خبر لك الله يا قدس.. أمجد عرار

الساعة 08:01 ص|08 سبتمبر 2013

ليس معلوماً إلى أي مدى انتشرت صورة ذلك العجوز الفلسطيني التسعيني وهو مضرج بدمه في باحات المسجد الأقصى التي استباحتها قوات الهمج الصهاينة، كما تفعل على نحو متصاعد، ولا سيما يوم الجمعة . أغلب الظن، لأن بعضه إثم، أن الذين يحاولون “فرمتة” عقول الأمة وإعادة برمجة أولوياتها،  ليسوا معنيين لا بصورة ذلك العجوز ولا بصور اعتداءات الصهاينة وانتهاكاتهم في القدس وكل فلسطين.

طيلة عقود مضت، حيث كانت الأمة ما زالت تحمل بعض قسماتها، دأبنا على الإشارة بالإصبع على كل قضية جانبية يثيرها أعداء الأمة في الداخل والخارج، من أجل حرف البوصلة عن فلسطين والقدس . الآن تخرّج من هذه الأمة إعلاميون وسياسيون يتّهمون من ينطق باسم فلسطين والقدس، بأنه شعاراتي عدمي يسعى لحرف الانتباه باتجاه قضية فلسطين التي يريدونها ثانوية وهامشية ومنسية، من أجل أجندات أسيادهم.

قبل بضعة شهور شاهدنا إعلامياً يحمل مسمى عربياً، وقد استشاط غضباً على ضيفه قبل أن يكمل حروف كلمة “فلسطين”، ولم يشعر بالخجل، لأنه ليس جزءاً من تكوينه، حين قاطعه مردداً بغضب “فلسطين . . فلسطين . . ذبحتونا  . . بفلسطين”، وفي موجة غضب أخرى سخر من أي ارتباط عربي بفلسطين وقال ناصحاً “حلوا عن فلسطين . . نريد أن نعيش".

عندما يسمع الصهاينة هذا الكلام الذي كان ذات زمن مضى نوعاً من المحرّمات، يلعلع في الفضائيات، فما الذي يدفعه لمجرد التفكير في أي إجراء تهويدي في القدس وفلسطين؟ عندما يرى هذا العدو المتغطرس الفلسطينيين منقسمين غارقين في صراع على السلطة، فإنه من الطبيعي أن يجعل مشروعه في القدس “صحن سلطة” على مائدة مشروعه الأوسع بحدوده الممتدة من الفرات إلى النيل . ولهذا لن يتردد في إطلاق العيارات المطاطية على المصلّين في المسجد الأقصى ما دامت الضمائر المطاطية تحكم ما تسمى زوراً وبهتاناً جامعة الدول العربية، وهي مفرّقة لهم . لن تتردّد في إمطار المؤمنين في القدس بالرصاص، وهي ترى أن القدس لم تعد تستحق كتابة اسمها بأقلام الرصاص في ذاكرة المتاجرين بها ردحاً من الزمن.

“إسرائيل” لن ترتدع عن مواصلة حفرياتها تحت البلدة العتيقة، وهي ترى كبار مفتي العالم الإسلامي يحفرون أنفاق الخيبة والفتن بفتاواهم المحصّنة لاحتلال القدس والأقصى، من خلال شد الرحال إلى كل الأمكنة بعيداً عن أولى القبلتين .

كان العرب يطالبون أمريكا بالتدخّل لوقف جرائم حليفتها “إسرائيل” ضد الفلسطينيين وبعض الشعوب العربية، واليوم يعتلي المنابر “علماء” مأجورون يتزلفون لأمريكا ويطالبونها ب “وقفة لله”، في سوريا ومصر، كما فعلت في العراق وليبيا، وأيضاً كما أحرقت فيتنام وقتلت أربعة ملايين من شعبها بالسلاح الكيميائي وقنابل النابالم، وكما حرقت مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين بالسلاح النووي . هذه هي أمريكا التي بدل أن يطالبوها بالكف عن تبني احتلال “إسرائيل” للأرض العربية، يفتون لها باحتلال الأرض العربية وتدمير منازلها على رؤوس أبناء الشعوب العربية، تحت عنوان حمايتهم .

لك الله يا فلسطين، لك الله يا قدس . . لكما الله وبعض من أبناء هذه الأمة الذين ما زالوا على عشقهم لهما، ولم ينجرفوا إلى حيث يخطط أعداء الأمة . . بالضبط .