خبر محللون: خطاب « د.شلح » وحدوي ومقاوم بامتياز

الساعة 03:51 م|18 نوفمبر 2013

غزة

أكد محللون سياسيون أن خطاب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور رمضان عبد الله شلح، تميز بأنه خطاب وحدوي ومقاوم بامتياز، وقدم توصيفاً دقيقاً للحالة الفلسطينية وحدد معالم المرحلة المستقبلية لخيارات الشعب الفلسطيني إضافة إلى أنه قدّم حلولاً يمكن للكل الفلسطيني البناء عليها لتحقيق الأهداف التي انطلق الجميع من أجل تحقيقها في التحرير والدولة.

ورأى المحللون، ان د. شلح ركز على الحوار الوطني الشامل لاحياء المشروع الوطني والمصالحة الفلسطينية، ورفض أي اتفاق يتوصل إليه فريق المفاوضات مع العدو سلفاً لانه لا يحقق طموحات وتطلعات الشعب الفلسطيني.

وفي هذا السياق رأى الباحث اللبناني في الشؤون الاقليمية محسن صالح ، أن خطاب الأمين العام لحركة الجهاد حدد معالم المرحلة المستقبلية بالنسبة لخيارات الشعب الفلسطيني في المقاومة وتحرير الارض الفلسطينية من براثن العدو الصهيوني، ومن بعض التحركات داخل الشارع الفلسطيني التي راهنت منذ اوسلو حتى اليوم على المفاوضات مع العدو. بعد أن ضرب العدو الصهيوني كل الاتفاقات عرض الحائط وكل آمال وطموحات الشعب بدولة حتى ولو كانت في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقال صالح لمراسل "فلسطين اليوم" "إن هذا الخطاب يأت في مرحلة حاسمة من خيارات الشعب العربي في الحرية والاستقلال وحدد أن خيار المقاومة أولا مقابل خيار التفاوض والاستسلام أما شروط العدو الصهويني، والمسالة الثانية هي إن الارض الفلسطينية وفلسطين هي ملك للشعب الفلسطيني وخاصة المقاوم منه والمدافع عن حقوقه في التحرير والحرية وأنه لا إمكانية للسير في المفاوضات ويجب أن يكون الشعار كما حدده الامين العام بأن مسالة المفاوضات يجب أن لا تكون ضمن هذه الخيارات لأن الفشل كان حليفها منذ بدايتها حتى الآن.

وأضاف أن الامر الاخر هو ان تكون هناك نوع من القيادة الفلسطينية المؤمنة بخيار المقاومة على كافة الاراضي الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1948 والضفة وغزة وهو ما يشكل العمود الفقري لاستمرار وحدة الشعب وخياراته الصائبة في الاستمرار بالمقاومة والانتفاضة من أجل الضغط على الأنظمة العربية التي تسير نحو هاوية الاستسلام. وأن النظام الذي لم يحدد خياراته يجب أن يلتحق بالمقاومة لأن الجيوش العربية التقليدية منذ عام 48 إلى يومنا هذا لم تستطع تحقيق آمال وطموحات الشعب الفلسطيني. وأن الدخول والمراهنة من بعض العرب الذين أوراقهم كلها عند الإدارة الأمريكية يجب أن تنتهي ويجب أن يصاغ لخلق ميثاق جديد لجمع القوى المقاومة للعدو والمشروع الصهيوني لاقامة الدولة الحقيقة على كافة الأراضي الفلسطينية.

وتابع الباحث محسن صالح بأن خطاب الأمين العام للجهاد فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية كان واضحا ومحددا وعارفاً بمستقبل الخيارات الفلسطينية في ظل التعنت الصهيوني وفي جمود المعادلات التي كانت تحاول منظمة التحرير والعدو الصهيوني والولايات الأمريكية أن تكون خيارات بعيدة عن المقاومة والاستسلام للادارة الصهيوأمريكية.

وأكد بأن هذا الخطاب يضع كافة القيادات الفلسطينية أمام مسؤولياتها خاصة للذين راهنوا في لحظة على بعض الدول العربية ضمن التغيير العربي وحاولوا أن يبنوا طموحات في غير مكانها بالمراهنة على خيارات لا تخص الشعب الفلسطيني. سواء كانت من خلال اتفاقات مباشرة او من خلال هدنات.

وأعرب عن اعتقده بان هذه الوجهة لا يمكن الاستغناء عنها في بوصلة العقل العربي والالتفاف حولها من أجل الوصول الى قاسم مشترك لان الخيارات البديلة كانت قاتلة، من حيث طموحات واحلام الفلسطينيين، وأدت إلى الانقسامات من اتفاق أوسلو إلى استمرار المفاوضات إلى الهدنة مع العدو التي ضربت كل الخنادق وكل القوى المقاومة من اغتيالات واجتياحات وقطع المياه والكهرباء وجعلت الشعب يعيش حالة لا يحسد عليها وأن هذا التشتت الفلسطيني لم يسبق له مثيل.

وفي نفس السياق، قال المحلل السياسي عبد الرحمن الترك، إن الخطاب كان جامعا شاملاً، ولم يكتف بتشخيص الحالة الفلسطينية وإنما قدم حلولاً عملية من الممكن للكل الفلسطيني أن يشارك فيها لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني بالتحرير واستعادة الحقوق. أهمها الشروع بالحوار الوطني الفلسطيني وصولاً إلى إحياء المشروع الوطني الفلسطيني الذي حملته منظمة التحرير الفلسطينية لعقود ولكنها فشلت في تحقيقه.

وأضاف أن د. شلح كان منسجماً مع الأهداف الوطنية العليا للشعب الفلسطيني والتي ترى في فلسطين أنها كل لا يتجزأ وأن هذا الصراع لن ينته ولم ينته إلا بإقامة الدولة الفلسطنية على كامل التراب الفلسطيني من النهر الى البحر.

ورأى أن الخطاب أكد على الثوابت الوطنية الفلسطينية التي انطلق الجميع أصلا من أجل تحقيقها. وفي الخطاب دعوة واضحة وصريحة إلى إعادة احتضان المقاومة كخيار استيراتيجي لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يسترد حقوقه كاملاً بدونها.

كما رأى الدكتور عبد الرحمن الترك، أن الدكتور شلح تناول الامور والوضع الفلسطيني بمنتهى الروح ووضع النقاط على الحروف في المسائل الاستيراتيجية المتعلقة بمستقبل القضية الفلسطينية.

وقال " إن مالفتني في خطابه الهام، أنه تناول جملة من القضايا المرتبطة بمستقبل وواقع الصراع الفلسطيني "الاسرائيلي" حين أكد على أن الحالة العربية والوضع العربي الراهن في ظل ما يسمى تجاوزا للحقيقة بالربيع العربي أصبحت المعادلة الآن مختلفة لاسيما حينما قارن بين حرب الأيام الستة التي خاضتها الجيوش العربية عام 67 وحرب الأيام الثمانية التي خاضتها المقاومة في غزة وما نجم عن هاتين الحربين من نتائج هامة خاصة في البعد الاستيراتيجي للقضية الفلسطينية.

وأضاف ،ففي الوقت الذي أنجبت لنا كأمة وشعب فلسطيني في حرب الايام الستة ما أنجبت وهو ما معروف للامة، حرب الايام الثمانية في غزة كان من نتاجها أنها حققت انتصاراً حقيقياً للمقاومة وهذا تأكيد على أن خيار المقاومة من الممكن بالتأكيد أن يؤدي إلى نتائج ملموسة على الصعيد الوطني والاقليمي والدولي. بينما الخيار الآخر (المفاوضات) والتسوية نرى جميعا ماذا حقققت؟ وماذا انجبت من استخدام "إسرائيلي" غاية في السوء لهذه المفاوضات في فرض الكثير من الحقائق والوقائع على الأرض فيما يخص تهويد الارض والانسان في القدس الشريف. وانه في ظل هذه المعادلة الوضع العربي الراهن ليس أمام الفلسطينيين إلا أن يعتمدوا على أنفسهم. وهو ما يدعو إلى الحوار الوطني الشامل وصولاً للمصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس تحديداً، واصطفاف بعض العرب كما هو مشاهد وأصبح معروفاً للجميع إلى جانب "إسرائيل" في مواجهة ما افتعلوه من عدو وهمي افتراضي خارجي تمثل في إيران مع أن واقع الحال ليس كذلك.

وقال " ففي الوقت الذي يحرف فيه العرب في معظمهم بوصلة الصراع ليجعلوا من "إسرائيل" صديقا وحليفاً ، بات على الفلسطينيين ان يدركوا أكثر من أي وقت مضى اعتمادهم على الذات بالدرجة الأولى من خلال معاودة إحياء المشروع الوطني الفلسطيني بإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس أهمها الشراكة للجميع والكل الفلسطيني وديمقراطية واضحة المعالم. واعتماد المقاومة الوطنية الفلسطينية بأشكالها المختلفة ركيزة أساسية في مواجهة المحتل الغاصب.

ورأى أيضاً في الخطاب أنه تبذيذاً للأوهام التي يعلقها البعض على المسار التسووي والتفاوضي ، فإعادة الالتفاف حول المقاومة وحمايتها وتجذيرها ودعمها واسنادها بكل اشكال الدعم تبقى الخيار الأمثل للشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات التي يفرضها واقع الاحتلال والدعم الامريكي اللامحدود لإسرائيل. وأكد على أن أي حلٍ ينجم عن هذه المفاوضات ان لم يكن مرضياً للشعب الفلسطيني فلا يمكن أن يقبل به الشعب والامة. وأنه لا يجوز لاحد التفرد بصياغة مستقبل الشعب الفلسطيني حيال ثوابته في الصراع مع العدو. في اشارة إلى ما نجم عن اتفاق أوسلو، هذه الاتفاقية التي أسقطت الحق التاريخي للشعب الفلسطيني فيما احتل منها عام 1948.

فيما رأى الكاتب هيثم أبو غزلان أن خطاب الدكتور رمضان شلح، يحمل دلالات من حيث المضمون والشكل، خاصة وأنه يأت في الذكرى الأولى لحرب الأيام الثمانية، تميز بنبرة الخطاب، وتعدد الرسائل، ورؤية حركة الجهاد الإسلامي المستقبلية للصراع مع الاحتلال الصهيوني.

وقال غزلان في مقالة له تعقيباً على الخطاب، إن خطاب شلح من حيث المضمون، جدّد موقف الحركة من التسوية ورفضها لها، والتأكيد على أن "المشروع الوطني الذي يتحدث عن دولة على حدود الـ 67 من خلال المفاوضات هو مستحيل"، داعياً إلى "إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني على أساس الجهاد والمقاومة"، وأن "لا تطغى أي خلافات بين الفلسطينيين على صراعهم مع العدو"، والعمل على "إعادة بناء الكيان الوطني الفلسطيني، والكيان المعنوي بعيداً عن قيود التسوية وليكن هو "منظمة التحرير" إن استطاعت التحرر من قيود التسوية".

كما طرح الأمين العام رؤية الجهاد الإسلامي وثوابتها وفق 6 نقاط ، هي: "أن فلسطين كلها وطن للشعب الفلسطيني أينما وجدوا. وأنه "لا يحق لأي فئة أن تفرض حلاً يتضمن تنازلاً عن أي حق من حقوق الشعب الفلسطيني". و"التأكيد على وحدة الصف الفلسطيني". و"إعادة بناء الكيان الوطني الفلسطيني بعيداً عن قيود التسوية". و"إعتماد خيار المقاومة ضد العدو" وتساءل :"هل الرهان على التفاوض مع "إسرائيل "أفضل من خيار المقاومة والجهاد، مضيفاً أن من يشك في مشروعية خيار المقاومة عليه أن يشك في مشروعية حقنا في فلسطين. و"إعادة الإعتبار للبعد العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية".

وبخصوص المناسبة فقد تحدث الأمين العام د. رمضان عبد الله عن ذكرى حرب الأيام الثمانية التي استهدفت فيها المقاومة "كيان الإحتلال في عمقٍ استيطاني"، مشيراً إلى تطور المقاومة وإعدادها واستعدادها للمواجهة مع العدو وصولاً إلى حالة الردع. متحدثاً أن "الشعب الفلسطيني يريد المقاومة"، والدليل على ذلك " هو فوز حماس في انتخابات 2006"، وأن من "انتقد حماس ينتقدها لأنها انخرطت في السلطة".

وطالب المقاومين بالاستعداد الدائم للمعركة، وبيّن أن نتائج الحرب السابقة جعلت مهمة المجاهدين أصعب وأن المقاومة في أي مواجهة قادمة لا تملك إلا أن تنتصر ولا تتراجع عن النصر الذي حققته في الحرب.

أما أهمية الخطاب من حيث الشكل ، فقد قال غزلان أن إطلالة الأمين العام، في مناسبة الذكرى الأولى لحرب الأيام الثمانية، مناسبة للتأكيد على خيار المقاومة القادر على تحقيق نتائج عملية لشعبنا في مواجهة خيار التسوية الذي لم يجن منه شعبنا شيئاً،

وكانت مناسبة أيضاً جمعت فيها حركة الجهاد جميع أطياف الشعب الفلسطيني وحركاته وقواه السياسية، كما كان لافتاً الحضور النسائي الحاشد ما يعطي رسالة واضحة على دور المرأة في مسيرة الكفاح والجهاد ضد العدو.

كما لا ينبغي إغفال الخلفية التي كانت موجودة خلف الأمين العام: "سماء زرقاء" و"قدس" و"مجاهدين من سرايا القدس"... واللغة الهادئة التي تتسم بالثقة، وحركات اليدين والإشارات المتناسقة، ما يشير وبوضوح إلى مُتمكن ومسيطر في توجيه الرسائل المستند إلى قوة ظهرت في عدة معارك ـ القصد هنا سرايا القدس ـ. كما يمكن ملاحظة الحرص الشديد من قبل الأمين العام أن يكون خطابه توحيدياً وإن مرر رسائل داخلية فيه.