خبر اليوم التالي للمعلم- معاريف

الساعة 08:46 ص|08 أكتوبر 2013

بقلم: شالوم يروشالمي

"سماء أمس ليست سماء اليوم"، قال الحاخام الرئيس اسحق يوسيف بصوت باكٍ في تأبينه المؤثر الذي القاه عن أبيه، الحاخام عوفاديا يوسيف الراحل، قرب مدرسة فورات يوسيف حيث سجي الجثمان. وهو يعرف ما الذي قاله. فالسماء اليوم اكثر تكدرا. سحب تغطي شاس ولا يمكن أن نعرف الى أين ستسير هذه الحركة وماذا سيتبقى منها بعد أن تنقشع السماء.

"على مدى حياة الحاخام حافظ على الوحدة، الويل لمن يجعل الشقاق"، اضاف الحاخام الرئيس محذرا، ولكن كل من يعرف شاس الانفعالية التي كانت متنازعة حتى في حياة الحاخام عوفاديا، يجد صعوبة في أن  يصدق بان بعد موته سيغمر الجميع فرح الوحدة والارتباط.

لقد كان الحاخام عوفاديا عظيما في جيله، بلا ريب. تجولت أمس على مدى ساعات في الجنازة غير المسبوقة وعندها فقط فهمت عظمته، ولكني فهمت ايضا التفويت الكبير للفرصة. فقد كان الحاخام شعبيا في اوساط كل أطياف السكان. في شوارع القدس تجول أمس اصوليون وعلمانيون، معتمرو القبعات العالية واغطية الرأس الصغيرة المحبوكة، من سفرديم وأشكناز، اغنياء وفقراء، نساء ورجال. لقد وصل الناس من كل البلاد، حزينين وعاصفين، كي يودعوا مفتي الجيل. خسارة فقط أن الحاخام عوفاديا لم يستغل الحب الهائل الذي كنه له الناس كي يربط بين كل أطياف السكان وبين الحين والاخر مال الى النزاع والهجوم على من يحمل رؤى فكرية تختلف عن رؤاه.

القامة الرفيعة للحاخام عوفاديا، على طريق المفارقة، هي التي تفرض حربا عالمية في شاس من الان فصاعدا. فالمعلم لم ينجح وربما لم يرغب في أن يعد لنفسه خليفة. وخلافا للحاخام الليتواني يوسيف شالوم اليشيف الذي حدد خليفتيه الحاخام أهران لييف شتتنمن والحاخام شموئيل اويعرباخ، وقد احتلا مكانه في سهولة نسبية، أحد لم يصل الى الدرجة التي يمكنه فيها أن يسمى مواصل درب الحاخام يوسيف. ولما كان هكذا، فانه على القيادة الروحية والسياسية لشاس سيتنافس من الان فصاعدا سلسلة طويلة من الحاخامين والمتفرغين السياسيين، ممن ليس أي منهم مستعد لان يصغر امام نظرائه.

الحاخام شلومو عمار، الاول في صهيون، الذي كان حقا الحاخام الاكثر قربا من الحاخام عوفاديا، تلقى رسائل حادة قبل اسبوعين في الايام التي كان فيها الحاخام عوفاديا ينازع الموت. كما أنه التقى مع الحاخام قرب سريره. ورجاله مقتنعون بان الحاخام قرر المراتبية في شاس بعد رحيله، وتوج الحاخام عمار كخليفة له. ولو كان لدى عمار تسجيل للاقوال، لمعقول الافتراض أنه كان سيحظى باولوية جدية على خصومه. وأمس كان الحاخام عمار أول المتحدثين من بين الحاخامين قرب مدرسة فورات يوسيف. ووجد الخبراء في شؤون شاس، على أنواعهم، ممن ينتبهون لكل طيف، أن الحاخام تلا آيات ولم يلقِ تأبينا، ولعل لهذا معنى.

أمام الحاخام عمار يقف آريه درعي، الذي يدير ضده حرب ابادة. من الصعب عدم الايمان بصدق درعي، الذي لم يتوقف امس عن البكاء على موت المعلم. فالحاخام عوفاديا كان الرجل الذي دفع درعي الى الامام على مدى كل الطريق، ولكنه أيضا كان الرجل الذي أطاح به من شاس والقى به الى المنفى. ومع ذلك، فقد كان درعي ولا يزال معجبا مطلقا به. "كنا بضع مئات قبل أربعين سنة، اما اليوم فنحن مئات الالاف"، أبّن درعي حاخامه أمس. "كله بفضلك، بفضل تفانيك. الويل، ليس لنا اليوم زعيم. من يوحدنا جميعا". حقا من؟

لقد لاحظ رجال شاس رسائل سياسية في أقوال تأبين درعي. وقد غضب بعضهم من ذلك. "نحن سنواصل إطاعة مجلس حكماء التوراة"، وعد درعي الحاخام عوفاديا. من هم اعضاء المجلس اليوم؟ الحاخام عمار ليس عضوا في المجلس. وحسب كل المؤشرات فان درعي، الذي يريد مواصلة السيطرة على شاس، سينشىء مجلس حكماء جديد يوجهه كما يشاء، وسيحاول بالتوازي ان يطور الحاخام اسحق يوسيف عديم التجربة. لن يكون هذا بسيطا دون مظلة الحاخام عوفاديا نفسه. أحد ما عاد وقارن أمس بين درعي وعمري شارون، الذي كان الرجل الاقوى في الدولة، ولكنه فقد قوته عندما ادخل ابوه، رئيس الوزراء ارئيل شارون الى المستشفى في كانون الثاني 2006 ولم ينتعش منذئذ.

وفضلا عن كل هذا، فان السؤال الاكبر هو ماذا سيكون مع شاس نفسها. عشرات الاشخاص القوا أمس بالبطاقات داخل قبر الحاخام عوفاديا، قبل ان يدفن الجثمان. وقد كان هذا مشهدا مذهلا. المكانة الروحية، الصوفية والسياسية للحاخام اجتذبت اليها دوما مئات الالاف. بفضله اتسعت دوائر شاس وضمت اناسا تقليديين بل وعلمانيين، من ابناء الطوائف الشرقية. دون الحاخام عوفاديا، ومع الحروب المرتقبة في شاس، قد تعود الحركة الى عهد بداياتها، مع أربعة وستة مقاعد منحتها اياها رجال النواة الصلبة وهم وحدهم.