خبر القصة الحقيقية لولادة ‘مشروع كيري’ ولبوادر ‘الصراع′ بالكواليس مع الفلسطينيين

الساعة 06:47 ص|18 يناير 2014

غزة

عندما توجه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى واشنطن العام الماضي والتقى الرئيس باراك أوباما في محاولة جديدة لحث البيت الأبيض على الإهتمام بالقضية الفلسطينية وتحريك عملية السلام نتجت مناقشة ‘حيوية’.

هذه المناقشة فيما يبدو بين الزعيمين ولدت منها فكرة مشروع جون كيري الذي يثير عاصفة من الجدل في المنطقة والعالم وهو ما زال مجرد ‘كلام’ ولا ينطوي على أي وثيقة مكتوبة أو موثقة على رأي القيادي الفلسطيني البارز عزام الأحمد.

العاهل الأردني ضغط بشدة معتمدا على منهجية الأردن الثابتة التي تعتبر القضية الفلسطيينة أساس السلام والإستقرار في المنطقة والعالم.

للأردن دوما مصلحة في السلام.. قال رئيس الوزراء عبدالله النسور عندما استقبل ‘القدس العربي’ قبل أسابيع قليلة مؤكدا أن الملك يشعر بمسؤولية ‘شخصية’ تجاه ضرورة قيام دولة فلسطينية وإعادة حقوق الشعب الفلسطيني موضحا أن الأردن يتعامل مع موازين القوى ولن يكون الطرف الضاغط على الفلسطينيين في أي وقت.

العبارة الأخيرة تعني بأن استراتيجية عمان ما زالت دفع السلطة الفلسطينية وإسنادها لكنها استراتيجية ثمة ما يوحي بأنها تتغير الآن برأي الناشط السياسي الدكتور جهاد البرغوثي الذي ينتقد وجود استعراضات شخصية لبعض النخب الأردنية تحاول ممارسة دور الضاغط على الفلسطينيين أو الساعي لمشاركتهم في المفاوضات حول حقوقهم.

قد تكون إجتهادات فردية ـ يوضح البرغوثي ـ لكنها في كل الأحوال تشوش وتخلق مشكلات نحن كأردنيين في غنى عنها ولابد من مراجعتها.

وبالنسبة لعناصر أساسية في أوساط القرار الأردنية فإن ما يحصل ليس ضغطا على الفلسطينيين بقدر ما هو استجابة منطقية لإصرار الرئيس محمود عباس ‘المريب’ على قصة الغطاء السعودي والأردني لكل ما يقترحه كيري بالتلازم مع خوف من وجود قنوات سرية للتفاوض يمكن أن تعمل على فرض أو تغيير حقائق ووقائع لها علاقة بمصالح أساسية للأردن.

المنطق الأخير هو الذي عبر عنه علنا وبجرأة نائب رئيس مجلس الأعيان الأردني معروف البخيت، لكن مبعوثين لعباس بينهم عزام الأحمد وعباس زكي قابلوا البخيت وغيره في المؤسسة الأردنية تحت عنوان واحد ‘إطمئنوا..عباس لن يوقع على شيء بدونكم وخطة كيري بلا وثائق حتى الآن ولا يوجد ما نخفيه عنكم’.

بنفس السياق حضر عباس إلى الأردن والتقى الملك وصرح بعد اللقاء بأن هدف الزيارة وضع ‘كل ما سمعناه’ على الطاولة أمام جلالة الملك. لاحقا حضر نتنياهو لعمان والصيغة التي إعتمدها الإعلام الأردني في تغطية الخبر ركزت على عبارة ملكية واحدة ‘مصالحنا الأردنية في القمة وأولا’.

سر المعركة الخفية التي تجري في الكواليس على هامش خطة كيري بين عدة أطراف يكمن عمليا بتلك القاعدة التي رفعتها عمان مبكرا بعنوان ‘مصالح الأردن أولا’.

وهو موقف جدي وحقيقي لا يملك كثيرون الإختلاف معه لكنه ينبغي أن لا يدفع البعض كما يوضح البرغوثي للإعتقاد بأن الأردن سيمثل اللاجئين على الطاولة.

بالنسبة للناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد مومني الموقف الأردني لا ينتمي لعائلة الغموض كما أوضح لـ’القدس العربي’ فعمان حريصة على أن تشمل أي حلول منصفة جميع اللاجئين الفلسطينيين ومن بينهم اللاجئين الذين يحملون الجنسية الأردنية وبموجب قرارات الشرعية الدولية.

هذه التوضيحات غير كافية لتبديد الإستغراب خصوصا بعدما قدم رئيس الوزراء عبدالله النسور ‘تعريفات’ خاصة للجوء الفلسطيني إعتمدت فقط على مفاهيم ولوائح وكالة الغوث وهي تعريفات قرر اجتماع مغلق لمجلس الأعيان أنها ‘لا تكفي لتمثيل المصالح الأردنية ‘ كما قرر الخبير البارز في القانون الدولي الدكتور أنيس القاسم أنها ‘غير كافية’.

جدل هذه التعريفات يعيد قصة ولادة مشروع كيري أصلا لتلك المناقشة الحيوية التي جمعت العاهل الأردني بالرئيس الأمريكي أوباما.

لحظتها وحسب مصدر أردني مغرق في الإطلاع ضغط ملك الأردن بشدة لكي يقنع أوباما بالعمل على إنعاش عملية السلام وسط المتغيرات الإقليمية فطرح أوباما سؤالا محددا بالعنوان التالي: هل أنتم مستعدون في الأردن للقيام بمسؤولياتكم في هذا الإتجاه؟.

يعتقد وعلى نطاق سياسي ضيق أن سؤال أوباما الأخير شكل الحاضنة التي يفكر الأمريكيون فيها وولدت وسطها خطة كيري التي وصفها وزير الخارجية الأردني ناصر جودة عندما سأله خارج إجتماع رسمي بعض أعضاء مجلس النواب بأنها ‘خطة أوباما’ في الواقع وليس خطة كيري فقط.

عليه يصبح سؤال أوباما للأردن تحديدا هو الأساس في تفسير وقراءة مجمل عملية الحراك السلمي التي بدأت مؤخرا إبتداء من تعليقات عباس ونشاط مبعوثيه في عمان وإنتهاء بالمسوغات التي تدفع الوزير جودة للصمت والإقلال من التحدث بالتفاصيل.

وختاما بعبارة ‘مصالح الأردن أولا’ وقبلها بالغطاء العربي الذي طالب عباس كيري بتوفيره قبل الإنطلاق نحو خطة لا زالت ملامحها غامضة عدا عن أنها ‘غير مكتوبة’ كما قال عزام الأحمد.