خبر إسرائيل: الرسالة إلى سوريا تُسمع بوضوح في إيران .. حلمي موسى

الساعة 09:16 ص|12 سبتمبر 2013
لا تزال أصداء المبادرة الروسية بشأن السلاح الكيميائي السوري تتردد في المحافل الإسرائيلية، التي لم ترتح لأي فعل يقلّ عن توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري، لإفهام إيران بوجود خيار عسكري موثوق. وفي إطار عدم الارتياح، تركّز إسرائيل على أن المبادرة الروسية هي في الواقع اتفاق مع أميركا، وليست نتاج «زلّة لسان» وزير الخارجية الأميركية جون كيري بنت عليها روسيا مبادرتها.
وطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز، بتفكيك ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية تحت طائلة توجيه ضربة عسكرية غربية الى سوريا. وقال نتنياهو، بحسب تصريحات أوردتها الإذاعة الإسرائيلية، إنه «لا بد من ضمان لتجريد النظام السوري من أسلحته الكيميائية، وينبغي على العالم أن يضمن أن يدفع من يستخدم السلاح الكيميائي الثمن». وأضاف، أثناء احتفال عسكري، أن «الرسالة التي تلقتها سوريا سيستمع اليها بصوت مرتفع وواضح في طهران».
وقبل ذلك، عبّر بيريز عن ثقته بأن الولايات المتحدة ستتدخل عسكرياً إن لم تكن سوريا «صادقة» بشأن ترسانتها الكيميائية. وجاء في بيان صادر عن مكتبه أنه «من الأفضل دائماً الحصول على نتائج عبر الديبلوماسية بدلاً من الحرب، ولكن المسألة الأساسية حالياً تتمثل في صدق النظام السوري». وأضاف البيان أنه «إذا كانت سوريا صادقة واتخذت تدابير ملموسة لإزالة وتدمير الأسلحة الكيميائية على أراضيها، فإن الولايات المتحدة لن تهاجم. لكن إن كان هناك نقص في صدق سوريا ليس لدي أدنى شك في أن الجيش الأميركي سيتدخل».
وأشاعت صحيفة «معاريف» أن إيران على وشك التقدم بمبادرة للتوصل، على خلفية دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى اتفاق مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بشأن سلاحها النووي. وترمي المبادرة الإيرانية هذه إلى إحداث شرخ بين الموقفين الأوروبي والأميركي وتفكيك مجموعة الخمسة زائداً واحداً على أساس آمال الأوروبيين برئاسة حسن روحاني وتردد الأميركيين في اللجوء إلى القوة. وتخشى إسرائيل على وجه الخصوص من احتمال نجاح المبادرة الإيرانية هذه، الأمر الذي سيقوّض مساعي نتنياهو لتشديد العقوبات ضد إيران.
ونشرت «معاريف» مقالة للمبعوث الأميركي السابق إلى الشرق الأوسط دينيس روس، شدد فيها على أن إلغاء الضربة العسكرية الأميركية لسوريا سيدفع إسرائيل للهجوم على إيران. وأشار إلى أن معارضي الضربة العسكرية لا يفهمون أنهم بذلك يسدون باب الضربة المحدودة، لكنهم يفتحونه أمام خطوة أشد خطورة. وفي رأيه أن عدم قيام أميركا بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، يقضي على فرص التوصل إلى حل ديبلوماسي للأزمة النووية مع إيران. ومن المؤكد أن رؤية دينيس روس هذه أقرب ما تكون للمحاججة التي أوصلتها إسرائيل للوبي الصهيوني في أميركا «إيباك»، بعد طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما العون من نتنياهو في الكونغرس.
أما «يديعوت» فقد نشرت ما اعتبرته «الاتفاق السري» بين أميركا وروسيا، والذي أبرم على هامش مؤتمر الدول العشرين. وكتبت مراسلة الصحيفة في واشنطن أورلي أزولاي، أن المتحدث باسم البيت الأبيض جي كارني أقرَّ بأن أوباما وبوتين تحدثا قبل إعلان الاقتراح الروسي عن مخرج ديبلوماسي. وأضاف أن «الحديث بينهما كان نتيجة ثانوية للضغط الأميركي المكثّف لعملية عسكرية». ونقلت أزولاي عن مصادر ديبلوماسية في أميركا قولها إنه خلال لقائهما الثنائي، سمع أوباما من نظيره الروسي معارضته لاستخدام السلاح الكيميائي، ومن هنا بدأت جملة الاقتراحات لوقف استخدامه من دون الخروج الى عملية عسكرية. وقال أوباما لبوتين إنه اذا توفرت تسوية ديبلوماسية تُخرج السلاح الكيميائي من اللعبة ـ فسيُمنع الهجوم. أما بوتين من جهته فقال إنه سيعمل من خلف الكواليس. لم يعد بشيء، وتوقعات أوباما كانت متدنية.
وأشارت المراسلة إلى أن الاقتراح الروسي لم يخرج الى العلن بسبب زلّة لسان كيري، وإنما ولد في لقاء بوتين ـ اوباما، وبعد ذلك ترعرع في سلسلة من الخطوات السرية، من خلف كواليس الساحة الدولية. والآن أيضاً ليس معروفاً بالضبط ماذا وعد بوتين الأسد مقابل موافقته على التنازل عن السلاح الكيميائي، وماذا دفعت روسيا لسوريا كي تمنع هجوماً اميركياً.
وفي إطار النظرة الإسرائيلية الأوسع لمخاطر الدور الروسي، يرى رئيس الموساد الأسبق إفرايم هاليفي أن الاقتراح الروسي «أعاد روسيا الى مركز المسرح في الشرق الاوسط كقوة عظمى يمكنها أن تحدث فيها تغييرات إستراتيجية. وهكذا فإنها تبدأ بشطب 40 سنة غياب عن منطقتنا ـ منذ فشلت مرعيتاها، مصر وسوريا، بالضبط قبل 40 سنة في حرب يوم الغفران». وأبدى تخوفاته من أن «نجاح الخطوة الروسية سيفتح أمام موسكو امكانيات توسيع نفوذها الى دول اخرى في الشرق الاوسط - غير حليفتيها الفوريتين سوريا وايران. فالعراق مثلاً أوشك قبل سنة على التوقيع معها على اتفاق لتوريد السلاح بمليارات الدولارات. والضغط الأميركي الشديد وحده على بغداد، احبط هذه الصفقة».
ولكن ألون بنكاس في «يديعوت» وخلافاً لغالبية المعلقين الإسرائيليين رأى أن اسرائيل تكسب من المبادرة الروسية، «فإذا جُرِّدت سوريا من السلاح الكيميائي فهذا انجاز مهم لاسرائيل. وقد سكتت بحكمة كبيرة، ولم يثبت تجنيد ايباك نفسها للرئيس اوباما للامتحان ولم يضر أصلاً بصورة اسرائيل». ويستبعد بنكاس «الكلام السخيف» الذي يقول إن بوتين خدع اوباما واحتال عليه، وكتب أن هذا لا يأخذ في الحسبان أن الازمة السورية أكدت عدم الاهتمام الأميركي بما يجري في الشرق الاوسط، في مقابل الضغط الروسي للحفاظ على مصالح غير عالمية كلياً.
ولكن يبدو من تقارير تنشر في الصحافة الإسرائيلية أن بوتين أكثر جدية مما تراءى للكثيرين في تحالفه مع سوريا علناً وتحالفه مع إيران سراً. ونقلت هذه الصحف عن أخرى روسية قولها إن روسيا، وفي إطار صراعها الدولي مع الولايات المتحدة، ستزود إيران بمنظومة صواريخ «إس 300» وبمفاعل نووي جديد.