خبر تفاؤل طفيف على الأبواب- معاريف

الساعة 08:17 ص|22 سبتمبر 2013

تفاؤل طفيف على الأبواب- معاريف

بقلم: د. تشيلو روزنبرغ

مؤرخ وخبير في شؤون الأمن القومي

(المضمون: المشكلة الأكبر هي بقاء الاسد في الحكم. هذه رسالة خطيرة جدا للعالم بأسره. الاسد الأهم من كل سلاح كيميائي أو نووي - المصدر).

الفارق الكبير بين الخطاب الحربي لاوباما وبين فكره الايديولوجي، أدى حتى الآن الى انتقاد لا بأس به على التواء طريق الرئيس الامريكي في حل المسألة السورية. فالسياسة المتصالحة ظاهرا التي يتبناها اوباما؛ الامتناع عن كل عمل عسكري منذ اندلاع الحرب الأهلية والمذبحة المستمرة التي يرتكبها الاسد ضد معارضيه؛ التمسك باستخدام الغاز كحدث آخرة يبرر التدخل العسكري وكأن شيئا لم يحصل حتى تلك اللحظة – كل هذه أحدثت أجواء عجز في أوساط دول عديدة في العالم.

فدول العالم، ولا سيما دول اوروبا الغربية، تصرفت بشكل مُخزٍ للغاية، وأثبتت مرة اخرى بأن الخطاب في جهة والافعال في جهة اخرى. وهكذا علقت الولايات المتحدة في وضع قررت فيه روسيا الخروج بمبادرة لنزع السلاح الكيميائي في سوريا – الاتفاق الذي لا يزال هناك طريق طويل جدا لتنفيذه. ومع ذلك، لا ينبغي أن نتجاهل عدة تطورات هامة كفيلة بأن تزرع تفاؤلا طفيفا بشأن تصميم الولايات المتحدة على إنهاء الازمات التي تهدد النظام العالمي.

إن البحث في المسألة السورية يجب أن يجري بمنظور أوسع حول مستقبل الشرق الاوسط وشمال افريقيا، مستقبل توازن القوى بين الولايات المتحدة وبين روسيا ومنع تسلح ايران بالسلاح النووي. تطوران هامان يتعلقان بسوريا وايران يتركان مساحة صغيرة من الأمل. فقد أعلن الاسد على رؤوس الأشهاد بأن في نيته تنفيذ الالتزام بنقل السلاح الكيميائي لديه وتفكيكه. والمشكلة هي أن هذه ليست مهام بسيطة على الاطلاق، والسؤال هو من سيقوم بهذه المهامة القذرة، بكل معنى الكلمة، وما هو اليقين في أن يُسلم الاسد بالفعل كل السلاح؟ هذه مسألة يتردد فيها العالم، غير أن المشكلة الأكبر مختلفة تماما: بقاء الاسد في الحكم. هذه رسالة خطيرة جدا للعالم بأسره. الاسد الأهم من كل سلاح كيميائي أو نووي. من هو قادر على اصدار الأوامر باستخدام سلاح كيميائي أو ذبح المواطنين بالدم البارد، هو المشكلة، وليس السلاح. طالما بقي الاسد وعصبته في الحكم، فان العالم في خطر أكبر، مكانة الولايات المتحدة تهبط واحتمالات الفوضى في المنطقة كبيرة للغاية. وعليه، فان الخيار العسكري الامريكي يجب أن يبقى على الطاولة كمسدس يلتصق بقذالة الطاغية السوري، وهذا تطور مشجع.

التطور الثاني الأقل تشجيعا هو كما أسلفنا، في ايران. فالرئيس الجديد روحاني يطلق اصوات مصالحة بل ويعلن عن عدم الرغبة في تطوير سلاح نووي. كما أن الزعيم الروحي الأعلى لايران أطلق تصريحا مشابها. بالنسبة للخطاب الحماسي وشبه النازي للرئيس السابق احمدي نجاد، فان تصريحات الزعيم الايراني الحالية تفتح كوة صغيرة من الأمل. لا ينبغي اعتبار هذه التصريحات أجندة حقيقية. هذا واضح ومفهوم للجميع. ففي هذا الشرخ الذي انفتح، حتى وإن كان تصريحيا فقط، يجب أن ندخل الى خطوة في نهايتها واجب البرهان يكون على ايران. وسيكون من غير المعقول على الاطلاق أن تُرفع العقوبات قبل أن يتأكد الغرب بما لا يرتقي اليه الشك، من أن اجهزة الطرد المركزي في المفاعلات المختلفة كفت عن العمل.

توجد ايران في وضع اقتصادي – اجتماعي رهيب كنتيجة للعقوبات. الخوف يردع، حتى الآن، العديد من المواطنين، ولكن هذا الخوف كفيل بأن يختفي والغضب كفيل بأن يصبح تمردا علنيا. ولا بد أن الشك كبير، ولكن من قدّر بأن في مصر سيحدث ما نراه أمام ناظرينا؟ هذا هو الوقت لتسريع التهديد العسكري الى جانب الخطوات السياسية. محظور علينا التراخي بل ينبغي مطالبة زعماء ايران بأعمال علنية ظاهرة للعيان في كل ما يتعلق بالبرنامج النووي. يجب ضرب الحديد وهو حامٍ، والضغط يجب أن يشتد الآن بالذات.

ينبغي الأمل في أن يفي اوباما بكلمته. صحيح أن سجله ليس لامعا للغاية. كل ما يحصل في الشرق الاوسط وفي شمال افريقيا هو وليد سياسة امريكية غير واضحة. يحتمل أن تكون الأحداث الاخيرة المرتبطة بسوريا أيقظت اوباما من حلم الديمقراطية في منطقتنا. ولعله من هنا سيأتي الخير.