خبر عبقري وسخي ووحشي- معاريف

الساعة 10:44 ص|12 يناير 2014

بقلم: شالوم يروشالمي

 (المضمون: أعمال شارون البطولية في الحروب شكلت له سترة واقية حتى في لحظات اتهامه بالاعمال الجنائية - المصدر).

 

لم يكن ارئيل شارون رجل بيتار. كان مبايي علق بحكم الظروف بالحركة التي اقامها زئيف جابوتنسكي، الى أن ترأس احدى الصور المتأخرة لها، الليكود، وشق طريقه الى رئاسة الوزراء. في نهاية ايامه السياسية هجر شارون الليكود وأقام كديما ولكن يبدو أنه علقت به – دون امكانية لازالتها – المزايا التي طلبها زئيف جابوتنسكي من كل بيتاري في نشيد بيتار: عبقري وسخي ووحشي. عبقري كان شارون، وكذا سخي، وكذا وحشي بلا مثيل، ولا سيما تجاه اولئك الذين مسوا به. لقد كان شارون عبقريا عسكريا وسياسيا، بلا شك. خطواته العسكرية على مدى حياته، في وحدة 101، في حرب الايام الستة، والاساس في حرب يوم الغفران، يمكن أن تدرس، بل وتدرس في كل كلية عسكرية. الابن المتبنى لشارون، روني سحايق، روى في مقابلة مع ملحق "معاريف" عن الجنرال الذي نجح في ان يجر وراءه ثلاثة ألوية في وضع مأزوم، للوصول

 

الى رأس جسر، اجتياز قناة السويس، شق طريق بين الجيشين المصريين وحسم المعركة. ويقول سحايق: "لقد نجح شارون في التغلب على العرب وكذا على اليهود الذين عارضوه من الداخل. المصريون فهموا بانهم هزموا. وقد اقال الرئيس السادات رئيس الاركان المصري الفريق اول سعد الدين الشاذلي".

 

في الميدان السياسي الداخلي والخارجي أدى شارون بشكل عام كفاءات مشابهة. فقد كان استراتيجيا عظيما وتكتيكيا فائقا. فقد أقام شارون الليكود في العام 1973، بعد أن فهم بانه يجب جذب حركة حيروت الى الوسط، وضم الليبراليين اليها وخلق شرعية حقيقية لمناحيم بيغن بين الجمهور. في 1977 صعد بيغن الى الحكم مع البدلة السياسية التي حاكها له شارون، بعد أن نفذ التحول السياسي الاول منذ قيام الدولة. شارون لم يكن هناك، فقد اقام في هذه الاثناء حركة شلومسيون، ولكنه كان ذكيا بما يكفي للعودة الى الليكود وسرعان ما اصبح وزيرا للدفاع، بعد اقالة عيزر وايزمن في ايار 1980.

 

بعد حرب لبنان الاولى والمذبحة في صبرا وشاتيلا، والتي بسببها عزل شارون من منصب وزير الدفاع، أحد لم يصدق بانه سيتمكن من جمع نفسه ولعب دور سياسي كبير في سياق الطريق. عبقرية شارون في هذا الشأن تنطوي على قدرة بقاء. شارون هو الذي اخترع القول عن الدولاب الذي يتعين عليك ان تتمسك به، لانه في يوم ما سيصعد بك الى الاعلى. وانتظر شارون على هذا الدولاب بصبر لا نهاية له، رسم الخطط، المناورات، المعسكرات والحسابات مثلما يعرف هو فقط أن يفعله. وعندما هزم بنيامين نتنياهو في انتخابات 1999 والقى خطاب اعتزاله في فندق هيلتون في تل أبيب، كان شارون هو الرجل الذي وقف خلف ظهره. "يجب السيطرة على هذا الامر"، نبس قائلا. وبعد سنتين اصبح رئيس وزراء شعبي، قد يكون الاكثر عطفا في تاريخ الدولة. قصة شعبية شارون جديرة بدراسة خاصة. فعلى مدى السنين، ولا سيما بعد صبرا وشاتيلا، كان في هوامش السياسة الاسرائيلية، مرضوض ومهجور. وعلى مدى حياته السياسية كان مشبوها ايضا بافعال جنائية. وقد تورط شارون مع نجليه في ملف الجزيرة اليونانية

 

سيئة الصيت والسمعة، وفي وقت لاحق في الانتخابات التمهيدية على رئاسة الليكود، والتي بسببها ارسل ابنه عمري الى السجن. الجمهور، مع ذلك، لم يكرهه ابدا. بل انه بشكل عام مال الى غفرانه. اعمال البطولة لشارون في حروب اسرائيل كانت له سترة واقية. آخرون، ايهود اولمرت مثلا، لم يحظوا بذلك ووجدوا أنفسهم مكشوفين في ساعات الاختبار القاسية. لم يكن بوسعهم ان يعرضوا مساهمة للجمهور أو للدولة يمكنها أن تنقذهم أو تمنحهم المراعاة.

 

عبقري وسخي ووحشي قلنا. جابوتنسكي طلب في قصيدة بيتار من تلاميذه ان يحترموا أنفسهم حتى النصر. "خُلقت ابن ملك، بتاج داود الموشح"، كتب يقول. لقد قدر شارون، احترم وحب نفسه بلا حدود. وأراد أن يكون في كل مفترق مركزي في حياة الدولة ونجح. شارون، وكذا من كان يأتي الى بيته، واثقون حتى هذه اللحظة بانه ابن الملك، حامل التاج، الوحيد القادر على أن يقود ويتصدى للمشاكل المعقدة التي تعيشها هذه الدولة وانقاذ شعب اسرائيل. "أنا سأخرجكم من هنا منتصرين"، قال شارون لجنوده في ايام المعارك في اللطرون في حرب التحرير، في الغزوات التي تعقدت مع وحدة 101. وكذا في معركة ام كتف في الايام الستة وفي القناة في حرب يوم الغفران. "انا سأجلب السلام والسكينة لهذه الدولة"، قال شارون قبل أن يدخل الى المستشفى في المرة الثانية في كانون الثاني 2006. ولم يكن هناك مثل شارون من احتقر الاخرين. مثلما كان وحشيا تجاه نفسه، ولا سيما في ايام المعارك واختبارات القيادة، هكذا كان سيئا أحيانا تجاه الخصوم. مثلما اعجب بشجاعة موشيه دايان لدرجة السجود، هكذا سخر من جبن مناحيم بيغن، من ساعد في عزله على حد قوله، بعد حرب لبنان الاولى. خصومه، ولا سيما لاولئك الذين انهاروا في الطريق، سحقهم اكثر فأكثر. وقد استمتع جدا بالسخرية منهم في ضعفهم. كان يمكنه أن يجلس وان يصف على مدى ساعات، وبقدرة لغوية جديرة بالاقتداء وبمتعة كبيرة، الوضعية البائسة التي علقوا فيها. وبسبب كرامة اولئك الذين وقفوا في خط ناره، لن نفصل. هذا كان شارون، خيرا كان أم شرا.