خبر بنادق وشقائق النعمان- معاريف

الساعة 10:18 ص|19 يناير 2014

بنادق وشقائق النعمان- معاريف

بقلم: د. داني آشر

مؤرخ عسكري

(المضمون: تل شقائق النعمان (كيلنيوت) حيث دفن ارئيل وليلي شارون كان في الماضي اقل شاعرية بكثير. حربان وقعتا هناك وكذا 900 من السكان الذين تحولوا الى لاجئين - المصدر).

 

ثمة في بلادنا أكثر من موقع تنبت فيه شقائق النعمان بكثرة. اكثرها شهرة، هذه الايام هو مدفن ليلي شارون والان ايضا رئيس الوزراء الاسبق اللواء احتياط ارئيل شارون، الذي كان ايضا قائد المنطقة الجنوبية في حرب الاستنزاف وقائد فرقة اجتياز القناة في حرب يوم الغفران.

 

 

ليست هذه هي المرة الاولى التي يقف فيها جنرال قاتل في سيناء واجتاز القناة على قمة خربة هوج، التي كانت في الماضي قرية عربية تعود الى نحو 200 سنة. في الحرب العالمية الاولى، عندما انطلقت القوات البريطانية شرقا وشمالا في مطاردة القوات الالمانية – التركية في حربهم لاحتلال بلاد اسرائيل، تعرفنا على الموقع الذي استخدم كمركز قيادة متقدم للجيش الالماني.

 

في 1915 انطلقت قوات تركية، بمساعدة وقيادة المانية، في حملة عسكرية هدفها اجتياز قناة السويس واغلاقها في وجه الحركة البحرية. وكانت هذه الحملة تستهدف ضرب مصلحة حيوية وفتح جبهة اخرى على الحلفاء – بريطانيا وفرنسا، الذين كانوا يقاتلون ضد دول المحور وعلى رأسهم المانيا، ولا سيما في جبهة اوروبا. في اعقاب الحملة، التي انتهت في فشل حملة اجتياز القناة، انتقل البريطانيون الى هجوم مضاد، اضطرت في اثنائه القوة التركية الى أن تخلي مرحلة إثر مرحلة صحراء سيناء الى ان انتشرت في حالة دفاع في الجبهة الجنوبية لبلاد اسرائيل.

 

منظومة الدفاع الاساس للجيش التركي – الالماني انتشرت في ضواحي مدينة غزة. مرتان، في نيسان 1917، هاجمت جيوش الجنرال موري منظومات الدفاع – ولم تتمكن منها. فقد تمترست القوات المدافعة على مقربة من مدينة غزة ولكن ايضا في منظومة دفاع طويلة ومتقطعة بينها وبين بئر السبع.

 

على اقامة المنظومة قاد كيرس فون كيرسنشتاين، ضابط ألماني ترفع لتوه الى رتبة جنرال. مقره قيادته، قيادة الجيش الثامن، الذي قاد الفرق على الخط، اقامها على قمة "اكروبوليس" قرية هوج – قمة اتاحت التحكم بالمنظومات جنوبها وبالمجال المديني لمدينة غزة. وفي اثناء الهجوم الثالث على غزة في تشرين الاول 1917 سحب كيرس فون كيرسنشتاين قيادته شمالا الى منطقة قرية حليقات. وفي نهاية الامر حسمت المعركة لدخول اراضي بلاد اسرائيل بالتفاف عميق، عبر بئر السبع، قامت به جيوش القائد البريطاني البديل، الجنرال اللنبي.

 

تلة القيادة المشرفة كان يستخدمها 900 من سكان قرية هوج الذين كانوا يسكنون هناك حتى ايار 1948. وفي اثناء حرب الاستقلال، ورغم تعاونهم مع سكان المنطقة اليهود، طلب منهم قادة لواء النقب اخلاء بلدتهم للسماح بادارة المعركة في المنطقة. طلبهم العودة الى القرية، بعد اربعة اشهر من ذلك، رفض ووجدوا انفسهم، مثل الكثيرين من جيرانهم، في مخيمات اللاجئين في قطاع غزة. اكثر من 5 الاف من ابناء واحفاد سكان القرية يعرفون اليوم ايضا كابناء هوج.

 

التل البارز، غير القابل للحراثة، انبت شقائق نعمان كثيرة وتحول الى موقع للتنزه محبوب يطل على مزرعة تمتد أربعة الاف دونم تحيط اراضيها بالموقع. هنا طلبت ليلي ان تدفن وهنا اقيمت الان المقبرة الرسمية (بمسؤولية وزارة الدفاع) لاصحاب المزرعة.