بالصور محمد أبو عيشة... الشهيد الشاهد على معركة « السماء الزرقاء »!!

الساعة 12:37 م|15 نوفمبر 2013

غزة (خاص)

سنوات عجاف مرت من عمر هذا الاحتلال الغاصب، الذي ما انفك عن ممارسة أنواع شتى من القتل و التدمير و الانتهاكات بحق الفلسطينيين، ولم تخجل سلطاته والناطقين باسمها من تبرير جرائم القتل لأقل الأسباب، الأمر الذي يشير إلى مدى الاستخفاف الصهيوني ليس فقط بالقوانين والمواثيق الدولية، بل بحياة الصحفيين الفلسطينيين، منتهكة بذلك ليس فقط حرية التعبير بل أهم حق للإنسان وهو "الحق في الحياة”.

إن ما شهده العام الماضي، و خصوصاً أثناء حرب الأيام الثمانية، التي شنتها آلة الحرب الصهيونية في قطاع غزة، من استهداف لمكاتب صحفية في القطاع، و اغتيال لمراسلي فضائيات وصحافيين وشهود على الجريمة الصهيونية النكراء، يفتضح تواطؤاً كونياً ضد الحقيقة خصوصاً في لحظات أزوفها، حيث لا مجال لحجب الشمس بغربال، حتى لو ضاقت ثقوبه، و لا سيما و أن أبطالها رجال أحرار تلفحوا بالموت ضد الموت، وبالخطر ضد خطر أشد، توضأوا بحبرهم النظيف، و ساروا في طريق شاقة و متعبة ليجهروا بالحقيقة، وأن يؤذنوا على قمم الجبال، بأن جاوز الظالمون المدى...

الصحفيون في مرمى القصف!!

"وكالة فلسطين اليوم الاخبارية" تفتح ملف الاستهداف المباشر الذي تعرض له الصحفيين خلال حرب "السماء الزرقاء"، حيث  تعمدت "إسرائيل" باستهداف الصحافيين والمصورين بصورة مقصودة ومتعمدة، فقتلت ثلاثة منهم، في عمليات قصف منفصلة، حيث استهدفت الطائرات الشهيد الصحفي محمد موسى أبو عيشة مدير إذاعة القدس التعليمية، بينما كان يسير على قدميه، ما تسبب في استشهاده على الفور، كما استهدفت سيارتين كانتا تحملان إشارة الصحافة بصواريخ حارقة، احداها تابعة لفضائية الأقصى كان يستقلها مصوران صحافيان هما محمود الكومي وحسام سلامة، ما تسبب في استشهادهما على الفور أيضاً.

واستهدفت "إسرائيل" أيضا مكاتب ومؤسسات صحافية، من خلال قصفها برجي الشروق و الشوا و حصري بمدينة غزة، والذي يضم العديد من المكاتب الصحفية بينها مكتب فضائية القدس، وقناة الجزيرة، والتلفزيون الجزائري ووكالة معا، وقناة روسيا اليوم، و اذاعة القدس، وكالة فلسطين اليوم، والعديد من المكاتب، الإعلامية وغير الإعلامية.

وقد أسفر القصف الذي تكرر مرتين متتاليتين، عن إصابة خمسة من الصحافيين وهم: درويش بلبل وإبراهيم لبد ومحمد الأخرس وحازم الداعور وحسين المدهون وخضر الزهار، وقد بترت ساق الأخير نتيجة القصف، إضافة إلى إلحاق أضرار مادية فادحة وتضرر معدات وأجهزة تستخدم في العمل الصحفي، خاصة في مكاتب فضائية القدس والجزيرة.


محمد الشاهد الشهيد!!

ففي حادثة اغتيال الصحفي محمد أبو عيشة كما يرويها والده و مقربون منه، فإن الطريقة التي استهدف فيها الشهيد تثبت بأن الاحتلال الاسرائيلي لم يتوقف عن محاولاته لسرقة الحقيقة و اخفائها، و قتل كل من يحاول فضحها.

و في روايته لعملية الاغتيال التي رآها بأم عينه يقول والد الشهيد: "كنت خارجاً من المسجد القريب من بيتنا في منطقة دير البلح، و كان الشهيد محمد يسير مشياً على الأقدام مع أحد اصدقاءه، طرحوا علي السلام، و رددتها عليهم بالمثل، و عاجلني أن اطلب منه العودة الى المنزل و لكن الأجل كان أسرع مني، فباغتته الطائرات الحربية بالقصف المباشر دون سابق انذار".

و تابع يقول: كنت أول من وصل الى الشهيد بعد اصابته، حيث وصلت اليه و هو ملقى على الأرض، فبدأت القنه الشهادتين، و قد من الله علي بالصبر حينها، و انا اردد معه الشهادتين، و قالها بكل هدوء و بنفس راضية و مطمئنة".

لماذا يقتل محمد؟

بدوره قال مدير و رئيس تحرير وكالة فلسطين اليوم الاخبارية، الصحفي، صالح المصري: " إنه كان من الواضح أن إسرائيل كانت تتعمد قتل الصحفيين، وتدمير مقراتهم، رغم وجود الاشارة الصحفية، وهذا إن دل فإنه يدل على الإرهاب والغطرسة التي تمارسها.

و أوضح أن "إسرائيل" قتلت بشكل متعمد ثلاثة من زملائنا، ودمرت العديد من المؤسسات الصحفية, وجرحت العشرات، لافتاً الى أن هذه الجرائم تتطلب ملاحقتها قانونياً، خاصة من جانب المؤسسات التي تعنى بحقوق الصحفيين .

و أشار المصري الى أن "اسرائيل" ادركت اهمية الإعلام الفلسطيني، ومدى تأثيره  في نقل صورة معاناة الفلسطينيين للعالم منذ حرب العام 2008، لذلك لاحظنا انها تعمدت قتل الصحفيين وقصف مقراتهم في حرب الايام الثمانية، وهي بذلك كانت تظن انها ستسكت صوت الحقيقة، وتمنع الصحفيين من مواصلة عملهم، لكن حدث العكس تماما، فعلى الرغم من استشهاد 3 صحفيين وإصابة أكثر من 15 آخرين، وتدمير المقرات إلا ان صوت الحقيقة ظل متواصلاً وهذا يدلل على ان الصحفيين أصحاب رسالة، ولهم دور مهني و وطني مهم خلال الحرب.

و أكد على أن المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والعربية والدولية مطالبة بمزيد من الجهد والعمل من أجل تقديم قتلة زملائنا للقضاء وملاحقتهم قانونيا،  ويجب تفعيل هذه القضايا في كل المحافل الدولية.

من ناحيته قال مدير العلاقات العامة في اذاعة القدس التعليمية، محمود العوضية :" إن الاحتلال عمل على مدار ايام و ساعات الحرب على اخراس الصحافة ، وحجب الحقيقية عن العالم، و لذلك كان يستهدف الصحفيين و مكاتبهم، فقتل من قتل و جرح من جرح، اعتقاداً منه أنه بذلك يستطيع أن يخفي جرائمه ضد شعبنا" .

و أردف قائلاً: "أن استشهاد محمد أبو عيشة، أبو عماد، كما لقب نفسه تيمناً بشقيقه الشهيد عماد، الذي سبقه في قافلة الشهداء، ترك أثراً كبيراً في نفوس زملائه في الاذاعة، الا أننا نؤكد بأننا سنبقى على دربه و كما عهدنا، و سنكمل مشواره في نقل الحقيقة من المنبر الذي أسسه، و لن تثنينا عن ذلك الاغتيالات و لا عمليات القصف، و سنحافظ على الأمانة التي تركها الشهيد في أعناقنا".

قدمنا اعلاماً وطنياً و مسؤول!

من جانبه قال مدير مكتب قناة القدس الفضائية في غزة، عماد الافرنجي، بأن ذكرى الحرب تمر علينا بكثير من الألم، لفقدان زملاء لنا في المهنة، و كذلك بالعزيمة و الاصرار، على مواصلة المشوار، مشيراً الى أن غزة مرت بحربين متتاليتين، و كان الصحفيون يزدادون قوة و صلابة في كل مرة.

و أضاف الافرنجي في حديث لـــ "وكالة فلسطين اليوم الاخبارية": "إن الصحفيين الفلسطينيين يدركون جيداً أنهم يخوضون معركة الكلمة و الصورة لتثبيت الرواية الفلسطينية و دحض الرواية الاسرائيلية، كذلك يدركون أن لهم تأثير من خلال الكلمة و الصورة مع ثورة المعلومات فائقة السرعة، منذ اللحظة الاولى للعدوان".

و أوضح أن استهداف الصحفيين كان بمثابة رسائل ارهاب و عنف و تخويف، و أن الاحتلال ظن بأنه سيكون هناك تراجعاً في الاداء من قبل الصحفيين، الا أن النتيجة كانت العكس، بل كانت مزيدا من العطاء و التضحيات، و كانوا في خط الدفاع الاول، حتى قدموا اعلاماً مسؤولاً، وطنياً و مهنىاً، و على درجة عالية من الدقة، شهد لها العالم كله بما في ذلك اعلام الاحتلال.

و انتقد الافرنجي حالة الصمت التي كانت و لا تزال في المؤسسات القانونية العربية و الدولية، موضحاً أنه في حين أن الصحفي الفلسطيني يتحول في لحظة فارقة، الى جندي يلاحق الحقيقة، يحتاج الى دروع و امكانات، كان يفترض أن توفر له، الا أنه بدلا من ذلك كان يتلقى  قذائف و صواريخ الاحتلال خلال العدوان.

و أكد أن صمت المؤسسات الدولية و العربية، كان بمثابة ضوءاً أخضر للاحتلال ليتغول على الصحفيين الفلسطينيين، محذراً من أنه ان لم تتم ملاحقة مجرمي الحرب الاسرائيليين و محاكمتهم، فانه سيكون هناك جولة قادمة من الاستهداف و القتل للصحفيين.

صور من عمليات استهداف الصحفيين خلال حرب "السماء الزرقاء"


استهداف الصحفيين في العدوان على غزة


استهداف الصحفيين في العدوان على غزة


استهداف الصحفيين في العدوان على غزة


استهداف الصحفيين في العدوان على غزة