ضرب إعصار قوي الساحل الشرقي للهند مساء اليوم السبت ، ما أدى الى مقتل خمسة أشخاص على الأقل ودفع نحو نصف مليون آخرين إلى اللجوء لمراكز الإيواء المكتظة، في حين يهدد الإعصار بإحداث دمار هائل في المزارع ومصائد الأسماك.
ومن المتوقع أن يظل الإعصار فايلين "عاصفة شديدة الخطورة" مصحوبة برياح تصل سرعتها إلى 210 كيلومترات حتى الساعات الأولى من صباح غد الأحد قبل أن تضعف قوته أثناء توجهه إلى الداخل في ولايتي أوريسا وأندرا براديش.
وقال مسؤولو إدارة الأرصاد الجوية والكوارث إن الأمطار والرياح المصاحبة للإعصار يمكن أن تؤثر على 12 مليون شخص. وقال بعض خبراء الأرصاد الجوية إن العاصفة فقدت بعض قوتها قبل أن تصل إلى الساحل ولكنها تظل أقوى العواصف التي ضربت الهند منذ الإعصار الذي أودى بحياة عشرة آلاف شخص في نفس المنطقة قبل 14 عاما.
وهطلت أمطار غزيرة على قرى الصيد واقتلعت الرياح الأشجار. وأظهرت صور التقطها القمر الصناعي عاصفة على شكل دوامة واسعة غطت معظم خليج البنجال. وقالت هيئة الأرصاد التابعة للبحرية الأميركية إن سرعة الرياح المصاحبة للإعصار فايلين يمكن أن تصل إلى 269 كيلومترا في الساعة.
وقال جاديش داساري وهو زعيم محلي في قرية موجادالوبادو للصيد القريبة من المكان الذي ضربته العاصفة، إن الشرطة اضطرت إلى إصدار أوامر لسكان القرية بمغادرة الأكواخ المصنوعة من الطين والقش والتوجه إلى إحدى المدارس مع حلول الليل.
وأشارت تقارير إلى حالات مقاومة مشابهة من السكان على طول الساحل الذي يقطنه فقراء يخشون أن يفقدوا مقتنياتهم.
وقال وزير الداخلية سوشيل كومار شيندي "رفض الكثيرون التحرك وكان لا بد من إقناعهم (بالمغادرة) وفي بعض الحالات اضطرت الشرطة إلى نقلهم بالقوة إلى أماكن آمنة".
وضربت أمواج عالية الشواطئ وقال بعض القرويين لقناة تلفزيونية إن ارتفاع منسوب المياه أدى إلى دخول مياه البحر الى المناطق المنخفضة الى مسافة كبيرة.
ويمكن أن يسبب ارتفاع منسوب المياه الناجم عن الأعاصير معظم الدمار. وتشير التوقعات إلى أن فايلين سيتسبب في ارتفاع مستويات المياه 3.5 متر في ذروته.
وتدفق نحو 550 ألف شخص إلى أماكن الإيواء المؤقت ومن بينها مدارس ومعابد فيما وصفتها الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث بأنها واحدة من أكبر عمليات الإجلاء في الهند.
وحتى قبل وصول الاعصار إلى اليابسة تسببت الرياح في اقتلاع أشجار جوز الهند في القرى المنتشرة على امتداد الساحل. وسقطت أعمدة الإنارة وامتلأت الطرق بالركام.
وقال شاشيدار ريدي، نائب رئيس الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث للصحافيين في نيودلهي، إن حجم العاصفة يرجح حدوث أضرار كبيرة في الممتلكات.
وأضاف "أولويتنا هي تقليل الخسائر البشرية قدر الإمكان".
وحذرت هيئة الأرصاد من أضرار بالغة للمنازل المبنية بالطين وتعطل خطوط الكهرباء والاتصالات وحدوث فيضانات تغرق قضبان السكك الحديدية والطرق. وتشكل كتل الحطام المتطايرة تهديدا آخر.
وخفض موقع (تروبيكال ستورم ريسك) الذي يتخذ من لندن مقرا له تصنيف الاعصار إلى الفئة الرابعة ثاني أقوى الفئات.
وقال ال. اس. راثور، مدير عام مصلحة الارصاد الجوية الهندية خلال مؤتمر صحافي، ان "الاعصار القوي جدا فايلين بدأ بضرب الساحل قرب مدينة غوبالبور. وسرعة الرياح التي سجلت بلغت 200 كلم في الساعة".
واضاف ان شريطا ساحليا بطول 150 كلم في ولايتي اندرا براديش واوريسا مهدد بسبب الاعصار.
واوضح ان "الرياح العاتية تعصف بين غوبالبور وباراديب"، وهما مدينتان ساحليتان في اوريسا.
وتم اجلاء نصف مليون شخص من منازلهم في هاتين الولايتين تحسبا لوصول الاعصار، الاعنف الذي يضرب هذه المنطقة منذ 14 عاما.
ويمكن ان تصل سرعة الرياح الى 240 كلم في الساعة.
وقالت السلطات انها تتوقع ان تؤدي الامطار الغزيرة الى فيضانات محتملة في ولايتي اوريسا واندرا برادش، واصدرت تحذيرا للسكان من عواقب مدمرة محتملة للاعصار.
وقال طالب الهندسة ابورفا ابهييتا البالغ من العمر 23 عاما من منطقة بوري الساحلية على بعد 70 كلم من عاصمة ولاية اوريسا، بوبنسوار "كما وكأنها نهاية العالم".
وضربت امواج عالية جدا الساحل، فيما خرج السكان المحليون الى مبان كبيرة، وتتواصل جهود الاغاثة مع توزيع وجبات طعام مجانية في الملاجىء.
وقال سوسيل كوما سينغ وهو صاحب محل صغير في بوبنسوار "العاصفة ستصبح اكثر قوة بعد قليل، والان ليس هناك مياه شرب والاشجار تتساقط حولنا".
والى الجنوب في فيساكاباتنام كان صيادو الاسماك يحاولون وضع سفنهم في اماكن آمنة.
وتحدث مراسل وكالة (فرانس برس) الذي وصل الى بوبنسوار على متن اخر رحلة قبل اغلاق المطار، عن الصعوبات التي واجهتها الطائرة من اجل الهبوط وسط الرياح القوية والامطار الغزيرة.
وكانت اجهزة الدولة اطلقت تحذيرا الجمعة من عواقب مدمرة للاعصار.
واعلن وزير الداخلية سوشيكومار شيندي للصحافيين انه تم اجلاء حوالي 450 الف شخص في اوريسا وحوالي مئة الف في اندرا برادش.
واضاف ان "بعض الاشخاص لا يريدون الرحيل"، مضيفا "يجري التحدث اليهم من اجل اقناعهم بمغادرة منازلهم".
وقال مسؤولون في ولاية غرب البنغال المجاورة انه تم اخلاء الفنادق الواقعة على الساحل.
وكان هؤلاء الاشخاص يغادرون منازلهم حاملين اغراضهم في تدفق متواصل الى ملاجىء اعدت على عجل لايوائهم. ويعد هذا التدفق من اكبر عمليات النقل السكاني التي تنظم في الهند حسب مسؤول في وكالة ادارة الكوارث.
كما تم نشر حوالي 300 فرقة من اطباء الجيش والمهندسين ورجال الاغاثة في المناطق الاكثر تعرضا لخطر الاعصار.
كذلك وضعت فرق الاغاثة التابعة للصليب الاحمر الهندي ومروحيات وطائرات الجيش في حالة تأهب.
وقالت قوة الكوارث الوطنية في الجيش انها ارسلت 1200 من عناصرها الى اوريسا و500 عنصر الى اندرا برادش.
وفي قرية فيساخاباتنا الساحلية من اندرا برادش، ربط صياد سمك يدعى تونكا روا (60 عاما) مركبه وهو ينظر بقلق الى الامواج.
وحذر سينغ راتور، المدير العام للارصاد الجوية منذ الجمعة "من خطر تطاير اجسام ضخمة" بسبب الرياح. وحذر خصوصا من احتمال ان تتسبب العاصفة بتلف المزروعات في هذه المنطقة التي تعتمد كثيرا على الزراعة.
كما حذر المركز الاميركي لمراقبة الاعاصير الذي تديره البحرية من ان الرياح قد تصل سرعتها في ذروتها الى 315 كلم في الساعة، فيما صنف هذا الاعصار في فئة الاعاصير الاكثر خطرا من قبل المركز البريطاني "تروبيكال ستورم ريسك".
وفي العام 1999 سجلت سرعة الرياح التي رافقت الاعصار مستويات اكبر.
وفي هذا السياق، قال مسؤول سابق في ولاية اوريسا يوديستير موهانتي ان "التجربة المريعة التي عشناها في 1999 ما زالت تشكل هاجسا لدينا، لكن ايضا لا يجوز اعتبار اي شيء امرا مؤكدا".
وتعتبر السلطات نفسها اكثر جهوزية هذه المرة بفضل توقعات اكثر دقة واستعدادات افضل.
وتتعرض الهند وبنغلادش بشكل منتظم بين نيسان (ابريل) وتشرين الثاني (نوفمبر) للاعاصير التي تتشكل في خليج البنغال. وفي كانون الثاني (يناير) الماضي خلف الاعصار "ثان" 42 قتيلا في ولاية تاميل نادو (جنوب).
وفي 1970 تسبب اعصار بمقتل مئات الاف الاشخاص في بنغلادش.