خبر حينما يتحول القائد الى سياسي- يديعوت

الساعة 11:25 ص|08 نوفمبر 2013

ترجمة خاصة

حينما يتحول القائد الى سياسي- يديعوت

بقلم: يوعز هندل

(المضمون: زعم أن الفلسطينيين يريدون كتابة تاريخ الماضي ويقولون إنه ليس لاسرائيل حق في جبل الهيكل ويؤيد الواقع ذلك لأن سلطة اسرائيل على الجبل سلطة رسمية فقط، لكن السلطة الفعلية هي للاوقاف الاسلامية - المصدر).

يصعب أن نحدد الوقت الدقيق الذي تصبح فيه كلمة قائد في اسرائيل سياسيا. ويبدو أن هذا عندي جزء من عملية نضج متأخر كان لي ذات مرة قادة عرفتهم من قريب. والفرق بين الكلمتين عظيم جدا. فنحن نقترب من القائد عن ثقة ومن السياسي في شك. وقد فقدنا هذا. لا يوجد ساسة ساذجين (ويبدو أنهم لم يوجدوا قط). وربما كان المواطنون في الماضي ساذجين. ومشكلة الشك هي أنه مقرون بفروض انطلاق يُحدث بعضها مظالم قضائية. وأنا شخصيا لا أبحث عن سياسة جديدة بل أبحث عن ساسة يعرفون قبل كل شيء أن يكونوا مواطنين محافظين على القانون.

إن الظروف لا تهم. أصبح ليبرمان بريئا بعد سنين طويلة كانت فيها غيمة الفساد تغطيه فوق رأسه. وفي صباح يوم الاربعاء تجول في الجهاز السياسي خائبو آمال من اليسار واليمين، كل واحد وظروفه. وقال لي وزير سابق بعد بت القرار فورا إن الرائحة ما زالت موجودة ويبدو أنه على حق لكن الرائحة في دولة ديمقراطية لا تقرر شيئا، والذي يؤمن بسلطة القانون وبجهاز القضاء لا يستطيع ألا يعترف ببراءة كاملة لانسان، فالمشاعر والروائح لا تصنع عدلا وقضاءا.

إن ليبرمان بخلاف الصورة المتطرفة التي نشأت له هو شخص عملي. وإن تقديره للامور بين كلام ذي بال وتصريحات سخيفة لنيل تأييد الرأي العام دقيق بصورة عجيبة. إن ليبرمان يعود الى اللعبة في وقت يوجد فيه في كتلة اليمين ثقوب ايديولوجية سوداء أكثرها في المجالات السياسية وفي قضايا الدين والدولة.

الجميع يخشون الجميع

أصبح وزراء الليكود منذ كانت الانتخابات يسيرون في الفضاء السياسي وكأنهم في دير الصامتين. ويذكر نتنياهو مرة بعد اخرى دولتين للشعبين، لكنه يقصد في واقع الامر خطوات مرحلية دون اخلاء المستوطنات، وخطته جيدة لكنه يمتنع عن قولها لصالح التفاوض. إن شرك الليكود هو أن نتنياهو يقول ما لا يفكر فيه ويخشى سائر الوزراء البراغماتيين في الليكود الكلام خشية أن يشيروا اليهم بأنهم معتدلون كثيرا، في المستقبل. والظاهرة عند بينيت مشابهة والتركيب البشري مشابه. فهو تخلى عن البحث عن خطة سياسية في الوقت الذي أدرك فيه أن كل خطة هي علامة سوء بالنسبة لشركائه من "تكوماه". وفرض الانطلاق هنا وهناك هو أنه لا تمكن الخسارة حينما لا يتم اقتراح أي شيء.

وفي قضايا العلاقة بين الدين والدولة فان الصمت في نظري أقسى كثيرا. إن الاسرائيليين ضاقوا ذرعا بالتلاعب الديني وبالمؤسسات الدينية التي يسيطر عليها الحريديون. وهذا الشعور مشترك ايضا بين أكثر مصوتي البيت اليهودي والليكود. ويدرك الوزراء أن حكومة دون حريديين هي فرصة للتغيير لكن الحسابات السياسية تشلهم. وفي الليكود يخشون الحريديين في اليوم الذي يلي بينيت، وفي البيت اليهودي يخشون الحاخامين الحريديين القوميين. فهذه هي حكومة الخوف.

ولليبرمان أفضلية واضحة في المجالين، فهو لم يلتزم للحاخامين ونشطاء المستوطنات. ويستطيع ليبرمان مع عدم وجود امكانية لاتفاق سلام أن يقود طريقا مرحليا خاصا به. فقد وضع على الطاولة في الماضي فكرة سياسية فيها تبادل للاراضي وهو يستطيع أن يضع أفكارا اخرى. وسيكون ليبرمان سعيدا اذا كان هو الذي يفضي الى تغيير العلاقة بين الدين والدولة. فحريته السياسية تُمكنه من البروز. وهو يحتاج الى ثورات بعد الهدوء الطويل. واحتمال الفائدة كبير مع قوته السياسية، لكن احتمال الضرر كذلك ايضا من جهة اخرى.

إعادة كتابة التاريخ

إن الصراع على الماضي جزء من الصراع الاسرائيلي الفلسطيني في الحاضر. أعادت الصهيونية اليهود الى وطنهم التاريخي، ويحاول الفلسطينيون اخراجهم منه بكتب التاريخ. وإن الجدل فيما كان من وجهة نظر عصرية يثير الاستهزاء فالماضي لا يُمحى بالقوة في العالم الحر. ولا يمكن اخفاء كتب التاريخ والآثار. والجدل يشعل حريقا من وجهة نظر دينية.

في هذا الاسبوع في تباحث في لجنة الداخلية في الكنيست زعم اعضاء كنيست عرب أن جبل الهيكل غير موجود، وأثار زعمهم جلبة كما كان متوقعا. والذي يتابع أمور اللجنة الداخلية في الاسابيع الاخيرة يجد الكثير جدا من الجلبة والقليل جدا من النتائج. وتبحث اللجنة في حق اليهود بالصلاة في جبل الهيكل، وهذا سؤال مناسب في ديمقراطية فيها حرية عبادة. وجاء اعضاء الكنيست العرب للبحث في حقهم في اعادة كتابة التاريخ.

في سنة 691 للميلاد بنى الخليفة عبد الملك بن مروان المسجد الشهير في باحة جبل الهيكل. وللاحتفال بانهاء البناء علق مواليه منقوشة حجرية تمجده. وبعد ذلك بـ 140 سنة جاء الى القدس خليفة آخر هو عبد الله المأمون، ومحا الخليفة الجديد اسم الخليفة الأصلي من المنقوشة وكتب أنه هو باني المسجد. ومن شاء وجد في ذلك سلوكا مقبولا بين الساسة. إن الله موجود في التفاصيل الدقيقة ولا سيما حينما يكون الحديث عن جبل الهيكل. فقد نسي الخليفة أن يغير تاريخ البناء في المنقوشة. وتبين لعلماء الآثار بعد ذلك بسنين الخديعة.

إن طمس المعالم ظاهرة معلومة في الاسلام، فقد حدث ذلك لتماثيل بوذا التي يزيد عمرها على 1600 سنة في افغانستان ويحدث هذا في هذه الايام في كتب التدريس الأصلية للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة لأن حماس ترى أن المادة التدريسية ليست متطرفة بقدر كاف، فتم محو الاعتراف باسرائيل، ومحو السلطة الفلسطينية، بل مُحيت اتفاقات اوسلو. فحاكم الحاضر هو الذي يقرر ما كان في الماضي.

إن دولة اسرائيل هي التي تسيطر على جبل الهيكل رسميا، أما العاملون في الأوقاف الاسلامية فيمحون ويفعلون هناك ما شاؤوا، بصورة غير رسمية. منذ 1967 جرى في ذلك المكان عدد من الاعمال التمهيدية المستقلة لأجل البناء أحدها في اصطبلات سليمان (1995)، وأحدث ضررا أثريا متعدد المستويات. وفي كل بضع سنوات يُكشف خارج جبل الهيكل عن أكوام ترابية وآثار أُخرجت في الظلام. إن واقع عدم الحكم في جبل الهيكل مدة سنين طويلة من أعظم الفضائح التي عرفتها اسرائيل. وهو تدنيس للمقدس بالمعنى الأثري وتخلي عن الحق بالمعنى القومي. ويمكن فقط أن نُخمن كيف كانت سترد لجنة من اليونسكو لو حدث تدمير ثقافي من هذا النوع في موقع آخر.

في تشرين الاول 2007 بدأ مراقب الدولة لندنشتراوس الفحص عما يجري في الجبل، وقد أنهى عمله قبل اربع سنوات ونصف. إن التقرير قاس لكن لا تجوز قراءته. والزعم المركزي للمشاركين في الحفاظ على سرية التقرير هو أن الحديث عن أحداث من الماضي. وتحسن الوضع ولهذا لا داعي الى إثارة مشكلات مع الفلسطينيين والاردنيين. لكن علماء الآثار يعترضون على ذلك. إن ألواحا خشبية يرجع تاريخها الى ايام الهيكل الاول توضع في هذه الايام دون تغطية وحفظ في كومة بالقرب من باب الرحمة. وقبل سنتين نظم العاملون في الاوقاف الاسلامية ما يشبه الموقد ليتدفأوا واستُعمل عدد من الاشجار القديمة – ربما من فترة الهيكل الاول – وقودا. وما زالت الجرافات في الباحة.

يسهل مهاجمة الفلسطينيين واعضاء الكنيست العرب بسبب اعادة كتابة الماضي. والجهل يريح الجميع. لكن المشكلة هي مشكلة اولئك الذين يعلمون. وحينما يُمحى في دولة اسرائيل تقرير مُحدّث لأنه يقول فقط إنه ليست لنا سيادة ورقابة كافيتان على جبل الهيكل، يصعب أن توجه الدعاوى على آخرين.