هذا يبدو أن الادارة الأميركية تسابق الريح  لتحقيق نصر  في جبهة سياسية هي الأسخن وإن خبت أضواءها...بعد  تكسر كواشفها ومجساتها في كثير من دول المنطقة .

 هذا لا يعني أن واشنطت تركت أو خسرت قواعدها نهائياً وخرجت من دورها..لكنه الاستعجال في البدائل ..,يؤكد على استراتيجية القضم في الملفات بعد أن خسرت رهانات  كبيرة في المنطقة.

السلطة الفلسطينية اليوم  إن أقدمت ووافقت على "خطة كيري – نتنياهو والتي وصفت بأنها  أكثر بشاعة من مجزرة نكبة العام 48 ...ماذا ستبقي في خطابها السياسي وفي جعبتها إن تعثر التطبيق على أرض الواقع؟! وكيف ستقنع الشعب الفلسطيني الذي بدأ يتحرك وإن بشكل بطيء.

 الصورة كارثية إن  دخلنا في ازدواجية المعلن والمخفي...وكيري يؤكد أن الحل أصبح فوق الطاولة....فهل نحن أمام أم النكبات.