خبر الاعتذار الواجب والعقاب المطلوب ... بقلم عوض ابو دقه

الساعة 09:43 ص|07 نوفمبر 2013

أفعالٌ مؤسفة، تخللت تشييع الأسير الشهيد حسن الترابي في بلدة صرة قضاء نابلس شمال الضفة المحتلة عصر الثلاثاء 5/11، حين أقدم زعران الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، والموتورون من المحسوبين على حركة فتح، بالإساءة لحركة الجهاد الإسلامي ورموزها.

استفزازٌ تلاهُ تهجمٌ لفظي، ليصلَ الأمرُ بهؤلاء الزعران والموتورين لحد ملاحقة عناصر الجهاد في شوارع البلدة، منعًا إياهم من رفع رايات الحركة في عرس أخيهم الشهيد.

قبل التشييع، بدا واضحًا للجميع مدى الاستفزاز الذي مورس ضد كوادر وعناصر الجهاد في نابلس، لتصل الحالة ذروتها عندما وصلت رموز وقيادات الحركة في الضفة لبلدة صرة كي تشارك في الجنازة؛ حيث بدأ التحرش بهم، والاعتداء عليهم، ومنعهم من إلقاء كلمة تأبينية، وإكالة الشتائم النابية ضدهم، بل وطردهم من المسجد.

ومما يثير التساؤلات بجانب الأسف، حدوث كل هذه التصرفات غير الأخلاقية، بوجود وزراء، و شخصيات رسمية، ومسؤولي وقيادات الأجهزة الأمنية، وحركة فتح ومؤسسات تابعة لها كنادي الأسير الفلسطيني مثلًا.

كما أتساءل: أين كان هؤلاء الوزراء والمسؤولون والقيادات، وهم يسمعون بآذانهم الزعران والموتورين يسبون الذات الإلهية والدين والنبي الكريم داخل المسجد؟!، ألا تشعرون بالعار أيها السادة، أصحاب المعالي، والرتب وأنتم تصمون آذانكم عن تطاول من يتبعون لكم، على جلال الله وعظمته؟!.

إن ما حدث خلال تشييع الشهيد الترابي من قبل زعران الأجهزة الأمنية ومنفلتي حركة فتح يمثل خروجًا واضحًا على الدين، والقيم الأخلاقية التي يتحلى بها شعبنا المجاهد، قبل أن يكون خروجًا على العرف الوطني.

ومن المُسلمات المعمول بها في عرفنا الوطني، أن الفصيل الذي ينتمي إليه الشهيد يتكفل بترتيبات الجنازة والتشييع، ونصب بيت للعزاء على مدار ثلاثة أيام، وفي كثير من الأحيان ينظم في اليوم الثالث مهرجان تأبيني للشهيد.

ومن المعلوم بأن الشهيد الترابي ينتمي لحركة الجهاد الإسلامي منذ العام 2005م، لذا فإن من حق الحركة أن تُشرف على تشييعه، وأن تلف جثمانه الطاهر برايتها المُزينة بكلمة التوحيد، وآية "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين"، إلى جانب علم فلسطين، انطلاقًا من واجب الإكرام والوفاء له على ما قدم من تضحيات.

إن الأفعال الشنيعة التي حدثت خلال التشييع، وقبل أن يوارى جثمان الشهيد الثرى، بلا شك أنه كان مخططًا لها سلفًا، وتفسيري الوحيد لها أنها تنطلق من الشعور بالإفلاس في الموقف.

وهذا التفسير الذي استنتجته يأتي من سيكولوجيا القهر الذي يتملك هؤلاء الزعران من أداء الجهاد الإسلامي ومواقفها الثابتة، فالمتتبع لفعل الحركة في الآونة الأخيرة لاسيما في الضفة المحتلة يدرك حقيقة ما أقصده تمامًا.

وحتى الجمهور في الضفة يمكنهم استخلاص النتيجة التي توصلتُ إليها، من واقع المواجهة وحالة الاشتباك التي تسطرها حركة الجهاد الإسلامي، وتقف في صدارتها.

وهنا لا أغفل أمرًا غاية في الأهمية، وهو دور الاحتلال (الإسرائيلي) الخبيث في تأجيج نار الفتنة من خلال بثه ادعاءات تصور حركة الجهاد الإسلامي بأنها تسعى للانقلاب على السلطة في الضفة الغربية.

فقد نقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية في الثامن عشر من سبتمبر/ أيلول الماضي، عن قائد المنطقة الوسطى (الضفة) في جيش الاحتلال الجنرال نيستان ألون قوله:" إن الجهاد الإسلامي وعناصر من تنظيم فتح مسؤولون عن خلايا مسلحة تعلن رفضها الانصياع لسيادة السلطة الفلسطينية". وواصل التحريض على المقاومة، قائلًا:"هم لا يحترمون قانون سلاح واحد، ويحاولون الالتفاف على الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية".

جاءت تصريحات ألون بعد يومٍ واحد من تنفيذ وحدة خاصة (إسرائيلية) في مخيم جنين عملية اغتيال للمجاهد إسلام الطوباسي؛ حيث اندلعت مواجهات عنيفة مع جيش الاحتلال أسفرت عن إصابة خمسة شبان.

وأشار ألون إلى أعمال المقاومة الأخيرة خلال اقتحام الجيش (الإسرائيلي) لمخيمات اللاجئين لتنفيذ اعتقالات، منوهًا إلى أن "الجهاد وعناصر فتح نجحوا في بناء مناطق آمنة بنابلس ومخيمات اللاجئين كمخيم جنين وقلنديا".

في سياقٍ تحليلي لما سبق، قد يكون العدو ضالعًا بصورة مباشرة وغير مباشرة فيما جرى وما قد يجري ضد حركة الجهاد الإسلامي في الضفة. فالحملة الأمنية التي تواصلها أجهزة السلطة ضد مخيم جنين جاءت بعيد إطلاق هذه التصريحات، وهنا ولا يساورني شكٌ في كونها ترجمةٌ مباشرة وواضحة لاملاءات الاحتلال بالخروج فيها.

أما ما حدث في تشييع الشهيد الترابي فأظن أنه تنفيذ غير مباشر لهذه التصريحات (الوصول للهدف دون تحديد حملة)، التي تثير مخاوف السلطة من الجهاد الإسلامي، بمعنى آخر نجح التحريض (الإسرائيلي) في الوصول لهدفه، من خلال افتعال الزعران لإشكاليات في محاولةٍ منهم لخلق حالة اقتتال في الضفة، وصولًا لتعميق الانقسامات على الساحة الفلسطينية.

وبلا شك فإن حركة الجهاد الإسلامي، لن تنزلق في أتون الفتنة والاقتتال، وستبقى محافظةً على طهارة بنادق مجاهديها في مواجهة الاحتلال، وساعيةً لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، إدراكًا منها لهول المؤامرة التي تستهدف إشغال شعبنا، وإلهائه بالصراعات الداخلية.

وأنا لم أتوصل لهذه النتيجة ابتداعًا، بل هي من بديهيات العمل التي يستقطب على أساسها الجهاد الإسلامي عناصره، فكل منتمٍ لهذه الحركة يحفظ كلمات المؤسس الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي الخالدة، التي منها:" لقد نهضنا لقتال العدو، وما دون ذلك هوامش"، ويعمل بمقتضاها.

وهنا أسأل الإخوة الأعزاء في حركة فتح: أهذا هو رد الجميل للجهاد الإسلامي، ودورها في حماية قياداتكم وعناصركم، والتوسط الدائم لحل اشكالياتهم في قطاع غزة؟!.

إن على قيادة فتح وكوادرها أن يتذكروا دومًا، بأن البندقية هي أداة التحرير، والمقاومة هي عنوان الكرامة، والوحدة هي مصباح شعبنا في طريق الخلاص من الاحتلال. وبالتالي فإن عليكم إدراك هذه القواعد، وترجمتها فعلًا، وألا تحيدوا عنها مهما كان حجم الضغوط والإغراءات.

وختامًا أرى أن من الصائب – تفويتًا للفرصة على "(إسرائيل)" وإغاظةً لها - أن تعتذر حركة فتح عن هذه الأفعال، وتحاسب كل من تطاولوا على القامات الوطنية ورموز حركة الجهاد الإسلامي، الشيخ خضر عدنان مفجر معركة الكرامة والإرادة في سجون الاحتلال، الشيخ طارق قعدان رفيق الشهداء وعنوان التضحية والصمود في جنين، وعناوين معركة الإرادة وتحدي السجان جعفر عز الدين، بلال ذياب، وكل من رافق هؤلاء القادة إلى نابلس للمشاركة في تشييع الترابي.