بقلم: أسرة التحرير
لا غرو أن الموضوع المركزي الذي يشغل بال الجمهور في اسرائيل هو هجر الشباب وهرب الادمغة الى بلدان الوفرة في امريكا الشمالية، اوروبا الغربية واستراليا. فزعماء الدولة لا يعرضون اي أمل على الجيل الشاب، ويفوقهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يحذر من كارثة جديدة تهدد يهود اسرائيل.
لقد عاد نتنياهو هذا الاسبوع الى جامعة بار ايلان كي يعدل خطابه قبل أربع سنوات ونصف، والذي ايد فيه لاول مرة قيام دولة فلسطينية. اما هذه المرة فعرض ليس فقط ايران بل وايضا الفلسطينيين كنازيين. واستند نتنياهو الى المجرم النازي ديتر فيسلياتسني، مساعد ادولف آيخمن كي يصف المفتي الحاج امين الحسيني كشريك في الكارثة – ويوبخ السلطة الفلسطينية، التي تخلد ذكراه اليوم. الدرس واضح: مع خلفاء
مساعدي النازيين، ممن اجتازوا "اجيال من التحريض"، على حد قول نتنياهو، لا يوجد على ماذا يمكن الحديث، والتسوية ستتاح فقط بثمن مطالب غير مقبولة من الفلسطينيين – اعترافهم باسرائيل كـ "دولة الشعب اليهودي" وترتيبات أمنية بعيدة المدى.
غداة الخطاب استضاف نتنياهو في القدس رئيس تشيكيا، ميلوش زامن، وشبه ضمنيا الوضع الحالي في اسرائيل بوضع تشيكوسلوفاكيا في 1938. وكانت الرسالة هي ان الغرب مستعد لان يكشف اسرائيل للابادة، في محاولته التقرب من ايران – مثلما ضحي بتشيكوسلوفاكيا، حين حاولت بريطانيا مصالحة هتلر.
يمكن أن نفهم الدوافع السياسية لنتنياهو. فتأييده المتحفظ للدولة الفلسطينية جاء في حينه لارضاء الرئيس براك اوباما، وعرض كسلفة على حساب عمل امريكي مستقبلي ضد منشآت النووي في ايران. وما ان فهم نتنياهو بان اوباما لن يعمل في ايران حتى رد عليه بتراجع عن حل الدولتين. وهو يدمر اسس المفاوضات مع محمود عباس ويعرض تسيبي لفني كمن تصر على البقاء في الحكومة وادارة محادثات عابثة.
غير أن خطورة رسالة نتنياهو تشذ عن غرف المفاوضات وتمس بكل مواطن في اسرائيل: اذا كانت الدولة في الطريق الى الخراب والضياع، أو على الاقل الى الحرب الخالدة مع خلفاء النازيين، فيمكن أن نفهم الشباب الذين يبحثون عن مستقبلهم في مكان آخر. ان نتنياهو يتجاهل مواضع القلق الاقتصادية للطبقة الوسطى ويتمترس في خطابات الكارثة، وحكومته تحث سلم الاولويات الذي يتصدره الليكود منذ 1977: ضم الضفة وتطوير مجتمع دارسين اصوليين، معفي من الجيش ومن العمل. الوعود العابثة لشركائه الائتلافيين بـ "المساواة في العبء" تبددت منذ زمن بعيد. ولم يتبقَ سوى
المحنة البائسة تجاه من استوعبوا رسالة نتنياهو واختاروا مستقبلا اكثر أمانا في خارج البلاد.