خبر العربية توحد وتفرق -يديعوت

الساعة 09:43 ص|02 ديسمبر 2013

العربية توحد وتفرق -يديعوت

بقلم: امنون شاموش

(المضمون: الشعب، القومية، الامة، اللغة والدين في الامة العربية تفرق مثلما تجمع هذه الامة الفريدة من نوعها بين الامم - المصدر).

 

الشعوب العربية تختلف عن الشعوب الاخرى في عدة مواضيع هامة: اولا، لديهم هوية قومية مزدوجة: الاولى تشمل الانتماء، العزة والتماثل مع البلاد ومع الشعب القديم الذي قبل الاسلام والعروبة، والثانية شراكة عزيزة كجزء من الامة العربية. في مصر، مثلا، المصري يعتز ويتماثل مع الثقافة الفرعونية العتيقة والفاخرة، ولكن بقدر لا يقل عن هذا، يشعر نفسه رأس وأول في الامة العربية. مفهوم طوره ناصر أساسا. اليوم مشكوك أن يكون هناك ما يوحد الامة العربية، المفرقة والمحطمة سياسيا. وبالتأكيد ليست الجامعة العربية، التي لا تنجح في الاتفاق في أي موضوع.

 

وهذا هو الحكم بالنسبة للشعب العراقي، الذي يتماثل مع بابل، آشور وأرام – النهرين، ولكنه يرى نفسه أيضا جزءا من الامة العربية. وهكذا بالنسبة للمغرب، التي تختلف ثقافتها وتاريخها المحلي، ولكنها تتطلع الى أن تشتمل في الامة العربية الكبرى وتؤثر عليها. القدامى بيننا يتذكرون محاولة توحيد الامة في دولة واحدة في البث العربي لـ "صوت الجمهورية العربية المتحدة" من القاهرة – والتي شملت سوريا ومصر. الموضوع الثاني الذي تختلف فيه الشعوب العربية عن الشعوب الاخرى هو اللغة العربية، التي توحدها. ولكنها تفرقها ايضا: فالعربية الفصحى الكلاسيكية، عربية الصحيفة، الكتاب والتلفزيون، تربط وتحاول رص صفوف الشعوب العربية كلها والتفريق بينها وبين الشعوب المجاورة الاسلامية التي لا تنطق بالعربية وليست عربية، كالايرانيين، الاتراك، الاكراد والافغانيين. ولكن اذا ما جلس معا مغربي، مصري، عراقي ويمني فسيجدون صعوبة شديدة في أن يفهموا الواحد الاخر، وذلك لان العربية الدارجة على لسان كل

 

واحد منهم تختلف جدا وغير قابلة للفهم. وهم سيقرأون ذات الصحيفة وسيفهمون ما كتب فيها، ولكنهم لن يتمكنوا من الحديث بينهم ليفهموا الواحد الاخر. اللغة الادبية خلقت ثقافة عربية موحدة، يشترك فيها المثقفون من المغرب وحتى اليمن، ولكن الشراكة لا تصل الى السياسة التي تحلم بالامة العربية ولا يمكنها أن تتنافس مع الثقافة والفلكلور والمصالح لكل شعب وشعب، لكل دولة ودولة.

 

الاسلام هو الاخر يوحد ويفرق – فمقابل كل عربي مسلم يوجد ثلاثة مسلمين ليسوا عربا، وليس لهم تقريبا أي اتصال وتماثل مع الشعوب العربية ومع اللغة العربية. واضافة الى ذلك، داخل الشعوب العربية توجد أقليات تتحدث العربية، ولكنها ترفض أن تسمى عربا، كالاقباط، اليهود، المارونيين، الشركس وغيرهم.

 

ولا يزال، فان احد المواضيع القليلة التي تشغل بال كل عربي بصفته هذه، هو الموضوع الفلسطيني. هذا الموضوع يشغل بالهم عاطفيا كافراد، كدول ذات مصالح في الموضوع، كذوي مصالح دينية في الاراضي المقدسة وكمن يعرفون بان المشكلة لن تحل دون مساعدة واسناد العالم العربي بأسره. فقد تحدثت المبادرة السعودية صراحة عن السلام بين اسرائيل وبين كل الدول العربية، ولا أذكر موضوعا واحدا كان فيه اجماع شامل كهذا. ونحن فوتناها.

 

ان المصالح الاقتصادية والتطلعات السياسية تختلف جدا من دولة عربية واحدة وجارتها، فما بالك الشرخ الديني العميق بين الشيعة والسُنة. ولكن الصراع الاعمق الذي يفرق بين هذه الدول هو الصراع الاجتماعي والسياسي بين المسلمين المتزمتين والمتطرفين – الذي أخذ حلمهم في فرض قوانين الشريعة على بلدانهم يتبدد مع الربيع العربي – وبين العلمانيين الليبراليين الذين يريدون حياة حرية لهم واساسا لنسائهم وبناتهم. وهم يستخدمون كلمة الديمقراطية كي يتلقوا المساعدة من الغرب ولكنهم يقصدون العلمانية، الليبرالية، والحياة اليومية على النمط الغربي. هذا ما يحصل اليوم حولنا.

 

في الفترة الاخيرة نشأت شراكة مصالح بيننا وبين بعض الدول العربية – في الموضوع السوري والايراني. مشوق أن نعرف الى اين سيقود هذا.