خبر مطربي الكبير - يديعوت

الساعة 11:34 ص|29 نوفمبر 2013

ترجمة خاصة

مطربي الكبير - يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: كيف تغير قرار الحكومة الاسرائيلية من رفض التوقيع على وثيقة الاتحاد الاوروبي التي تدعو اسرائيل الى عدم الانفاق على المستوطنات وراء الخط الاخضر في اطار التعاون بين الاتحاد واسرائيل الى موافقة اسرائيل على التوقيع على الوثيقة؟ - المصدر).

كان الحضور في الميدان فئويا تماما. فقد كان هناك نساء ورجال واطفال وشيوخ، وناس يلبسون الملابس السوداء وآخرون الحمراء، لكن الجميع، الجميع تقريبا، كانوا لحما من لحم اسرائيل القديمة، العلمانية. وكان ثم شيء آسر في هذا الاجتماع العفوي في منتصف يوم قائظ دون دعاية ودون وعود بعروض فنانين ودون نقل في الحافلات بالمجان. إن تل ابيب مليئة بأناس أوقاتهم في أيديهم لا يجب أن يحضروا عملا ولا يسرعون الى أي مكان، فهم يعيشون بين مقهى الى آخر، وهم في نظري لغز: لأنه من ينفق عليهم؛ وما الذي يملأ حياتهم بين تغريدة وتغريدة وبين الفيس بوك والواتس آب؟ يقولون عن تل ابيب إنها مدينة محمومة، مدينة بلا توقف وقد يكون ذلك صحيحا. لكنني اتأثر في الأساس بالارتياح والطمأنينة والترف وصحابة الكسل الليّنة التي تحتضن المدينة وترعاها. قيل الكثير من المديح في اريك آينشتاين بعد وفاته. ويمكن أن نضيف الى ذلك مدحا آخر وهو أنه كان المطرب الأكثر تل ابيبية.

لهذا أحسنت البلدية الصنع حينما أفردت لآينشتاين مكان في المقبرة في شارع ترومبلدور. فهو يناسبه جوار بيالك وتشرنيخوفسكي وديزنغوف. ويناسبه مركز تل ابيب القديم. فمن المطلوب أن يُنقش في شاهد القبر مقولة "أحب أن أكون في البيت".

كان الحداد في الميدان حلوا – حلوا كالأغاني التي بُثت دون توقف في قنوات المذياع. فلم يكن يوجد من يُغضَب عليه ولا من يُحتَج عليه على الأقل قبل أن بدأت المراسم. وكان ثم أناس في الميدان شبهوا الحزن على آينشتاين بالحزن على رابين. وفي ركن من الاركان رتبت بنات شموعا وأزهارا وجلسن في حلقة وصمتن كما حدث في تلك الايام. لكن هذه المقارنة كانت داحضة. وكان ثم من قالوا ايضا في ابتسام هذه المرة إن جنازة آينشتاين تشبه جنازة عوفاديا يوسيف. فهو "ميراننا". وكانت هذه المقارنة ايضا داحضة. فقد كان آينشتاين مطربا رائعا وصاحب صوت مخملي مؤثر في القلب. وقد أحببته وأحببت حياءه. وكان ايضا أيقونة وعنوانا للأشواق ورغبات القلب. وإن حقيقة أنه كاد يختفي في العشرين سنة الاخيرة من الحياة العامة حفظت له صورته بأنه الرجل الشاب الوسيم الذي كان ذات يوم وكأنه كان جنديا قُتل في معركة وسيبقى شابا الى الأبد. ولم يره جمهور المعجبين به وهو يشيخ ولم يره مريضا. فقد مات فجأة دفعة واحدة كما يموت الشباب.

"أوجد اريك آينشتاين الاسرائيلية"، كان هذا هو العنوان الثانوي الذي ألصقه محرر متحمس بأحد تأبيناته. وبذلك ضُم آينشتاين على غير ذنب منه الى سلسلة أناس أوجدوا الاسرائيلية من موشيه شمير ودان بن – آموتس الى يئير لبيد. لكن الاسرائيلية لا يمكن ايجادها، فهي إما أن تكون موجودة بقوتها الذاتية وإما أن تكون معدومة. وليس من الخير أن يُحمل على كتفي مطرب محبوب حمل ثقيل جدا. كان ثم مبدع سمي آينشتاين لكنه لم يكن اريك.

في صيف 1986 كتب آينشتاين أغنية "أجلس أمام الورقة". وتقول لازمتها: "يا بلدي ويا وطني إنك تضيع/ حطمت قلبي شظايا صغيرة/ كان عندنا حلم ولم يعد موجودا الآن/ أنا حزين جدا وأرغب في البكاء".

رد يارون لندن الذي عرف آينشتاين من سن الصفر (كان أبواهما ممثلين في مسرح الهستدروت "أوهل")، رد على الأغنية بمقالة غاضبة طُبعت في صحيفة "كوتيرت رشيت" (عنوان رئيس) الاسبوعية التي كنت واحدا من محرريها. "ما الذي يشكوه آينشتاين"، سأل لندن وأجاب: أن الدولة تغيرت وأن الزمان لم يمر بطيئا، وأن غُزاة أبعدوه عن ارضه. إن ارض اسرائيل القديمة الطيبة التي غنى لها آينشتاين لم توجد قط، كتب لندن. بل وُجدت فقط في ارض الأشواق.

ووصف آينشتاين بأنه ولد مدلل يعيش على أحلام آخرين.

كان في تلك المقالة غضب شديد، وحنق كثير، لكن كان فيها ايضا الكثير من الحقيقة. فأرض اسرائيل القديمة الطيبة كانت طيبة في الأغاني في الأساس. وفيما يتعلق بآينشتاين فقد أكثر الشكوى في أغانيه وفي المقابلات الصحفية التي أجراها من وقت لآخر. وهكذا التقى آينشتاين المطرب آينشتاين الرمز لأن جيلا كاملا من الاسرائيليين وربما أجيالا يعيشون مع شعور بأنهم سرقوا دولتهم، الدولة التي ضاعت.

إمتنع آينشتاين عن الرد على مقالة لندن واكتفى بثلاث كلمات إذ قال "أنا أسف للشر". لكنه استغل غضبه في الكتابة. وحينما سجل أغنية "صحفيي الصغير" التي هي أغنية ممتازة ولاذعة ومُركزة وصحيحة، بيّن أنه لم يقصد لندن بل آخرين. فقد غضب من تسلل وسائل الاعلام الى حياته الشخصية حتى يومه الاخير.

كانت المراسم في ميدان رابين مُغضبة. فقد أبّن اربعة اشخاص آينشتاين كان ثلاثة منهم ساسة. وقال واحد فقط هو موني موشونوف فيه كلاما ذا قيمة وحقيقيا. وقال رئيس الوزراء الذي أجهد نفسه وجاء إنه ترعرع على الاستماع إليه. أجل في فيلادلفيا البعيدة حيث ترعرع بنياميننا لم يُعرف شيء عن أي مطرب آخر. وقد كان آينشتاين الضد لنتنياهو بعدة معانٍ، فهو خجول جدا قياسا بانسان يحب الظهور، وهو زاهد قياسا بانسان مُحب للذات. ومع ذلك فان عندهما شيئا مشتركا هو صوت بريتون غني تستطيبه الأذن.

أزمة ثقة

نشرت وزارة البناء والاسكان قبل ثلاثة اسابيع مناقصات للتخطيط لعدد كبير جدا من الوحدات السكنية عن جانبي الخط الاخضر. ففي يهودا والسامرة صدر التخطيط لـ 24 ألف وحدة سكنية منها 1200 وحدة في E1، بين شرقي القدس ومعاليه ادوميم، وهي منطقة التزمت اسرائيل على رؤوس الأشهاد لرئيس الولايات المتحدة بأن تمتنع عن استيطانها. وأنتجت العناوين الصحفية فضيحة دولية فاحتج الفلسطينيون ونددت امريكا. وحدث كل ذلك في نقطة حساسة جدا في علاقات اسرائيل الخارجية، في ذروة التفاوض الاشكالي مع ايران.

ووبخ رئيس الوزراء كما نشر ديوانه، وزير الاسكان اوري اريئيل. وقد فوض الى تسيبي لفني أن تُبلغ الامريكيين والاوروبيين والفلسطينيين أن الخطة أُلغيت. فأعلنت لفني ذلك فسكنت النفوس وانتهى الامر.

بيد أنه لم ينته. فقد كان يفترض أن تنشر وزارة الاسكان تحديثا للمناقصات يُخرج المستوطنات من التخطيط. ولم ينشر تحديث. ويفترض أن تغلق المناقصات في نهاية هذا الاسبوع مع 24 ألف وحدة سكنية في يهودا والسامرة و1200 وحدة في E1. وكل ذلك في صفقة واحدة.

إن التخطيط لا يعني البناء بالضرورة، أو لا يعنيه فورا على كل حال، ومن هذه الجهة فان الجلبة سبقت وقتها. لكنه طُرحت للبحث وتُطرح قضية أكثر إلحاحا وهي الثقة التي عند زعماء في العالم بالتزامات رئيس وزراء اسرائيل.

سألت متحدث وزارة الاسكان اريئيل هورفيتس لماذا لم تنفذ وزارته توجيه رئيس الوزراء. وبعد أن استشار المسؤولين عنه طويلا أرسل إلي الرد التالي: "طلب رئيس الوزراء الفحص عن المناقصات. ولما كانت تشمل آلاف الوحدات السكنية في جميع مناطق اسرائيل فانها يُفحص عنها بالمعاني القانونية مع الشركات المخططة التي تقدمت للمناقصة".

ويقول هذا الرد بلغة البشر: يا سيدي رئيس الوزراء إني أستخف بك.

ركلة صندوق

بلغت رسالة بيير فيمونت، المدير العام لوزارة خارجية الاتحاد الاوروبي، الى وزارة الخارجية في القدس في مساء يوم الجمعة. وكانت الدهشة كبيرة. فقد اشترط فيمونت شروطا لمشاركة اسرائيل في خطة "هورايزون 2020"، وهي الصندوق العلمي والاقتصادي للاتحاد الاوروبي. إن الخطة العلمية هي المشروع الأول الذي اشتمل على توجيهات الاتحاد الجديدة المعترضة على المستوطنات. وفي يوم الاحد عقد نائب وزير الخارجية زئيف إلكين وقال: لا يجوز لاسرائيل أن توقع. وبيّن له موظفو المكتب مبلغ كونه على حق من جهة قانونية وسياسية على السواء، فقد حذروا من أن الخضوع للاوروبيين سيُحدث سابقة. وسمع إلكين ما أراد سماعه.

إن "هورايزون 2020" هي خطة للسنوات السبع القادمة. وتدفع كل دولة رسوم دخول على حسب مقدار انتاجها. ويجتمع معا في الصندوق 72 مليار يورو تُنفق على هبات بحث وقروض لاتحادات شركات. وعلى حسب الخبرة التي تجمعت في الخطة السابقة، ستحصل اسرائيل في نطاق هذه الخطة على يورو ونصف يورو في مقابل كل يورو تنفقه، وكل ذلك بفضل نوعية البحث وألمعية العلماء الاسرائيليين.

في يوم الاثنين في الساعة الرابعة بعد الظهر نزل إلكين وبينيت وبيري وبيرون لتباحث طاريء في ديوان رئيس الوزراء في الكنيست. وعرض إلكين الوثيقة الاوروبية وبيّن لماذا لا يجوز التوقيع عليها، لأن التوقيع سيكون فيه شيء من اعتراف اسرائيل غير المباشر بحدود 1967. واقترح بدء معركة دولية على توجيهات الاتحاد الاوروبي بأن يتجه ممثلو اسرائيل الى وزارات الخارجية في العواصم المختلفة من فوق رؤوس الموظفين في بروكسل. واذا خسرنا المشاركة في الصندوق فليكن، لكننا سنصر على المبدأ.

واقتنع رئيس الوزراء وقال: "من الواضح أنه لا يمكن التوقيع".

عرف إلكين أن المجتمع العلمي في اسرائيل سيعلو صراخه. وكانت عنده فكرة تجعل هذا القضاء حلوا، باستثمار رسوم العضوية التي طُلب الى اسرائيل أن تدفعها – وهي نحو من مليار يورو – في صندوق لنا، صندوق يلتف على اوروبا.

وتحمس رئيس الوزراء لذلك كثيرا. فسيكون عندنا صندوق لنا دون توجيهات مُغضبة ودون إذلال ودون تفضل. وقال "سنعرض على دول مختلفة بحوثا مشتركة، كالصين مثلا". فرئيس الوزراء شديد العشق للصين.

وتقرر استمرار التشاور في التاسعة مساءا، مع تأكيد البشرى الجديدة، بشرى الصندوق. ودُعي الى اللقاء الليلي يئير لبيد وتسيبي لفني ايضا، فقد أراد نتنياهو دعما من جميع الكتل في الحكومة. ودُعي ايضا يوسي كوهين رئيس مجلس الامن القومي الجديد الى جانب المستشارين القانونيين وكبار موظفي وزارة الخارجية. ودُعي البروفيسور تريختنبرغ رئيس لجنة الصناعة والتطوير وهي الجسم الذي يوزع اموال الدولة على مؤسسات الدراسات العليا. وتريختنبرغ أكثر خبرة من كل زملائه في الحكومة بعلاقات اسرائيل العلمية. وقد نسوا دعوته الى التباحث الاول بعد الظهر.

واستمرت الجلسة حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. وقال أحد المشاركين في التباحث بعد ذلك إنه لا يذكر دراما كهذه في كل سنوات خدمته في جهاز الدولة. ولم يقل ذلك مُطريا.

مدائح زئيف

بدأ رئيس الوزراء التباحث بخطبة ندد فيها برسالة الاتحاد الاوروبي فقال: "فيها اشياء مُهينة"، وهز الوزراء رؤوسهم. وانتقل التباحث الى تفاصيل انشاء الصندوق الجديد. وطلب تريختنبرغ الاذن بالكلام فاستمرت محاضرته المدروسة نحوا من ساعة.

بدأ بالثناء على إلكين فقال كانت لك انجازات كبيرة جدا في التفاوض مع الاوروبيين، وأنت شديد التواضع في وصفك إياها. وكان الثناء لامعا. لكن تريختنبرغ لم يأت الى الجلسة كي يمدح إلكين بل أتى ليدفنه. وربت بينيت من تحت الطاولة سرا على ركبة تريختنبرغ، يعني "فهمت الحيلة. كل الاحترام، وفهمها إلكين ايضا.

"أريد أن أُعيد السؤال الى الأصل"، قال تريختنبرغ. "إن البحث العلمي في القرن الواحد والعشرين ليس هو أن يعمل الباحث وحده ويتوصل الى كشف ويصرخ "وجدتها"، قال. "إنه عمل في أفرقة لمساعدة بنى تحتية باهظة الكلفة. وليس الشيء الرئيس في مشاركتنا في الخطة الاوروبية هو المال بل الوصول لأنه لا يوجد بديل عن اوروبا. ففي الولايات المتحدة توجد نفقة فيدرالية على أبحاث تتم في الولايات المتحدة فقط. ولا يوجد جهاز يُمكّن من التعاون في مستوى فوق الدول.

"إن اندماج اسرائيل في الخطة الاوروبية ضروري لاسباب اخرى. فان احدى الخطط – خطة ماري كيري – مخصصة لاعادة علماء اسرائيليين. وهذا مجنون تماما لأن الاتحاد الاوروبي يدفع إلينا كي نعيد علماء اسرائيليين من الولايات المتحدة. وفي هذا الاطار أعدنا الى الوطن في السنوات الاخيرة 400 عالم.

"لا يُعرض أمر المال عرضا صحيحا. إن ربحنا من الاستثمار في الصندوق يبلغ مليارا ونصف مليار يورو. ولا يمكن أن يحصل العلم الاسرائيلي على هذا المبلغ من الدولة. ولن نحصل ايضا على مليار يورو الذي يفترض أن تدفعه الدولة رسوم عضوية.

"ليس الحديث عن عدم دخول الى الخطة، بل الحديث عن خروج واعتزال. لي صديق هو عالم الماني مُحب لاسرائيل قال لي: أنا أتفهمكم. فهم في اوروبا يحاولون دائما إبعادكم. فهل استقر رأيكم الآن على الانصراف طوعا؟ كان آلاف العلماء في اوروبا سيسألون لماذا خرجت اسرائيل من الخطة. وكان الجواب الذي سيتلقونه أنهم فعلوا ذلك بسبب الاحتلال. ولن ينفع هذا دعايتنا كثيرا".

وفي اثناء المحاضرة رأى تريختنبرغ أن لغة جسم نتنياهو تتغير، فقد بدأ يعرض اسئلة. وقال ما هو السيء جدا في الرسالة الاوروبية. وغيّر موظفو وزارة الخارجية الذين وقفوا قبل ذلك من وراء إلكين وضعهم. وطلب رئيس مجلس الامن القومي يوسي كوهين أن يتحدث فأوصى بالسير مع الاوروبيين. وفي تباحث سابق في مجلس الامن القومي خلصوا الى استنتاج أنه لا يجوز التخلي عن الشراكة مع الاوروبيين، فيجب أن تُجند تسيبي لفني للاتصالات لأن الثقة التي عند الاتحاد بها ستمهد الطريق لاتفاق.

ودخل وزير الخارجية ليبرمان الى المكتب فطلب الاذن بالحديث كي يقول جملتين. قال "يجب أن نفجر الامر الآن لأن كل شيء آخر سيكون خضوعا".

كيف تتغير القرارات

قالت تسيبي لفني بعد ذلك: "تبين لي أننا نوشك أن نأخذ ما نفخر به جدا، أي العلم ونتخلى عنه لأجل ايديولوجية الاستيطان. فماذا سيبقى لنا من جهة سياسية اذا ناكفنا العالم كله؟.

"قلت، إنني فهمت ثمن عدم الانضمام. وأريد الآن أن أفهم ثمن الانضمام".

لم تُحب لفني الكلمات المنمقة القانونية. وجسدت المعضلة مستعينة بالرجال الذين جلسوا بالقرب منها، فقالت: "يوسي كوهين وأنا نحول مالا الى إلكين بشرط ألا يحول قرشا الى بينيت. فنحن ندفع الى بينيت مستقلا".

وانتقل المشاركون من الكنيست الى مبنى رئيس الوزراء، فبدأ تباحث عملي في اقتراحات نص ممكنة. وفاجأها أن بينيت التزم بموقف يشبه موقفها. وخرج نتنياهو من الغرفة ليحادث جون كيري هاتفيا، فاستغل بينيت الاستراحة ليهاتف استاذ القانون الدولي الذي أعطاه اقتراح نص منه. وانقسم المشاركون الى اربعة معسكرات: فقد أرادت لفني ووزراء يوجد مستقبل التوقيع على الوثيقة الموجودة؛ وأراد بينيت اتفاقا لكن لا بكل ثمن؛ وأراد إلكين التوجه الى عواصم اوروبا وتهديد الاوروبيين بانشاء صندوق مستقل؛ وأراد ليبرمان أن تترك اسرائيل الصندوق.

وتم الاتفاق على أن تسافر لفني في الغد الى بروكسل لاجراء مباحثات ماراثونية. وبعد ذلك ضموا إليها بينيت وإلكين ليكونا مراقبي حلال "للطعام". وقالت لفني: "دعوني أتحدث اليهم قبل ذلك".

في ظهر أول أمس استطاعت أن تتصل مع كاثرين آشتون وزيرة الاتحاد الاوروبي في لندن. فاقترحت آشتون أن يُحادث المختصون من قبل لفني المختصين من قبلها، فقالت لفني: "لم أعين مختصين، سأتحدث أنا"، قالت لفني. وسافرت الى الموساد لتتكلم مكالمة هاتفية مؤمنة. وكان بينيت معها في الغرفة وكذلك المستشار القانوني لوزارة الخارجية اهود كينين. واستمع إلكين الى المحادثة في الهاتف. ووافق الاوروبيون على أن يُذكر التحفظ الاسرائيلي من القطيعة مع كل ما وراء الخط الاخضر في الوثيقة لا مرة واحدة بل مرتين. وزعم إلكين أنه يوجد هنا تحسن كبير لأنه لن تستطيع أي محكمة في اوروبا أن تزعم أن اسرائيل تعترف بأنها تُخل بالقانون الدولي حينما تستوطن وراء الخط الاخضر.

وكما يحدث دائما بعد الازمات، أعلن الجميع النصر. يقول إلكين إنه عرف من اللحظة الاولى أن اسرائيل لن تترك الصندوق. ويقول إنه كان يُحتاج الى مجنون مثلي كي يُحسن الاوروبيون الشروط. وتقول لفني إنه حين يؤمن الاوروبيون بأن الاسرائيلي الذي يتحدث إليهم لا يحتال عليهم يكونون مستعدين لاظهار مرونة. وقالت "كان ذلك قريبا" وأشارت باصبعيها. "إن هذه الحادثة وحدها تُسوغ وجودي في الحكومة". وبينيت راض عن النص الذي تم الاتفاق عليه، ويعمل على خطة تعويض للجامعة في اريئيل ولمصانع هاي تيك في المستوطنات لا تستطيع الاستمتاع بالخطة؛ وسأل تريختنبرغ ماذا كان سيحدث لو أنه أُصيب في تلك الليلة بمغص. كيف تتخذ القرارات في اسرائيل وكيف تتغير. وعزى نفسه بالنهاية الطيبة. وحمله زملاؤه في المجتمع العلمي على راحات أيديهم.

في النضال عن مكانة اسرائيل تكون الاعمال هي التي تقرر لا الأوراق. فحينما وافق مناحيم بيغن على الانسحاب من سيناء الى خطوط 1967 أحدث سابقة ملموسة واضحة يصعب جدا التهرب منها. لكنه يسهل التهرب من الكلمات في المقابل. فهي تولد بمفاوضات ماراثونية وصياغات مُحكمة قانونية وسياسية وتتحول الى حروف ميتة بعد أن تُطبع بيوم. سيتمتع العلم الاسرائيلي في السنوات السبع القادمة من الصندوق الموفور الذي تعرضه اوروبا. لكن الكلمات التي أنقذته من الضياع ستجد مكانها عميقا في الدرج.