خبر بث متكرر- يديعوت

الساعة 09:16 ص|18 نوفمبر 2013

"واليكم النبأ الذي وصل لتوه"

بقلم: ايتان هابر

(المضمون: الارهاب غير المنظم هذا يأتي من أناس افراد على حافة اليأس، مستعدين لان يدفعوا الثمن بحياتهم ومع ذلك يخرجون الى الشارع بحثا عن ضحية يهودية. هذا ارهاب عفوي، غير قابل للملاحقة من اجهزة الاستخبارات، ارهاب يائسين يريدون زرع الخوف - المصدر).

 

الحلم الرطب لرجال اليمين هو أن يسمعوا صباح غد في الاذاعة آريه غولان يعلن في صوت اسرائيل بصوت خفيض شيئا من نوع "واليكم النبأ الذي وصل لتوه"، عن وقف المحادثات مع الفلسطينيين لايجاد تسوية ما للنزاع الدموي بينهم وبيننا. أما الحلم الرطب لرجال اليسار فهو العكس بالضبط. هم يريدون جدا ان يسمعوا بانه توجد تسوية كهذه.

 

هؤلاء واولئك على حد سواء على ما يبدو مخطئون: لن تكون على ما يبدو مثل هذه التسوية، ولكن اذا ما واصل جون كيري هوسه للدخول الى التاريخ كمنقذ ومخلص للنزاع الذي لا ينتهي هذا، فستمر علينا "ايام مشوقة" كما يقول المثل الصيني.

 

لن يكون اتفاق كهذا، لان الطرفين غير معنيين به في هذه اللحظة. فالفلسطينيون مقتنعون بان الزمن يعمل في صالحهم، وأن حلم الدولتين للشعبين يتبدد، وها هو في مدى بضع سنوات ستقوم هنا دولة مع أغلبية عربية وأقلية يهودية، وأن امريكا تهجر رويدا رويدا اسرائيل، وان العالم كله ضدها، وان نزع الشرعية الجارية لدولة اسرائيل في العالم ينجح جيدا. كم من الوقت تبقى لدولة اليهود؟ 30 سنة، 20 سنة؟ للعرب كان دوما ساعات زمنية مختلفة تماما عما للاخرين. كم من الوقت حكم هنا الصليبيون؟ 200 سنة؟ للعرب يوجد وقت. لا شيء يشتعل.

 

اما اليهود فمقتنعون بان الزمن يعمل في صالحهم. كل يوم يمر هو يوم آخر من تثبيت حقائق على الارض، دونم آخر، عنزة اخرى، شرفة اخرى. الوضع سيكون، او أنه صار، غير قابل للتراجع. كم من اليهود يسكنون اليوم في يهودا والسامرة؟ 400 ألف، نصف مليون، هم يؤمنون بانه لم يولد بعد اليهودي الذي ينجح في اخلاء مثل هذا العدد الكبير من المستوطنين. وماذا عن هوس جون كيري؟ لقد سبق أن اجتزنا اسوأ منه. أتريدون أسماء؟

 

الارهاب المحتدم هو الاخر في الزمن الاخير في المناطق وفي اسرائيل لن يحدث التحول. فقد سبق أن كنا في هذا الفيلم: في بداية التسعينيات ساد هنا "ارهاب البلطات"، الذي بلغ ذروته في قتل التلميذة هيلينا راب في ساحات بات تيام. اجواء من الخوف سادت في حينه على الدولة. كل عربي في الشارع اعتبر كقاتل محتمل، ومن كان

 

يحمل سكينا كي يقشر برتقالة لم يتمكن من أكلها. "أكلوا" العربي. كما أن ليس فقط "ارهاب البلطات" هو الذي رفع اسحق رابين الى الحكم.

 

الناس يميلون الى الاستخفاف بالارهاب غير المنظم، مثلما نشهده هذه الايام ايضا. فلما كان الميل هو دوما لقياس الاخفاقات والنجاحات حسب عدد القتلى، فما هو جندي واحد يذبح في باص مقابل 30 و 40 قتيلا في باص يتفجر؟ ولكن التجربة تفيد بان من الخطأ التفكير بهذا النحو. فالارهاب غير المنظم هذا يأتي من أناس افراد على حافة اليأس، مستعدين لان يدفعوا الثمن بحياتهم ومع ذلك يخرجون الى الشارع بحثا عن ضحية يهودية. هذا ارهاب عفوي، غير قابل للملاحقة من اجهزة الاستخبارات، ارهاب يائسين يريدون زرع الخوف.

 

الخوف من كل من يبدو عربيا أدى في الماضي الى حراكات حادة في مقياس الخوف لدى المواطن الاسرائيلي البسيط: من سيمتشق السكين؟ من أين سيأتي؟ ولكن الارهاب غير المنظم هذا، الصعب جدا على الاحباط، حسب تجربتنا التاريخية، من شأنه أن يكون المقدمة للبداية: الانتفاضة الاولى هي ايضا، في 1987، بدأت من الجماهير في الشوارع، من المحبطين، من اليائسين، ممن اعتقدوا في حينه بان ليس لديهم ما يخسروه.

 

مخطيء تماما من يعتقد بان الانتفاضة اياها بدأت كانتفاضة منظمة. بل العكس: قيادة م.ت.ف في تونس سألوا برعب كل يوم من هو المنظم، من المقرر، ماذا يفعلون وماذا يوشكون على فعله. كل شيء بدأ من تحت، من الرجل في الشارع. وهذا أيضا الخطر في الارهاب غير المنظم هذه الايام .