(المضمون: الان هو بالذات الوقت لتشديد الضغط على ايران كي تنتقل من الاقوال الى الافعال. محظور تخفيف العقوبات حتى ولا بقليل، بل اجبار ايران على أن تتفكك عمليا من كل قدرة لانتاج قنبلة نووية- المصدر).
هذا ليس لطيفا بل ومحرج، ولكن ما العمل ونتنياهو محق. فقد كان هو الجهة الاساس، وربما الوحيدة، الذي رفع موضوع النووي الايراني الى جدول الاعمال العالمي. بدونه، كان زعماء اوروبا وبراك اوباما سيغلقون عيونهم، يتلوون في ألسنتهم ويصحون ذات صباح مع ايران نووية.
إذ ينبغي أن نفهم بانه في العالم المتهكم الذي نعيش فيه لا يوجد حق ولا يوجد صدق. توجد فقط قوة ومصالح. اسرائيل كانت الوحيدة التي هددتها ايران بالابادة، حين اعتقدوا في اوروبا وفي الولايات المتحدة بان التهديد النووي لن يصل اليهم بل في الحد الاقصى سيصل الى اسرائيل، ومع هذا الحد الاقصى، هم مستعدون لان يتعايشوا بل ربما جيدا.
وعليه كان ينبغي لاحد ما أن يوقظ دول الغرب، ان يخيفها بانها يمكن أن تكون التالية في الدور بعد اسرائيل، وعندها سيصبح هذا موضوع جديا. هذا العمل قام به نتنياهو. دون ضغطه ما كانت لتفرض العقوبات القاسية على ايران، والتي أدت الى الانهيار الاقتصادي، الى التخفيض الحاد في قيمة الريال، الى التضخم المالي الهدام الذي يخفض كل يوم قيمة الراتب، حين يقف الجمهور في طوابير طويلة امام البنوك في محاول يائسة لاستبدال الريالات بالذهب وبالدولار. الطوق الخانق الاقتصادي هذا يؤدي الى اضطراب مستمر في الدولة والى تهديد حقيقي على حكم آيات الله، وهذا ما ادى الى استبدال محمود احمدي نجاد بحسن روحاني، الذي بالفعل غير النهج واطلق نغمات جديدة على مسامع الرئيس الامريكي. لقد جاءت "هجمة الابتسامات" التي قام بها بهدف الغاء العقوبات – حاجة وجودية للنظام.
كما أن التهديد بعملية عسكرية ضد ايران هام. الايرانيون لا يمكنهم ان يعرفوا اذا كان الرئيس اوباما يقصد بجدية حين يقول ان الخيار العسكري لم يشطب عن الطاولة. كما أنهم لا يمكنهم ان يعرفوا اذا كانت اسرائيل "المجنونة" لن تهاجمهم وحدها. فقد سبق أن هاجمت في الماضي منشآت ذرية. ما يعرفونه بالفعل هو أن اسرائيل استثمرت مليارات عديدة في الاعداد للهجوم. هذا ما نشره ايهود اولمرت منذ زمن غير بعيد.
وفي كل الاحوال، لم يكن روحاني يحلم في أن يقول في كل برنامج تلفزيوني امريكي ان بلاده غير معنية بسلاح نووي وان هذا هو الزمن "للمرونة الشجاعة"، دون الحوادث الغريبة التي تقع في ايران (انظر مثلا التصفية الاخيرة لرئيس برنامج القتال الالكتروني)، دون العقوبات الاقتصادية الحادة ودون التهديد بعملية عسكرية.
وعليه، فسخيف أن نسمع محللين يقولون ان على نتنياهو أن يتوقف الان عن التهديد وينتقل الى تأييد الوسائل الدبلوماسية لاوباما. هذا ما يمكن ان تكتبه "نيويورك تايمز" من مكان مستقرها الآمن. ولكن الحقيقة هي ان الان هو بالذات الوقت لتشديد الضغط على ايران كي تنتقل من الاقوال الى الافعال. فهي منذ عشرين سنة تخدع الغرب، تعد بالرقابة وتخصب اليورانيوم، تتكلم عن الطاقة لاستخدام مدني وتطور مفجرات وصواريخ قادرة على حمل رؤوس متفجرة نووية. وعليه فمحظور تخفيف العقوبات حتى ولا بقليل، بل اجبار ايران على أن تتفكك عمليا من كل قدرة لانتاج قنبلة نووية. فقط بعد ذلك، تحصل على "مشروع مارشال" كامل من الولايات المتحدة.
محظور على العالم أن يقع في فخ كوريا الشمالية. في حينه، في 2005، صفق العالم بأسره للانجاز الامريكي الدبلوماسي حين توصل الى اتفاق احتفالي مع كوريا الشمالية على تجميد التطوير النووي مقابل عدم فرض عقوبات. ولكن لم يفكك اي جهاز طرد مركزي ولم يغلق اي مفاعل نووي. واكتفت الولايات المتحدة باتفاق النية الطيبة وبالرقابة الدولة التي كانت نكتة. وبالفعل، في غضون سنة ونصف من التوقيع على الاتفاق فجرت كوريا الشمالية قنبلتها الاولى.
اذن صحيح انه ليس محقا ان يكون لبعض الدول قنبلة ذرية ولا يسمح لايران بذلك. ولكن اذا كنا نحب الحياة، من الافضل الا نتلوى تحت تهديد نووي من جانب آيات الله. وقد سبق أن قلنا ان عالمنا ليس خياليا ولطيفا، بل متهكما ونزّاعا للقوة.