خبر الرجلُ الثاني في القيادةِ العسكريةِ الإستراتيجيةِ الأمريكية!!.. عماد الافرنجي

الساعة 10:15 ص|06 أكتوبر 2013

كشفتْ قبلَ أيامٍ صحيفتا "الغارديان" البريطانية، و"اومه نيبرسكا " الأمريكية عن تنحيةِ العميدِ البحري " تيم جياردينا " الرجلِ الثاني في القيادةِ العسكريةِ الإستراتيجيةِ الأمريكيةِ_ الذي يُعَدُ المسؤولَ بشكلٍ مباشرٍ عن الصواريخِ "الباليستية" والغواصاتِ النوويةِ، والقاذفاتِ النوويةِ الإستراتيجيةِ_ عن موقعِه؛ بسببِ توَرّطِه بألعابِ القمار!!.

 

"جياردينا" بدأ خدمتَه العسكريةَ ضابطاً في غواصةٍ، وكانت حياتُه العسكريةُ تسجِّلُ النجاحَ تِلوَ النجاحِ، إلى أنْ اكتشفتْ القيادةُ الأمريكيةُ أمرَ تَوَرّطِه بألعابِ القمارِ، فقامتْ من فورِها، ووضعتْ حدّاً عاجلاً لمسيرتِه؛ وذلكَ عبْرَ تجميدِه وإبعادِه عن كافةِ مناصبِه.

 

ومن المنتَظرِ أنْ يقرِّرَ العميدُ البحريّ إنهاءَ مَهامِّه في الجيشِ؛ خلالَ الأشهرِ القليلةِ القادمةِ! رُغمَ أنّ القرارَ لم يمنعْهُ من الحضورِ لمكتبِه، لكنه سَحبَ منه التصريحَ؛ الذي يخوِّلُه التدخُلَ والاهتمامَ بالنشاطاتِ المتعلقةِ بالأسلحةِ النوويةِ، وأمور أخرى تتطلّبُ درجةً عاليةً من السِّرِّيةِ .

 

قرارُ التنحيةِ يُجبِرُكَ طوعاً على احترامِ من اتَّخَذَه؛ لأنّ قائدَ القيادةِ الاستراتيجيةِ للولاياتِ المتحدةِ الأمريكية؛ الجنرال "روبيرت كيهلر" اتّخذَ قرارَه بعزْلِ نائبِه؛ وِفقاً لما تقتضيهِ مصلحةُ بلادِه، فلم تكنْ هناك مداهنةٌ أو فسادٌ أو توفيرُ غطاءٍ سياسيّ أو أمنيّ أو عسكريّ أو الاحتفاظِ بِملفِّه إلى حين مساومتِه عليهِ مستقبَلاً!!

 

هذا لا يعني أنه لا يوجَدُ فسادٌ ورشوةٌ ومحسوبيةٌ وغيرُها.. في المؤسساتِ والإداراتِ الأمريكيةِ،  فهذا ما لا يُمكِنُ نَفيُه، لكن ما حدث يعطيكَ صورةً عمّا يجري داخلَ المؤسسةِ الأمريكيةِ؛ خاصة فيما يتعلّقُ بـ " الأمن الوطني " وأَسرار قيادةِ الجيشِ الأمريكيّ، ووجود عملياتُ المتابعة والرقابةِ المستمرةِ والدقيقةِ على قياداتِ الجيشِ، ومدَى التزامِهم الأخلاقيّ والقِيَمي لبلادِهم ومصالحِها، وضرورةِ الحفاظِ عليها، وعدمِ التهاونِ في أيِّ قضيةٍ؛ مَهما بدَتْ صغيرةً.

 

الخبرُ المذكورُ مرَّ مرورَ الكرامِ في وسائلِ الإعلامِ العربيةِ؛ دونَما حتى تعليقٍ، مع أنه يَفرِضُ علينا كثيراً من الأسئلةِ الصعبةِ؛ أوَّلُها: ماذا لو كان "جياردينا" قائداً لأحدِ الجيوشِ العربيةِ، أو ضابطاً في جهازٍ أمنيٍّ ؟ هل يستطيعُ أحدٌ المَسَّ به؛ فضلاً عن تنحيتِه ؟ بل هل يستطيعُ أحدٌ مساءلتَه أصلاً ؟ وهل تُعَدُ القضيةُ التي نُحِّيَ بسببِها خطيرةً إلى هذا الحدِّ ؟!! وهل سيتهم متخذ القرار بأسلمة الدولة أو أخونتها ؟! على اعتبار أن القمار حرام في الإسلام .

 

في بلادِنا لم يَحدُثْ ذلك! وبتقديري لن يحدُثَ لسنواتٍ قادمةٍ! وماذا يعني أنْ يكونَ مُولَعاً بالقمارِ أو الخمرِ أو النساءِ؟! بل ذهبَ البعضُ إلى موقفٍ آخَرَ غريبٍ وخطيرٍ؛ هو الإقرارُ بوجودِ فاسدينَ في الأجهزةِ الأمنيةِ والعسكريةِ والسلطةِ، ولكنّ التَّستُرَ عليهم أفضلُ؛ على اعتبارِ أنهم سيُشكِّلونَ فضيحةً، أو أنهم لصوصٌ شبِعوا من السرقةِ، وإذا جِئنا بغيرِهم؛ فسيَشرَعونَ بالسرقةِ من جديدٍ! وآخَرونَ احتفظوا بملفاتِهم؛ لابتزازِهم أو لاستخدامِها وقتَ الحاجةِ، والأخطرُ أنّ البعضَ يُقِرُ بوجودِ متعاوِنينَ في صفوفه مع الاحتلالِ ، لكنه لا يريدُ الإساءةَ لهم ولتنظيمهم ولعائلاتِهم، ولا عزاءَ للوطنِ والشعبِ!

 

ربما يَعُدُّ البعضُ في المجتمعِ العربيّ أنَّ الجريمةَ التي ارتكبَها القائدُ الأمريكي؛ لا تستحقُ حتى مراجعةَ المسؤولِ، وربما يَعُدُها آخَرون حريةً شخصيةً، وما جرى معه عمليةُ إقصاءٍ مقصودٍ، ألَسْنا في عصرِ انقلابِ القيمِ والمفاهيم؟!!.

 

هي دعوةٌ لكلِّ الأطرافِ في وطنِنا وعالمِنا العربي؛ لتفعيلِ أدواتِ الرقابةِ على كلِّ المسؤولينَ؛ سياسياً كان أو عسكرياً أو أمنياً أو نائباً أو قاضياً أو رئيساً، فلا أحدَ فوقَ القانونِ.

 

في أمريكا كان الإبعادُ والتنحي عقاباً؛ على اعتبارِ أن القائد الأمريكي قد يقومُ بتسريبِ أو التساهلِ أو بيعِ أسرارِ الوطنِ تحت ظرف ما بسببِ ولَعِه بالقمارِ، فماذا نقولُ فلسطينيا لمن يقامرُ بالوطنِ كلِّه في مفاوضاتٍ عقيمة؟ ألا يستحقُ أنْ يَتَنحَّى أو يُنَحَّى؟!!.