خبر غزة: المنظمات الأهلية تعقد مؤتمرها السنوي

الساعة 05:03 م|19 ديسمبر 2013

غزة

شدد ممثلو عدد كبير من المنظمات الأهلية الفلسطينية والقطاعين الحكومي والخاص واكاديمون والقوى السياسية على ضرورة البدء في خطوات جادة وحقيقية من قبل مختلف الأطراف لتحقيق أسس ومبادئ الشراكة بين مختلف القطاعات مما يخدم الشعب الفلسطيني وتعزيز من صموده على قاعدة حقوقه الثابتة وفي مقدمتها الحق في تقرير المصير.

جاء ذلك في ختام أعمال المؤتمر السنوي الذي نظمته شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بمدينة غزة بمشاركة حشد كبير من ممثلو القوى السياسية والمنظمات أهلية والحقوقيون والأكاديميون والخبراء والشخصيات الاعتبارية تحت عنوان " حالة المجتمع المدني الفلسطيني للعام 2013" وذلك ضمن مشروع تعزيز الديمقراطية وبناء قدرات المنظمات الأهلية بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية NPA .

وطالبوا بضرورة إشراك المنظمات الأهلية في عملية التخطيط وتصميم الخطط الوطنية وتعزيز دورها في الرقابة والتقييم ،وأكدوا على أن العلاقة بين المنظمات الأهلية الفلسطينية والدولية قائمة على أولويات شعبنا واحتياجاته بما يخدم ويعزز صمود شعبنا .

وأكد مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أمجد الشوا في الجلسة الافتتاحية أن المؤتمر هو الثالث الذي تعقده الشبكة بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية NPA لمناقشة قضايا تتعلق بقضايا هموم وتحديات منظمات المجتمع المدني وهذا العام ينتظم تحت شعار الشراكة من اجل التنمية والتمكين مشدد على ضرورة العمل من جل انجاز الشراكة الحقيقة المبنية على أسس وقال عندما نتحدث عن الشراكة فإننا نتحدث عن مفهوم أرقى من التعاون والتشبيك والتنسيق فنحن نتحدث عن " الملكية" المشتركة للمشروع أو للنشاط المراد تنفيذه ، فالعلاقة يجب أن تكون مرتكزة على مفهوم التكافؤ والمتساوية في المسؤولية" الملكية الديمقراطية " المشتركة ، لا أن تكون قائمة على ممول ومتلقى للمنحة.

بدوره قال عضو الهيئة الادارية للشبكة م.تيسير محيسن إن هذا اللقاء السنوي في هذا الوقت تقريبا من كل عام لرصد حال مجتمع المدني وواقع منظماته نتأمل سوياً فيما واجهنا من عقبات وتحديات ونفحص برؤية نقدية ما فعلناه وما لم نفعله ،وفي هذا العام نطرح للنقاش موضوع الشراكة من أجل التنمية والتمكين .

وأضاف محيسن "أن التنمية بالنسبة لنا هي جماع جهودنا المخططة والمنظمة من أجل تعزيز الصمود والدفاع عن الحقوق ،والتمكين هو تغيير علاقات القوة الاجتماعية لصالح الفقراء والمهمشين والضعفاء."

وأكد محيسن على أن تجربة شبكة المنظمات الأهلية تشكل نموذجاً ،بالرغم من كل الثغرات والهفوات ،لفكرة الشراكة والتمكين في السياق الفلسطيني ،والشبكة هي قبل كل شيء آخر تمكين مستمر للعمل الجماعي على التشبيك بين الأطراف المختلفة وعلى امتلاك القدرة والنفوذ للتأثير في مجمل الحالة الفلسطينية وقضاياها ذات الأولوية.

ومن جهته أكد القائم بأعمال مدير المساعدات الشعبية النرويجية محمود حمادة أن المساعدات الشعبية تعتمد في عملها للتضامن والتكافل الدولي من خلال الشركة مع المجتمعات لدعم برامجهم الخاصة وسياساتهم وهذا هو التقليد السائد لدى المساعدات الشعبية النرويجية والذي يلمسه الشركاء لديها وتعزيز استراتيجيات المنظمات لتمكين الناس والمجتمعات من اجل رفع قدرتها على التأثير على الظروف التي يعيشون فيها ويبدو جليا تركيز دعم المساعدات الشعبية النرويجية على حركات التحرر والمنظمات الشعبية في المجتمعات التي تسعى للعمل على التغيير .

وأكد حمادة على أن الشراكة في المساعدات الشعبية النرويجية تعكس علاقة متوازنة وفي اتجاهين من خلال المشاركة في الموارد والخبرات والتكنولوجيا والمعلومات والمعرفة من أجل الإيفاء بمتطلبات الفئات المختلفة في المجتمع، مشيرا أن NPA تشارك المنظمات التي تتوافق معها في القيم الإنسانية ومبادئ المساواة وعدم التمييز والحقوق وتعززNPA الشراكات القائمة على الحوار الفعال والثقة المتبادلة والشفافية والمساءلة والانفتاح والالتزام واحترام استقلالية وهوية كل منهما للآخر.

وفي الجلسة الأولى التي ترأسها مدير مركز العمل التنموي معاً جبر قديح التي كانت بعنوان “مفاهيم ورؤى حول الشراكة ”أكد أن اختيار مفهوم حالة المجتمع المدني في هذه المرحلة بالتحديد ليس عبثا ولكن يأتي بالتوقيت الحالي خاصة أن الشعب الفلسطيني يعيش حالة من لا شراكة السياسية وحالة الانقسام وبالتالي يأتي هذا المؤتمر للتأكيد على أهمية المنظمات الأهلية لمفهوم الشراكة بجميع المستويات وخصوصا الشراكة السياسية وهي نموذج للشراكة بشكل عام

وفي ورقته أكد رئيس الهيئة الإدارية لشبكة المنظمات الأهلية محسن أبو رمضان والتي جاءت بعنوان " الشراكة من منظور المجتمع المدني" على أن مفهوم الشراكة والتعاون والمشاركة والتنسيق ينتمي إلى مفاهيم الحداثة التي جاءت على اثر إنشاء الدولة المدنية والديمقراطية في أوروبا والتي استندت إلى فكرة العقد الاجتماعي وذلك كبديل للمسوغات الأيديولوجية التي كانت تسوقها الكنيسة الكاثوليكية من أجل تبرير استمرارية سلطة الملك المطلق تحت عنوان " الحق الإلهي " فقد أصبح الحق ممنوح للشعب الذي يختار الحزب الحاكم في إطار المنافسة الحزبية السلمية المشروعة تحت سقف سيادة القانون وعلى أرضية الدستور الذي يضمن أن المواطنين أمام القانون سواء بغض النظر عن الدين أو الجنس أو اللغة أو العرق أو الأصل الاجتماعي.

وأضاف أبو رمضان أن الوقت الذي قدرت به المنظمات الأهلية وخاصة شبكة المنظمات الأهلية أهمية ودور المعونة في إسناد الشعب الفلسطيني وتقديم الخدمات المختلفة للفئات الاجتماعية المهشمة والضعيفة فإنها أخذت على هذا التمويل أنه لا يتم بالشراكة والتنسيق مع منظمات العمل الاهلي ، ضمن آلية منهجية ومنظمة، وأن بعض التمويل المسيس تم رفضه وأبرز مثال على ذلك تمويل وكالة التنمية الامريكية USAID .

وذكر أبو رمضان أن فلسطين واحدة من البلدان التي ما زالت تعاني من استمرار الاحتلال وبعد توقيع اتفاق اوسلو وتشكيل السلطة الفلسطينية نشطت العديد من المنظمات الدولية غير الحكومية، وكذلك المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة بهدف تقديم المعونة للسلطة وللمؤسسات الأهلية وكذلك للنقابات والجامعات ومؤسسات القطاع الخاص ، علماً بأن معظم تلك المنظمات كانت تسير وفق قاعدة تشجيع مسار التسوية بهدف تحقيق الاستقرار بالمنطقة.
وأوضح أبو رمضان أن بالوقت الذي نري بعض المنظمات الدولية تماس آليات فوقية على المنظمات الأهلية وتحاول فرض أجندتها الخاصة فإننا نرى أن منظمات أخرى قد رسخت مفهوم الشراكة بالممارسة العملية وهنا نعطى نموذج العلاقة مع برنامج المساعدات الشعبية النرويجية NPA ، حيث تعدت العلاقة المشاركة بالقيم والمفاهيم المبنية على الحرية والمساواة والمواطنة والديمقراطية وحقوق الفئات الاجتماعية المهمشة إلى مسألة الشراكة والتي تبرز من خلال اشراك المنظمات الأهلية بخطط وتوجهات البرنامج وكذلك الاستجابة إلى أولويات واحتياجات المنظمات الأهلية والاستقلالية الواسعة التي تتمتع بها المنظمات الاهلية في تنفيذ البرنامج الذي يستند إلى الملكية الديمقراطية المشتركة للمشروع.

وأضاف أبو رمضان مسألة الشراكة تبرز من خلال توزيع الأدوار الخاصة بالضغط والمناصرة ، حيث تتبنى المنظمات الأهلية فلسفة المقاطعة BDS فقد لمسنا دوراً ايجابياً مميزاً لل NPA في نشاطها الواضح في النرويج وأوروبا تجاه مسألة المقاطعة التي نعتبرها أحد الأدوات الهامة للضغط على الاحتلال وجعله خاسراً ، ليقرب شعبنا من تحقيق أهدافه بالحرية والاستقلال والعودة.

وأوصى أبو رمضان أن من المهم ضرورة البحث عن القواسم المشتركة وتوزيع الأدوار حسب التخصصات بين الفريقين أو أكثر على قاعدة الشراكة المبنية على فكرة التكافؤ والمساواة وعدم التمييز "والملكية الديمقراطية المشتركة " ، فهذا ينطبق ليس فقط على علاقة المؤسسات المانحة مع منظمات العمل الأهلي أو علاقة الأخيرة مع السلطة ولكن ينطبق أيضاً على العلاقة البينية بين منظمات العمل الأهلي ذاتها وبينها وبين باقي مكونات المجتمع المدني من نقابات وأحزاب سياسية.

ومن جانبه أكد مدير البرامج في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP باسل ناصر ورقته بعنوان " الشراكة من أجل التنمية.. تجربة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" على أن برنامج الأمم المتحدة يسعى باستمرار لخلق شراكة متينة وفعالة مع معظم منظمات المجتمع المدني لإيمان البرنامج بأهمية المشاركة المجتمعية في التخطيط لبرامج التنمية وتحقيق أهدافها، ولذلك يوجد تركيز مهم في الخطة الإستراتيجية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي2014-2017 .

وأشار ناصر إلى النشاطات التي تم تنفيذها بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني في هذه المجالات من حيث طبيعتها شملت دعم لتطوير المؤسسات وبناء القدرات والتدريب ،دعم تنفيذ أنشطة تأهيل منشئات ومباني ،بناء مباني جديدة لعشرات المؤسسات الشبابية والخدماتية كالأندية والمراكز الشبابية والمراكز الصحية والتدريبية ،انشاء عيادات قانونية لتوفير خدمات قانونية للفقراء والفئات المهمشة.

وتحدث ناصر عن فكرة شبكة عون للوصول للعدالة بمبادرة مجتمعية قادتها مجموعة من النقابات المهنية ومؤسسات العمل الأهلي، وكليات الحقوق بجامعات غزة، بلغ عددها 20 مؤسسة، لدعم سيادة القانون وتعزيز وصول الفئات الهشة، وخاصة الفقراء والنساء، للعدالة، باعتبار أن التمكين القانوني يساهم في التحرر من ربقة الفقر، وبالتالي تعزيز التنمية المجتمعية المستدامة.

وأوصى ناصر بضرورة وجود خطط قطاعية تشارك فيها منظمات المجتمع المدني بحيث يتم توزيع الأدوار في التنفيذ بشكل متفق عليه، وهذا سيؤدي إلى رفد المنظمات الحكومية والدولية بمواد غنية باحتياجات المجتمع ويسهل عمليات التمويل وخلق مزيد من التنيسق بين منظمات المجتمع المدني العاملة في قطاعات بعينها، والعمل لاستنهاض عوامل القوة التي يمتلكها المجتمع المدني تاريخيا، واستعادة هذا الدور الذي بدأت مظاهر تراجعه تظهر بوضوح، وهو ما أدي الى تراجع المشاركات في الانشطة والفعاليات وانخراط الناس.

وتحدثت عن منظمة أوكسفام بريطانيا السيدة روث آلن في ورقتها بعنوان "الشراكة من رؤية المنظمات الدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية ... أوكسفام نموذجاً" عن خبرة أوكسفام في مواجهة تحديات الشراكة في غزة ،وأن أوكسفام مؤمنة وملزمة بالعمل مع الآخرين لتحقيق الأهداف المشتركة ،أن الطريق الوحيد لخلق تغيير حقيقي إيجابي مستدام في منظومة العدالة عن طريق الجهود المشتركة بجميع الأطراف الذين يعملن سوياً لتحقيق التغيير .

وإضافة آلن أن أوكسفام تناصر بقوة من أجل المساعدات المستدامة طويلة الأمد بدلاً من التحويل الإنساني قصير الأمد وهذا بدوره يعطي إمكانية لدعم وثبات المؤسسات المحلية والاستثمار في الاحتياجات التطويرية وليس فقط الاستجابة لها .

أوضحت آلن أن المؤسسات الدولية لا تستطيع دائماً توفير دعم مباشر للمؤسسات الأهلية ،لذلك على المؤسسات الدولية خلق لوبي كما تفعل أوكسفام لآلية تمويل أفضل والتي يمكن أن تدعم برامج إستراتيجية لأعوام عديدة والتي تستطيع بناء مجتمع مدني محلي لتحقيق تغيير طويل الأمد في غزة .

وأوصت آلن على ضرورة وضع استراتيجية مشتركة تتضمن رسائل واضحة ومتفق عليها من جميع الشركاء المحليين والذي سيقوي ويسمح للمؤسسات الدولية لدعم هذه الرسائل وتعزيز الشراكة في فلسطين .

وفي الجلسة الثانية التي ترأستها مديرة جمعية الثقافة والفكر الحر أ. مريم زقوت والتي كانت تحت عنوان “رؤى ونماذج للشراكة”والتي ستطرح رؤى ونماذج للشراكة المحلي والدولي.

وبدوره تحدث نقيب المقاولين الفلسطينيين م. نبيل أبو معيلق في ورقته بعنوان "الشراكة في إطار المسئولية بين القطاع الخاص والعمل الأهلي" عن أسباب ضعف التنسيق والتعاون بين القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية غياب التخطيط الاستراتيجي لدى الطرفين مما يعيق إيجاد آلية واضحة ومستمرة للتعاون المشترك، و ضعف المؤسسات المرجعية المنظمة لعمل القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية مما يعيق إيجاد رؤية عمل واضحة ومشتركة.
وأوضح أبو معيلق أن هناك عدم وضوح الأهداف لدى العديد من المؤسسات الأهلية وغياب الحس بالمسئولية الاجتماعية لدى العديد من شرائح القطاع الخاص وكذلك سيطرة العمل الفردي على معظم عمل المؤسسات الاقتصادية وقلة الشركات المساهمة العامة الكبرى، وضعف منظومة الأبحاث والدراسات والبيانات الإحصائية الوطنية.

وذكر أبو معيلق أن العوامل الخارجية التي تضعف الشراكة والتعاون بين القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية التي نتج عنها تضارب المصالح والأهداف بين الجهات الرسمية والعديد من المؤسسات الأهلية وهيمنة التمويل الخارجي على العديد من الهيئات الأهلية وتحكمها ببرامجها وتوجهاتها بعيداً عن السياسات والمصالح الوطنية، إضافة إلي تهميش الحكومات للمؤسسات الأهلية وأضعاف أدوارها في المجتمع للانفراد بالسلطة والقرار وتحكم العوامل الايدولوجية والفكرية على عمل المؤسسات الأهلية وتوجه خدماتها لبرامج محددة وقطاع شعبي مغلق حسب الانتماء الفكري والحزبي والهروب المستمر لرأس المال الوطني نتيجة لضعف الجاذبية الاستثمارية والجدوى للاقتصاد الوطني.

وأشار أبو معيلق إلي أن العوامل الذاتية لضعف التعاون والتنسيق بين القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية كغياب الشفافية عن عمل الكثير من المؤسسات الأهلية وعدم وضوح البرامج والأهداف والفئات المستهدفة في برامج العديد من المؤسسات الأهلية، وقلة الجدوى والانعكاس الايجابي على المجتمع من البرامج العشوائية التي تنظمها الهيئات الأهلية، وضعف الثقة والتواصل بين القطاع الخاص والهيئات الأهلية، مضيفا إلي قلة وعي الكثير من رجال القطاع الخاص بأدوارهم ومسئولياتهم الاجتماعية، وغياب البرامج الواضحة لدى الطرفين، وسيطرة العقلية الفعلية القبلية والعائلية على المساعدات التي يقدمها القطاع الخاص للمجتمع، والتحرك البطيء والغير الملموس لحشد الدعم من القطاع الخاص من جانب الهيئات الأهلية.

وطالب أبو معيلق بضرورة إنشاء لجنة تنسيق مشتركة بين القطاع الخاص والهيئات الأهلية لتنظيم آليات التعاون المشتركة وإعداد خطط للتعاون على أساس الشراكة وتوحيد الجهود وتعزيز التمويل الداخلي للهيئات الأهلية بدعم من القطاع الخاص لتقليل هامش التدخلات الخارجية وتأثيرها في سياسات وبرامج الهيئات الأهلية، وتوحيد السياسات والبرامج وتحديد الأولويات وتنسيق الجهد المشترك لحشد التأييد لقضايا الطرفين بإعطاء العمل المشترك لإلزام الحكومة بإعطاء هامشاً كبيرا من الحرية للمؤسسات الأهلية للعمل دون تدخل من أحد.

وأوصي أبو معيلق علي ضرورة إنشاء جسم موحد فاعل للقطاع الخاص يعمل على صياغة إستراتيجية وخطة عمل هذا القطاع، ودمج الجمعيات والهيئات الأهلية ذات الطبيعة الواحدة في مؤسسة واحدة قوية لها رؤيا وأهداف واضحة، إلي جانب تطوير أنظمة الشفافية ووضوح آليات العمل والأهداف والفئات المستهدفة، وصياغة خطة توعية للقطاع الخاص لشرح المسئولية الاجتماعية وتعزيز قيم العمل المؤسساتي بعيداُ عن العائلية والرؤيا الضيقة.

وتحدث مدير عام التخطيط والسياسات في وزارة الزراعة د. نبيل أبو شمالة في ورقته بعنوان "الشراكة بين القطاعين الأهلي والحكومي ... وزارة الزراعة نموذجاً" ان العلاقة بين وزارة الزراعة و المنظمات الأهلية مرت بمراحل مهمة أدت إلى تطور هذه العلاقة أهمها عملية التشاور تعني بالأساس تبادل الآراء والمعلومات حول قضايا معينة تخص جانبا من جوانب العمل.ولا تشترط التخطيط لأعمال مشتركة أو علاقة ممأسسة أو إطار عمل مشترك يلزم الطرفين ،وعملية التنسيق هي درجة أرقي من التشاور، وهي تتضمن عملية التشاور فيما تتجاوزها إلي بناء إطار عمل مشترك قصير المدى مرتبط بموقف أو برنامج أو مشروع ولا يتضمن رؤية إستراتيجية مشتركة.

وأكد أبو شمالة على أن المنظمات الأهلية تغطي مساحة واسعة ومتنوعة من القطاعات الاقتصادية الفلسطينية, وتلعب –إلى جانب الحكومة- دورًا رئيسيًّا في تحريك عجلة الاقتصاد الفلسطيني من خلال البرامج والمشاريع التي تنفذها؛ هذا بالإضافة إلى تقديم الخدمات للمواطنين الفلسطينيين في شتى المجالات ،وبناء على ذلك؛ تعتبر الشراكة ما بين الأطراف الفاعلين في قطاعي المنظمات الأهلية والقطاع الحكومي عاملا محوريا لنجاح عملية التنمية في أي قطاع من القطاعات الاقتصادية التي تغطيها تلك المنظمات, حيث يتم من خلال شراكة هؤلاء الفاعلين توحيد الجهود والرؤى للتدخلات الممكنة للتغلب على المشكلات التي من الممكن أن تواجه تلك القطاعات
.
وأوضح أبو شمالة أن ضمن جهود الوزارة لتعزيز التنسيق والمشاركة مع جميع الفاعلين في القطاع الزراعي وعلى رأسهم المنظمات الأهلية, قمنا مؤخرًا بإعداد خطة التنمية التشاركية متوسطة المدى للقطاع الزراعي 2014-2016, حيث تتناغم تلك الخطة مع التوجهات العامة لكل منظمة وتحدد أولويات التدخل في القطاع الزراعي بحيث تلتزم جميع تلك المنظمات بتلك الأولويات لأنهم هم من وضعها وشارك في تحديدها

وبدوره أكد رئيس الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية د. رفعت نعيم رستم في ورقته بعنوان " آفاق العمل المشترك بين المؤسسات الأكاديمية ومؤسسات المجتمع المدني" أن الدور الأساسي التي تقوم به المؤسسات الأكاديمية هو تقديم خدمة التعليم في مختلف الجوانب النظرية والعملية والتطبيقية للطلبة في مختلف المستويات التعليمية، وذلك بما يتوافق مع رؤيتها المستقبلية ورسالتها تجاه المجتمع المحلي والخارجي، إضافة إلي أنها تقوم بدور حيوي وهام في رفد المجتمع بخريجين يتسلحون بالعلم والمعرفة، ومعبئين بالطاقة القادرة على القيام بدورهم الفعال تجاه حل المشكلات التي تواجه المجتمع المحلي.

وأضاف رستم أن العديد من المؤسسات الأكاديمية تسعى لتطوير دورها تجاه المجتمع لتصبح لديها مسئولية مجتمعية وفهم عميق لمبدأ الشراكة والتعاون مع المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، وذلك من خلال توسيع أطر التعاون العلمي والمعرفي وتبادل الخبرات والمعلومات مع مؤسسات المجتمع المدني والحكومي.

واستعرض رستم المجالات التي تعمل فيها مؤسسات المجتمع المدني كتوفير الخدمات، وهي المهام التقليدية التي دأبت على القيام بها المنظمات غير الحكومية والأهلية منذ عقود والتي تتضمن الجمعيات والهيئات الخيرية والمنظمات غير الحكومية المتخصصة.

واشار رستم إلى أن المجتمع المدني يتمتع بقدرات فنية وتقنية عالية تمكنه من توفير جيدة من الخدمات، فضلا عن قدرته في الوصول إلى الفئات الأكثر حاجة لاسيما في المناطق النائية، و المساهمة في العملية التنموية من خلال تقوية وتمكين المجتمعات المحلية، وفي هذا المجال له دور في بناء القدرات وتنمية المهارات والتدريب بمختلف المجالات التنموية كالتخطيط الاستراتيجي وصياغة البرامج التنموية وتنفيذها وتوسيع المشاركة الشعبية فيها.
وتناول رستم رؤية العمل المؤسسي المشترك قائلا إن العمل المشترك والإيمان بأهمية الشراكة في تحقيق النتائج والأهداف المرجوة، يكفل للمؤسسات الأكاديمية والأهلية على حد سواء أن تكون الفرص التنموية المتاحة منسجمة مع احتياجات الفئات المستهدفة. مما يساهم في إحياء المسؤولية الاجتماعية والعمل المتكامل. وبالتالي فإن أدوار منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية تتكامل معاً، وعليه فإنه لابد من وجود مستويات عالية من التنسيق والشراكة فيما بينها لتحقيق التوجهات الإستراتيجية على المستوى الوطني بما يضمن الاستغلال الأمثل للفرص ولمصادر التمويل المتوفرة لتحقيق أكبر فائدة للفئات المستهدفة.

وأوضح رستم أن المؤسسات الأكاديمية يمكن أن تساهم في خلق حلول إبداعية للعديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة كالحلول الإبداعية للمشكلات الحياتية الملحة المناسبة للبيئة مثل الكهرباء وذلك فمن خلال مراكز الأبحاث العلمية داخل المؤسسات الأكاديمية يمكن تطوير نظم للطاقة البديلة اقتصادية جديدة ومناسبة للبيئة ، أو توفير مصادر أخرى ضمن مشاريع تنموية مشتركة يمكن أن توفر الطاقة لقطاعات ملحة مثل الزراعة ، آبار المياه ، المستشفيات و المياه الصالحة للشرب والنفايات وتدويرها من خلال مشاريع مبتكرة قابلة للتنفيذ وصديقة للبيئة في التجمعات الصغيرة والمهمشة، مشيرا الي التعليم والتربية وخاصة للفئات المهمشة إن نقل المعارف والمهارات العلمية العملية التي تطورها المؤسسات الأكاديمية عبر برامجها المختلفة تساهم في تحسين جودة التعليم بما يخدم عناصر العملية التعليمية.

وتطرق رستم إلي أن القطاع الزراعي هو أحد القطاعات المهمة في مجتمعنا الفلسطيني ويشكل مصدرا للدخل لعدد كبير من أفراد المجتمع الفلسطيني وعليه فإن تنمية وتطوير هذا القطاع يحتاج لتضافر كافة الجهود المجتمعية من مؤسسات أهلية وأكاديمية ، ويأتي دور المؤسسات الأكاديمية في إيجاد حلول مبتكرة في إطار تعزيز المنتوج الوطني ضمن حلول تكنولوجية تعتمد على الأتمتة و القدرة على التحكم تكنولوجيا" في البيئة الزراعية ، بالإضافة لتطبيق الأبحاث الزراعية التي تقدمها المراكز البحثية في الجامعات الفلسطينية هذا إلى جانب مراكز نقل الخبرات الفنية.

وقال رستم مفهوم التخطيط التنموي بشكل عام مغيب، مؤكدا أ ن التنمية تحتاج إلى رؤية تنموية شاملة واستراتيجيات وطنية وقطاعية وآليات للتدخل على كافة المستويات، وهذا لا يتأتى إلا بالتعاون والتنسيق بين الجهات الفاعلة والأساسية من مؤسسات التعليم العالي التي تمتلك الخبرة والقدرة على تقديم الاستشارات والإرشادات ومؤسسات المجتمع المدني التي تمتلك الخبرة التنفيذية ولديها احتكاك مباشر مع المجتمع والقدرة على تقييم احتياجاته وتطلعاته.

وأكد رستم أن هناك معوقات وتطلعات لابد من وجود فهم أوسع لدور المؤسسات الأكاديمية الهام في نقل الخبرات وتطوير القدرات في إطار تكاملي مشترك مع منظمات المجتمع المحلي وضرورة الحاجة لإنشاء لجنة توجيهية تضم منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والحكومية لوضع توجهات العمل الاستراتيجي التنموي لخدمة المجتمع المحلي.

وطالب رستم بضرورة تعزيز مبدأ أهمية مشاركة أفراد المجتمع المدني في صناعة القرار، مما يؤيد كسب التأييد الشعبي والمجتمعي للقرارات التي تم اتخاذها ومن ثم ممارسة تطبيقها على أرض الواقع وتفعيل آليات التنسيق والتشبيك والتعاون بين مختلف مكونات المجتمع المدني، وبينها وبين القطاعين الخاص والعام. ذلك يؤدي إلى تنوع منظمات المجتمع المدني من حيث الخبرة والاختصاص مما يشكل مصدر غني يؤدي إلى التكامل.

وأكد الشوا في التوصيات على ضرورة تبادل المعلومات على قاعدة من الشفافية على مختلف المستويات بما يعزز من مأسسة العلاقة ضمن الإطار القانوني ،والتأكيد على ضرورة تعزيز برامج المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص تجاه المؤسسات الأهلية وفق رؤية متكاملة وضمن إطار تنموي.