خبر الفشل الكبير -يديعوت

الساعة 11:18 ص|07 نوفمبر 2013

بقلم: سيفر بلوتسكر

(المضمون: يجب أن يوصي المستشار القانوني للحكومة بألا يتم الاستئناف بعد بت الحكم كي تستجمع النيابة العامة أكبر قدر من الشهادات والأدلة التي تريد بها إدانة المتهم - المصدر).

 

"بقي شك محتمل". هذه ثلاث كلمات تجسد الخطاب الذي يمر كالخيط الثاني في قرارات الحكم المبرئة الكثيرة في الاشهر الاخيرة.

 

"بقي شك محتمل"، يقول القضاة والقاضيات مرة بعد اخرى بعد أن يستمعون للشهود الذين تدعوهم النيابة العامة وينظرون جيدا في المواد المكتوبة التي تقدمها.

 

حينما يُضعف شعور "الشك المحتمل" الرواية التي تبسطها النيابة العامة أمام المحكمة، يفضي بالضرورة الى تبرئة المتهم – لأن من القواعد الراسخة لاقامة العدل في القضاء أنه لا يجوز إدانة انسان بجنايات منسوبة إليه اذا ما وجد شك محتمل بأنها ارتُكبت حقا.

 

وهذه القاعدة أساسية جدا، ومبدئية جدا ليس من الطيب أن يُذكر بها الناس ممن مواجهة مخالفة القانون عملهم الأساسي. ومع كل ذلك يبدو أنهم نسوا هذه القاعدة، ويضطر القضاة الى تذكيرهم بها مرة بعد اخرى. إن عبارة "شك محتمل" تظهر في التعليلات لتبرئة افيغدور ليبرمان الكاملة، وفي التعليلات لتبرئة اهود اولمرت الجزئية

 

وتبريئات اخرى. وقد نجح محامو المتهمين المختلفين في الحقيقة في إحداث ثقوب كبيرة في جملة دعاوى النيابة العامة كما قضى القضاة. وأحدثوا في قلوبنا شكا محتملا في صحتها.

 

إن التبرئة مرة بعد اخرى بسبب الشك تشهد على فشل راسخ في عمل النيابة العامة في السنوات الاخيرة. فقد تبنى ناسها واستدخلوا التصور المخطيء الذي يرى أن واجب البرهنة يتحمله المتهم. فيجب على المتهم كما ترى النيابة العامة أن يقنع القضاة ببراءته، ويجب على النيابة العامة أن تعترض على ذلك فقط. وعلى ذلك فان المدعي العام يؤدي في ظاهر الامر دوره كما ينبغي حينما ينجح في جعل القضاة يشكون شكا محتملا في كلام المتهم.

 

وليس ذلك صحيحا لأن عبء البرهنة موضوع كله على كاهل النيابة العامة التي تطلب التأثيم. ولا يجب على الدفاع من جهته أن يُثبت شيئا بل يكفيه أن يثير "شكا محتملا" في صِدق رواية النيابة العامة. وقد نجح كما رأت أعيننا في اثارة هذا الشك.

 

وتُصور النيابة العامة بذلك المزاج الغالب على الاجزاء المؤمنة بالقوة في الرأي العام الاسرائيلي. لأن متحدثيها يرون أن كل شخصية رفيعة القدر سياسية أو اقتصادية فاسدة لمجرد المنصب الذي تشغله إلا اذا استطاعت أن تبرهن على براءتها المطلقة التي تتجاوز الشك المحتمل. وهذا بمثابة "كلنا مذنبون حتى يثبت عكس ذلك".

 

حينما يصدر رؤساء النيابة العامة عن فرض أنه سيجب عليهم فقط في اثناء المحاكمة الاعتراض على رواية الدفاع، يُهيئون لأنفسهم عملا سهلا ويستخفون (شيئا ما)

 

بجمع الأدلة والشهادات. فما الذي يجب أن يحدث لهزهم وإحداث تحول في التصور عندهم؟ إن التبرئات لا تجعل العاملين في النيابة العامة ذوي القدرات يستخلصون الدروس، بل تجعلهم يتحصنون فقط مع شعور بالاهانة. لكن يوجد امكان آخر ايضا وهو توجيه من المستشار القانوني للحكومة بألا يتم تقديم في حالات التبرئة بسبب الشك، استئناف الى جهاز قضائي أعلى.

 

إن استئناف الدولة على تبرئة المتهم ليس عملا مفهوما من تلقاء نفسه، فهو مختلف فيه من جهة اخلاقية وقيمية عميقة. وحينما تعلم النيابة العامة أن خيار الاستئناف قائم دائما تميل الى الاستمرار في نهجها والتمسك بطرقها حتى حينما تفشل مرة بعد اخرى. وهذا طبيعي وانساني جدا.

 

إن الغاء السهولة غير المحتملة لخيار الاستئناف سيوجب على النيابة العامة أن تُجند أفضل القوات والعقول للمحاكمة عن علم بأنه سيُتخذ فيها القرار الحاسم النهائي المطلق.

 

وفي خلال ذلك يتعود جهاز النيابة العامة على كيفية السلوك حينما لا يملك أدلة تشهد بذنب المتهم أو المتهمة "وراء الشك المحتمل": بحيث لا يُقدم فيهما لائحة اتهام ولا يُحاكمان لأنه اذا بُرئا فلن تتاح للنيابة العامة فرصة لجولة ثانية وهذا أمر جيد.