خبر لا بد سنحاسبهم- معاريف

الساعة 11:01 ص|15 ديسمبر 2013

بقلم: شالوم يروشالمي

رحلتي الجوية الى نيويورك تقررت ليوم الخميس: 00:35 في الليل. في اثناء اليوم قل الثلج وطرق القدس – تل أبيب فتحت. استدعيت سيارة عمومية مع مهلة زمنية مبكرة معقولة. في الساعة 20:30، اتصلت بشركة نيشر وقال لي الموظف "لا توجد سيارات عمومية، آسف، ان مشغول، تدبر أمرك لوحدك" وطرق السماعة. اخذت السيارة وسافرت الى محطة القطار في المالحة. وعدوني في الموقع بقطار الى تل أبيب في 12:30. ما حصل في محطة القطار النائية هذه يمكن وصفها بالكلمات، ولكنها ستكون جد قاسية. في النهاية قالوا ان القطار سيصل ربما في 22:00. صعدت الى السيارة مرة اخرى مع الحقائب وعدت الى طريق 443 كي اصل من هناك الى المطار. كان هذا خطأ حياتي. ازمة السير بدأت في النفق المؤدي من طريق بيغن الى 443. مئات السيارات علقت. فقد سد الثلج طريق السيارة الاولى، التي لا بد تزحلقت فدخلت في الثانية التي اغلقت الطريق امام الثالثة. واشتد الثلج واخذ الطريق في الانغلاق. وكل حركة كانت تنطوي على زحلقة اقتربت من خطر الحياة. وبعد ثلاث ساعات انتجت حركة لعشرين متر، وصلت جرافة واحدة من النزلة الى بيغن. ولكن هي ايضا علقت في ازمة السير التي اخذت في الاستطالة. وها هو القصور رقم واحد: شاقات الطريق هذه كان يجب ان تقف في رأس الطابور منذ البداية وذلك لان الجميع كانوا يعرفون بان الثلج من شأنه ان يغلق الطريق. وليس شاقة طريق واحدة كان ينبغي ان تكون بل عشرة على كل محور، كتلك التي تشق الطريق جيئة وذهابا، وتبقي على مسار واحد على الاقل مفتوحا كل الوقت. هذا هو الحد الادنى اللازم من دولة يوجد لها مفاعل في ديمونا، تكنولوجيا عليا تباع بالمليارات وغير قليل من جوائز نوبل.

 

إذ ما الذي طلبناه يوم الخميس مساء؟ السفر في الثلج الذي تراكم في حينه الى ارتفاع 10سم في الحد الاقصى وبعد ان سمعنا الوعود، في كل اذاعة ممكنة، عن جاهزية البلدية، الشرطة، الاطفائية وقوات النجدة، نجمة داود الحمراء ومن ليس ايضا.

في الساعة 23:30 ابلغني صديقي يوسي، الذي كان ينتظرني في المطار، بان الرحلة الى نيويورك تأجلت الى الساعة 05:20 صباحا. لم اتنفس الصعداء. فقد فهمت باني اذا كنت تقدمت في ثلاث ساعات حتى المفترق القريب فاني ساصل الى هذه الرحلة الجوية بعد سنتين فقط. فقد اغلق الطريق، هذه المرة نهائيا. قررت أن اقطع يمينا واتسلق الى طريق 9 المؤدي الى التلة الفرنسية. ووصلت تقريبا حتى المفترق في رحلة تذبذب خطيرة كي أفهم باني في فيلم رعب جديد. سيارات دخلت الواحدة بالاخرى، بعضها تزحلق على الثلج ودارت الى الخلف. ولسيارات اخرى تعطلت البطارية او نفد الوقود. واذهب لتجلس بدرجة حرارة صفر في سيارة باردة ومظلمة. رأيت الاهالي يتجولون جيئة وذهابا مع اطفالهم الباكين، يغرقون في الثلج، يبحثون عن مساعدة. تفطر قلبي.

ودارت الساعات. واذا كان في الحياة كل أزعر هو رجل، على الطريق، في ظروف الثلج، كل اربعة على اربعة هو ازعر معربد. ميتسوبيشي موديل 2001، مثل سيارتي يمكنها فقط أن تعلق في الثلج والنظر من خلف النافذة الى هذه السيارات شاقة الطريق التي تطلق زماميرها دون انقطاع.

الثلج اشتد، وبدت هذه عاصفة لا تتوقف. بعد ست ساعات في السيارة قررت ان علينا أن ننقذ حياتنا. بدأت اتصل باصدقاء اعرفهم في التلة الفرنسية. وفي النهاية التقطت ايلانا المعرفة القديمة. واستعرضت لها الوضع. "بالتأكيد تعالوا" قالت. خرجت من السيارة مع ابني. سرنا في ثلج بارتفاع نصف متر، نمر عن السيارات العالقة في الثلج، لنسمع عن كثب البكاء والصراخ للسائقين والمسافرين، يتركون الحقائب في السيارة خلفهم، كذكرى لسفرية لن تخرج الى حيز التنفيذ، حتى لو كانت تتضمن المباراة بين نيويورك نكس واطلنطا هوكس التي جرت امس في مديسون سكوير غاردن. بدوننا. والان إذهب لتنزل عند امرأة طيبة القلب في منتصف الليل. ايلانا كانت حقا ساحرة نحو رجلين مبللين، جائعين، عصبيين وبالاساس خائبي الامل. في الساعة 8:00 في  الصباح مع هدوء العاصفة قررنا الخروج سيرا على الاقدام الى بيت في رمات بيت هكيرم. ولكن عندها بالذات، بعد 200 متر، التقينا ملاكا على جيب للامم  المتحدة، قربنا حتى سيارة سكودا مع محرك امامي مثير للانطباع. وبدلا من مديسون سكوير غاردن طرت الى السوبرماركت في الحي كي اقف ساعة ونصف في الطابور المزدوج لنصف كيلو متر.

لا بد سيأتي اليوم لنحاسب المسؤولين عن القصورات. كيف يحتمل ان تغلق طرق مركزية على هذا النحو. كيف يمكن أن يحصل ان اصدقائي، واحد بعد عملية ظهر قاسية والثانية تجد صعوبة في الحركة يبقيان في بيتهما دون كهرباء وتدفئة على مدى أربعة ايام؟ ما الذي فعلوه في شركة الكهرباء على مدى 22 ساعة تقريبا منذ عاصفة الثلوج الرهيبة التي كانت في القدس في شباط 1992. ما الذي فعلوه بالمليارات التي توجد في صندوقهم؟ مع الرواتب الهائلة؟ لماذا يدفع لهم المال إن لم يكن من أجل اعداد البنى التحتية لمثل هذه الايام؟ والاكثر اضحاكا كان السماع بان هؤلاء الناس مساكين ويعملون بكد في الميدان. لو كانوا جديين لما كان ينبغي لهم ان يعملوا اليوم على الاطلاق.

لا بد سنحاسبهم، كما اسلفنا. سنحاسب البلدية ووزارة الامن الداخلي، والقطار، ومراكز  الطوارىء. في هذه الاثناء انا في البيت، نيويورك بعيدة، الاجازة ضاعت هباء، السيارة عالقة في نهاية العالم، الحقائب في داخلها وحتى الصديق الذي يقول لي انه قيس في غرب الولايات المتحدة درجة حرارة ناقص 18 درجة مئوية لا ينجح في مواساتي.