خبر صمت غير عادي - هآرتس

الساعة 09:03 ص|24 يناير 2014

ترجمة خاصة

صمت غير عادي - هآرتس

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: في الخيار بين الاسد والقاعدة، تفضل اسرائيل استمرار القتال . واذا ما احتدمت المعضلة، فستفضل اسرائيل على الاطلاق الاسد. تجمع عشرات الاف مقاتلي الجهاد العالمي في الجانب السوري من الحدود في هضبة الجولان ساهم في التغيير التدريجي في موقف اسرائيل - المصدر).

مؤتمر جنيف الثاني، الذي جاء للمساعدة في ايجاد حل للازمة في سوريا انعقد بداية  في بلدة مونتريه السويسرية. مؤتمر مهني تقرر مسبقا منذ زمن بعيد، ترك الفنادق في جنيف في اشغال كامل واليوم فقط سينتقل مندوبو اكثر من  30 دولة مشاركة في المؤتمر الى المدينة التي تحققت فيها في تشرين الثاني تسوية مؤقتة لمشكلة مدنية مشتعلة اخرى: المشروع النووي الايراني. ايران نفسها اضطرت للتنازل عن مشاركتها، بعد ان تراجع الامين العام بان كي مون بضغط امريكي عن الدعوة          الرسمية لطهران. ومع ذلك، واضح أنه في نظر الغرب، في سوريا، مثلما في مسألة النووي، تحولت ايران من قلب المشكلة الى جزء من الحل.

الرئيس الامريكي، براك اوباما ألمح بذلك في مقال واسع نشر في بداية الاسبوع في مجلة "نيو يوركر". فقد اعترف اوباما بانه شعر بانه "ملاحق" كنتيجة للوضع في سوريا، ولكنه في نفس الوقت قال انه منسجم مع قراره الامتناع عن التدخل العسكري هناك، ورسم بحذر على مسمع من محرر المجلة دفيد ريمنك الطريق البطيء للحل في سوريا: "سيتعين علينا العمل مع الدول التي استثمرت الكثير في ابقاء نظام الاسد في الحكم – الروس والايرانيين"، اعترف. سنوات الحرب الاهلية الثلاثة في سوريا وصفها بانها "معركة وحشية بين نظام مستعد لان يفعل كل شيء كي يبقى وبين معارضة منقسمة وغير منتظمة". وغاب عن المقابلة كل نداء للبيت الابيض لتغيير الطاغية السوري.

وزير الخارجية الامريكي جون كيري، مندوب الرئيس في المؤتمر، حافظ على القليل من الجمر عندما ضمن في خطابه أول امس مطلب عزل بشار الاسد. يبدو كيري دوما كمن يوجد في درجة واحدة اعلى، اكثر حماسة، من رئيسه في كل مسألة اقليمية، من سوريا وحتى الفلسطينيين. ولكن دعوته هذه المرة بدت مثابة ضريبة لفظية. فقد تسلمت الولايات المتحدة عمليا ببقاء الاسد ما ان فرضت عليه الى جانب روسيا، في آب الماضي نزع السلاح الكيميائي بعد مذبحة المدنيين قرب دمشق. وحتى الان انهى النظام ازالة 27 طن من المواد الفتاكة من اصل نحو 1.200. ليس للاسد ما يسرع اليه: فالنزع الحذر والمتدرج للسلاح الكيميائي يوفر له نوعا من بوليصة التأمين من التدخل الدولي المنسق ضده.

الخيار بين الاسد والقاعدة

في الجلبة التي تدور على الحدود الشمالية تحافظ اسرائيل على هدوء غير عادي. ففي الخطاب بمناسبة اليوبيل لكلية الامن القومي في بداية كانون الثاني ألمح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالهجمات الجوية المنسوبة لاسرائيل ضد القوافل التي تحاول نقل السلاح النوعي من سوريا الى حزب ا لله. وباستثناء ذلك يركز نتنياهو على الثناء الذاتي في عجائب الديمقراطية الاسرائيلية، في ظل المقارنة بما يجري في دمشق، بينما النواب العرب يشتكون من الاسكات والظلم. ولكن اي بشرى تتوقعها اسرائيل من سويسرا وماذا تريد ان يحصل في سوريا؟

من الصعب ان نحصل اليوم على جواب مباشر في القدس على هذا السؤال. الدعوات المباشرة لاسقاط الاسد اختفت من القاموس منذ قبل بضعة اشهر. في 2013 كان لا يزال يتحدث النائب في حينه افيغدور ليبرمان، الوزير يوفال شتاينتس والسفير المنصرف في واشنطن مايكل اورن، عن الحاجة الى تغيير الحكم في دمشق. ولكن احداث الاشهر الاخيرة في سوريا، وعلى رأسها سيطرة المنظمات المتماثلة مع القاعدة على أجزاء من اعمال المعارضة في الدولة، غيرت الموقف الاسرائيلي بشكل يشبه ما حصل في واشنطن وفي العواصم الاوروبية. وفي نفس الوقت اثبت نظام الاسد، في ظل ابداء استثنائي لوحشية عديمة القيود، قدرة تمسك بالحكم.

في الخيار بين الاسد والقاعدة، تفضل اسرائيل استمرار القتال (بينما تغدق من بعيد مظاهر العطف الفارغة من المضمون على الضحايا). وحتى لو كانت الامور لا تقال صراحة يخيل انه اذا ما احتدمت المعضلة، فستفضل اسرائيل على الاطلاق الاسد. فتجمع عشرات الاف مقاتلي الجهاد العالمي في الجانب السوري من الحدود في هضبة الجولان ساهم في التغيير التدريجي في موقف اسرائيل.

شريك موضوعي

واستمرت المناوشات بين اسرائيل والمنظمات الفلسطينية في غزة هذا الاسبوع ايضا ولكنها لم تصبح حاليا مواجهة اشد. فمنذ يوم الاحد اطلق صاروخ وثلاثة قذائف هاون نحو النقب، وانفجرت عبوة ناسفة بانجاه دورية للجيش الاسرائيلي كانت تتحرك على طول الجدار الفاصل. وهاجم سلاح الجو اراضي القطاع ثلاث مرات، مرتان منها في عمليتي اغتيال، قتل فيهما نشيطان فلسطينيان واصيب نشيط آخر وفتى ابن 12. لم يسجل رد فلسطيني على هذه الهجمات.

وفي هذه الاثناء اعلنت المخابرات الاسرائيلية عن احباط خطة للمنظمة المتماثلة مع القاعدة في قطاع غزة لتنفيذ عمليات استعراضية كبيرة في نطاق الخط الاخضر. واكثر رئيس الوزراء ووزير الدفاع، كالعادة، من التهديد على حماس بانها ستدفع الثمن اذا ما استمرت النار من غزة. الغارات الجوية التي تستهدف بعضها اهدافا لحماس، استهدفت تذكير المنظمة بمسؤوليتها.

ولكن في الاحاديث لغير الاقتباس يقول الكثير من كبار مسؤولي جهاز الامن اقوالا مختلفة تماما: وكأنهم يدافعون عن حماس، ان لم يكن يعشقونها (تقريبا). فالمنظمة تعرض هناك بصفتها شريكا موضوعيا، بتشجيع موسمي مناسب – تهديد مصري وبين الحين والاخر هجوم اسرائيلي – سيتعزز حكمها في القطاع، وان كان لهذا الغرض عليها هي نفسها بين الحين والاخر ان تضرب الفصائل الاكثر تطرفا، التي تبقي نار المقاومة لاسرائيل. والارتفاع الحاد الذي سجل قبل اسبوع بنار الصواريخ يعرض في هذه الاحاديث كظاهرة موضعية، تنبع من اعتبارات داخلية لقسم من اعضاء المنظمات الى جانب الوهن المؤقت لقبضة حماس في المنطقة.

من لا يشارك في هذا الانفعال هو جهاز المخابرات الاسرائيلية. مسؤول كبير في الجهاز تحدث اول امس مع المراسلين في اعقاب كشف خطة القاعدة للقيام بعمليات انتحارية في مباني الامة في القدس وفي السفارة الامريكية في تل أبيب اوضح بان حماس تتخذ فقط خطوات محدودة لكبح جماح الفصائل الاكثر تطرفا في القطاع. نحو 900 من رجال القوة الامنية الخاصة بحماس وان كانت انتشرت على مقربة من الحدود مع اسرائيل لمنع الصواريخ الا انها لم تجري اعتقالات وبالتأكيد لم يقدم أحد الى المحاكمة. وبشكل مفعم بالمفارقة بعض الشيء، فان ردود الفعل الاسرائيلية المختلفة واحيانا المتضاربة، يذكر بالجدال الطويل عن معالجة السلطة الفلسطينية لارهاب حماس والجهاد الاسلامي، في الضفة والقطاع، في التسعينيات وبعد ذلك في السنوات الاولى للانتفاضة الثانية. يريدون ويستطيعون أم لا يريدون ولا يستطيعون؟ في المرة السابقة، كما يذكر، هذا لم ينته على خير .