أصبحت الظاهرة الرائعة السائدة في فلسطين، المحتلة السليبة، تتجسّد في ما راحت تبادر إليه مجموعة – مجموعات من الشباب والشابات من حراك ونشاطات ارتفعا إلى مستوى الدعوة علناً إلى الانتفاضة ضدّ الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس والاعتداء على المقدسات المسيحية والإسلامية، ولا سيما ما يتعرض له المسجد الأقصى من اقتسام الصلاة بين المسلمين والمستوطنين الصهاينة.
عندما يقرأ المرء ويتابع على سبيل المثال لا الحصر بيانات «ائتلاف شباب الانتفاضة- فلسطين» يتأكد بأن ثمة محاولات جادّة لتصحيح البوصلة والمسار وذلك بالخروج من سياسة المفاوضات والتسوية وأوسلو، ومن مأزق الارتباك والانقسام إلى فضاء الانتفاضة وإعلان النفير العام من أجلها.
أكد الائتلاف في بياناته، والتصريحات الصحفية، أن هدفه إعادة مسار القضية إلى الطريق الصحيح، ووقف تغوّل قوات الاحتلال على المسجد الأقصى، مشيراً إلى أن الثورة اليوم تنطلق للتصدي لمشروع تقسيم الصلاة في المسجد الأقصى الذي يصرّ الاحتلال على تنفيذه، وبعمل له ليل نهار.
هذا، ويتطلع ائتلاف شباب الانتفاضة- فلسطين إلى إعادة الدور القيادي الميداني للشباب في مسيرة تحرير فلسطين. ولعل أهم ما يلفت الانتباه مطالبته الانطلاق إلى نقاط التماس مع العدو، والتي تجسّد صور القهر والتنكيل، مع الإشارة بأن هذا الانطلاق غير موجّه ضدّ أحد من الأطراف الداخلية، فالبوصلة متجهّة ضدّ العدو وحده.
ودعا الائتلاف كل فصائل المقاومة الفلسطينية إلى ضرورة التحرك إلى جانب الشباب الفلسطيني المنتفض اليوم في وجه الاحتلال. وقد شدّد على أن الشباب الفلسطيني قرّر تجاوُز «كل الخلافات السياسية والتوحد بشكل كامل في وجه المحتل، استشعاراً منه بعظم الخطر الذي يحيط بالقضية الفلسطينية اليوم من كل جانب».
وحدّد الائتلاف يوم الجمعة في 27/9/2013 ليكون يوم النفير في مختلف ربوع الوطن، وفي كل المدن الفلسطينية لإحياء ذكرى انتفاضة الأقصى ونصرة القدس والمقدسات.
وبالفعل استجاب شباب وشابات فلسطين للانتفاض في اليوم الموعود الذي سمّي «جمعة الأقصى» حيث انطلقت التظاهرات الكثيفة والشجاعة والتي اصطدمت بقوات العدّو، ابتداءً من مدينة القدس ولا سيما في منطقة باب العامود. فكانت مواجهات واعتقالات أعادت مشهد «انتفاضة الأقصى» عام 2000. وشهدت مدينة الخليل بدورها مواجهات عنيفة في باب الزاوية وشارع الشلالة، ومفترق طارق بن زياد. وقد أطلقت قوات الاحتلال الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. وذلك بالرغم من الانتشار الكثيف من قبل أجهزة الأمن للحيلولة دون وصول المتظاهرين إلى مناطق التماس مما أثار احتجاجاً واسعاً من قبل الجماهير. واعتبرت تلك الخطوة مناقضة للتعهدات التي أعطتها أجهزة السلطة للائتلاف بالسماح للتظاهرات بالوصول إلى نقاط التماس.
واتسّعت التظاهرات لتشمل كلا من بلدة بيت أمر شمال مدينة الخليل ومن مخيم العروب حيث دارت مواجهات لعدّة ساعات بين المتظاهرين وقوات الاحتلال التي راحت تردّ على الحجارة بالرصاص المطاطي. وحدث الإشكال نفسه في مدينة نابلس حيث شهد حاجز حوارة جنوب المدينة مواجهات مع قوات الاحتلال التي استخدمت الغازات والرصاص المطاطي لمنع التظاهرات من الوصول إلى الحاجز. وهو ما تكرّر عند مفرق مستوطنة «بركة». أما في بيت لحم فقد استبقت الأجهزة الأمنية تجمعات المتظاهرين فانتشرت بكثافة أمام مدخل مخيم عايدة لتمنع الوصول إلى الأبراج العسكرية الصهيونية. ولكن تمكن عشرات من الشباب والفتيات من اختراق الحواجز فألقوا الحجارة والزجاجات الحارقة على الأبراج التي ردّت بالرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيّل للدموع.
على أن الأجهزة الأمنية الباسلة واليقظة ضدّ شعبها استطاعت أن تحافظ على الهدوء في مدينة جنين وفي محافظة طوباس حيث منعت المتظاهرين من الوصول إلى حاجز الجلمة ونقاط التماس الأخرى.
وفي قطاع غزة اندلعت المواجهات بالقرب من موقع «ناحل عوز» بين المتظاهرين وقوات الاحتلال التي أطلقت بدورها الرصاص المطاطي والقنابل الغازية.
هذه المعلومات المستقاة من بيان للائتلاف حيّا فيه الشباب والشابات الذين شاركوا في التظاهرات وقدّر عالياً الاستجابة الشعبية الكبيرة، وبأشكال متعدّدة، لدعوات «الاحتشاد والانتفاض ضدّ آلة الظلم والقهر والتهويد الصهيونية». ولكنه من جهة أخرى استغرب «قيام الأجهزة الأمنية في الضفة المحتلة بمنع المظاهرات الجماهيرية والشعبية في مختلف مناطق ومدن الضفة على الرغم من الوعود التي قدّمت لنا بأنهم لن يتعرضوا لهذه المسيرات طالما أن وجهتها القدس».
وبهذا يكون يوم الجمعة في 27/9/2013 قد راكم يوماً آخر على طريق الإرهاصات والتحركات المتجهة إلى الانتفاضة الشاملة التي سينخرط فيها الشعب كله، وبكل قواه الحيّة، وفصائل المقاومة، شيباً وشباباً ورجالاً ونساء، وأولاداً وبناتاً، وفتياناً وفتيات. وعندئذ، وبقليل من الأسابيع أو الأشهر، وبالصمود والإصرار، وبعدم التراجع أو المساومة أو التفاوض، سنرى قوات الاحتلال تنسحب مدحورة، والمستوطنات تُفك بلا قيد أو شرط، وسنرى القدس والمسجد الأقصى وكل المقدسات في المدينة القديمة وما حولها قد استنقذت، وسنرى كل الأسرى محررّين إن شاء الله.
فتحية لائتلاف شباب الانتفاضة-فلسطين وتحية لكل حراك شبابي يوجّه بوصلته ضدّ الاحتلال والمستوطنات والمستوطنين ومن أجل استنقاذ القدس وإطلاق كل الأسرى. ويا للعيب والعار لمن يصدّرون الأوامر للأجهزة الأمنية لقمع التظاهرات والحيلولة ضدّ الانتفاضة. ويدّعون أنهم مع «المقاومة الشعبية».