بعد 18 عاماً على استشهاد مؤسسها..

خبر مفكر وكاتب لبناني يتحدث لـ'فلسطين اليوم' عن واقع ومستقبل 'حركة الجهاد الإسلامي'

الساعة 01:42 م|27 أكتوبر 2013

بيروت (خاص)

بدأت "حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين" نشاطها السياسي مع بداية السبعينات في ظل حالة الجمود الثوري، وبدأ سياسة تذويب القضية الفلسطينية عبر وسيلة التنازل والتسليم التي كانت تحيكها الصهيونية العالمية بليل، بمشاركة بعض الأيدي الآثمة التي نسبت نفسها لفلسطين والأمتين العربية والإسلامية.

تنبهت "حركة الجهاد الإسلامي" بقيادة مفكرها الدكتور فتحي الشقاقي لما يحاك للقضية الفلسطينية من تذويب وإبعاد وسلخ عن المركز العربي والإسلامي، في ظل حالة الفتور الثوري في الأراضي الفلسطينية وحالة اللامبالاة من جموع الأمتين العربية والإسلامية، وبعدها اتخذ قرار جرئ من شباب امنوا بربهم وبقضيتهم وقوتهم على الرغم من قلة عتادهم والحالة الاستثنائية التي كانوا يعيشون؛ لتنطلق الحركة الجهادية بأعمالها العسكرية الموجهة والموجعة ضد العدو الأوحد (الاحتلال) التي عبرت عنه بأولى مبادئها، ومن بعدها انطلقت لتضع قاعدة تنظيمية معقدة جعلت من ذاتها "كابوس متجذر ومتجدد لإسرائيل".

"حركة الجهاد الإسلامي" وضعت منذ الدقائق الأولى لتأسيسها لعملها السياسي والعسكري عدد من المبادئ التي تحكم وتوجه سير مشروعها الجهادي، حيث التزمت بالإسلام عقيدة وشريعة ونظام حياة وأداة لتحليل الصراع الذي تخوضه الأمة ضد أعدائها، كما وأكدت الحركة في مبادئها على البُعد الإسلامي والعربي، علاوة على حرصها على عدم التنازل أو الدخول في مساومات أو مشاريع تفاوضية من شانها التفريط بحبة تراب من فلسطين، والتزامها بتحرير الأرض والإنسان عبر إستراتيجية (البندقية والدماء).

وحرصت الحركة على أن يكون الجمهور العربي والإسلامي العمق الحقيقي للشعب الفلسطيني في جهاده ضد الكيان الصهيوني، موضحة أن معركة تحرير الأرض والإنسان الفلسطيني معركة (إسلامية عربية)، كما وحرصت الحركة على وحدة القوى الإسلامية والوطنية على الساحة الفلسطينية الداخلية بل وعملت على تجسيده واقعياً،.. لكن أين حركة الجهاد الإسلامي بعد (18 عاماً) على استشهاد مؤسسها وفكرها د. فتحي الشقاقي (ابا إبراهيم)؟؟..

المحلل السياسي اللبناني وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية ببيروت د.طلال عتريسي لم يتردد لهنيهة عندما أكد أن (حركة الجهاد الإسلامي) "الحركة الأكثر التزاما وإصراراً على خطى ورسم وفكر مؤسسها د."الشقاقي"؛ عازياً السبب في ذلك لوضوح الفكر، ونضوج الرؤية، وسلامة المبادئ، وقوة الإيمان بالفكرة التي أسسها الشهيد المفكر".

وأوضح د. عتريسي في حديثه لـ"فلسطين اليوم" أن (حركة الجهاد الإسلامي) كانت ولازالت الحركة الأكثر تماسكاً والتزاماَ بالمبادئ الأم، لنشوئها وتأسيسها في ظروف استثنائية في ظل حالات التفريط والتسويات التي يراد من خلالها إذابة القضية الفلسطينية، وإيمان وصدق قيادات الحركة ممن حملوا الراية خلف مفكرهم بذات المبادئ.

ويقول الخبير في الحركات الإسلامية :"الحركات الثورية والمقاومتية خاصة في مجتمعنا العربي تشهد حالات انفصال وانشقاقات وبعثرة بعد موت أو استشهاد مؤسسها لكن المشهد في (حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية) مختلف تماماَ، حيث أننا أمام نموذج وفكرة تكبر وتتدحرج بقوة مبادئها نحو فلسطين، وأتوقع لها مزيداً من التماسك والقوة والصلابة التنظيمية الداخلية، وأيضا إصراراً أكبر على مبادئها التي نشئت من أجلها".

 وأضاف عتريس :"استطاعت الحركة أن تخترق جدار التسويات وفكر التفريط منذ نشأتها وبداياتها الاولى في السبعينات، وكانت الحركة الأقدر على ردع كل المحاولات الرامية لإنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي المفرط، وأعادت للقضية الفلسطينية هيبتها ومركزيتها لدى الأمة بعد الإهمال التي تعرضت له القضية؛ وأعادت تلك الصورة الناضجة الثورية لفلسطين من خلال العمليات الجهادية كعملية بيت ليد وديزنغوف، كما وعملت على تجديد الثورة الفلسطينية بمبادئ أشد قوة وصلابة من سابقاتها من الحركات الثورية، بل ومن بعض الحركات التي جاءت بعدها".

وعن مستقبل الحركة وواقعها المقاوم ومدى تمسكها بالخيار المسلح.. أوضح د. عتريس أن الحركة مستمرة في خياراتها المستوحاة من فكر الشقاقي، وفشل الإستراتيجيات البديلة عن الخيار المسلح؛ مؤكداً أن الحركة وجناحها العسكرية "لن تتزحزح قيد أنملة عن مبادئها على الرغم من الخطوب التي ستقابلها"، مستدلاً على ما يقول بالمعارك الأخيرة التي خاضتها الحركة ضد العود "الإسرائيلي".

 ويقول :"حرب 2008/2009، وحرب 2011م (السماء الزرقاء) وردها القاسي على"إسرائيل"، واستعداد الحركة وجناحها العسكرية والتفاف الجماهير حول فكرها، برهان وخير دليل على قوتها واتساعها وتطويرها للفكر المقاوم، وهي باتت رقم صعب ومبعث قلق لإسرائيل وهذا واضح من تصريحاتهم الإعلامية ضد الحركة".

ومن محاسن تمسك الحركة بمبادئها الأم  "ابتعادها عن المنافسة في الحكم ورفضها الدخول تحت عباءة اتفاقية اوسلوا الهزيلة"، حيث قال الخبير :"لقد أحسنت الحركة في ابتعادها عن الحكم وإضفائها الشرعية لاتفاقية باهتة تصبُ في مصلحة إسرائيل، ومن الأجدر أن تبتعد حركات المقاومة عن صور الحكم والتنافس الرئاسي والحكومي خاصة في الأراضي الفلسطينية؛ خشية انشغالها بإدارة البلاد والحكم عن أعمالها الثورية".

ويرى الخبير السياسي أن الحركة انتقلت نقلات نوعية محافظة فيها على فكرها وعقيدتها وإستراتيجيتها، وبدأت تتسم بالعمل الأكثر تنظيماً على جميع النواحي والصُعد، بدءاً من أداءها السياسي الهادف لتحشيد الطاقات العربية والإسلامية لنصرة القضية الفلسطينية وإعادتها إلى مركزها العربي والإسلامي .. "لمست عدد من الزيارات التي قامت بها حركة الجهاد، وحضورها عدد من المؤتمرات الهامة، وهذا يعكس مدى حرص الحركة على تحشيد الجهود العربية والإسلامية لصالح القضية".

أما على صعيدها العسكري، فقال :"عندما بدأت الحركة بمقارعة الاحتلال كانت عبارة عن خلايا صغيرة بأسلحة يدوية، لكنها اليوم تمتلك في جعبتها ما يؤلم إسرائيل، وخير دليل على تلك القوة والإعداد والتجهيز هو مشاركتها الفعالة في صد عدواني 2008/2009، و2011، وانتقلت من مبدأ الصد إلى مبدأ الهجوم عندما ضربت قلب تل أبيب والقدس".

ويعتقد الخبير أن جناح الحركة العسكري باتت أقوى مما كان عليه في حرب السماء الزرقاء؛ لثقة الأمة العربية والإسلامية بتلك الحركة؛ ما جلب لها مزيداً من الدعم العسكري والمالي؛ لنجاحها في "إثبات وجودها في ردعها لإسرائيل".

واختتم عتريس حديثه بقول :"إن حركة تتمسك بمبادئها بتلك القوة وتلك الصلابة لا يسأل عن مستقبلها، لأنه حتماً ناصع".