خبر أفرجنا عن قتلة مقابل لا شيء.. هآرتس

الساعة 08:40 ص|16 أغسطس 2013

بقلم: يوئيل ماركوس

(المضمون: أفرجت اسرائيل عن 26 سجينا أمنيا فلسطينيا من الثقال دون ان تحصل مقابل ذلك على شيء من الفلسطينيين - المصدر).

لم يكن الافراج عن سجناء الارهاب قط اجراءً سهلا على حكوماتنا على اختلافها، ولا سيما حينما لم يكن الحديث عن تبادل أسرى بعد انتهاء حرب أو في تسوية سلمية أو حتى في هدنة. إن اسرائيل في أكثر المرات ابتزتها المنظمات الارهابية من جهة والرأي العام والعائلات من جهة اخرى، في حين لم يدفع أي ابتزاز المسيرة السياسية سنتيمترا واحدا الى الأمام. بالعكس، استغل العرب نقطة الضعف الاسرائيلية بقسوة. واستمر هذا اللحن الدموي سنين تتلو سنين. ولم تستطع حكومات اسرائيل ان تصمد لضغط العائلات والمظاهرات وأفرجت عن كثيرين مقابل قليلين، أجل ممن يسمون عندنا سجناء ملطخة أيديهم بالدماء.

وفي هذه المرة استقر رأي الحكومة على الافراج عن 104 سجناء ثقال على اربع دفعات في اطار تجديد التفاوض مع السلطة الفلسطينية، على أثر ضغط امريكي ثقيل على الطرفين. وقد أُفرج عن الـ 26 سجينا الأوائل وكلهم من الفترة التي كان فيها يعقوب بيري رئيس "الشباك"، في يوم الثلاثاء تحت جنح الظلام، ونُقلوا في سيارة نوافذها مُحكمة الاغلاق الى غزة والضفة. وكان بيبي هو الذي طلب شخصيا ألا يتحول الافراج عنهم الى احتفال للسلطة ونصر للارهابيين. وربما لم يكن احتفال ولم يُخلد مصورونا فرحهم وعلامات النصر منهم لكن هذا كان فوزا لأبو مازن وخسارة لاسرائيل. وقد بُذلت "السُلفة" دون ان نحصل على شيء مقابل ذلك إلا اذا استثنينا تسعة اشهر تفاوض مع قيادة السلطة وقعت على بيبي كهدية من السماء. لأنه لا مثيل له حينما يكون الحديث عن كسب الوقت.

ليس واضحا هل "ضاحك بيبي أطباءه" كما ورد في وسائل الاعلام وخرج مبتسما من المستشفى بعد العملية الجراحية للفتق في بطنه. ويمكن ان نُخمن أنه كان شديد الفخر لأنه نجح في تضليل كل المشاركين في مبادرة كيري السلمية. فقد عطّل "بادرة" الافراج عن الدفعة الاولى من السجناء بحيلة اعلانه البناء في المستوطنات وشرقي القدس – وكأن المشكلات السكنية في الدولة قد حُلت – لكنه حظي بذلك بالمهلة التي كان ينتظرها. وقد نجح في ان يُغضب السلطة الفلسطينية ايضا كما خطط أو أمل، لكن لم يبق لها خيار سوى ان تشارك في ألعاب كيري.

إن الحُمم في المعسكر الوطني في داخل الليكود الذي أسسته حركة حيروت التي أسستها المنظمة العسكرية الوطنية، تغلي. وهم غاضبون هناك بسبب مقارنة الحركات الارهابية بـ إيتسل وليحي. ويزعمون "أنهم لم يقتلوا نساءً واولادا". وبازاء تحذير كيري (الذي يدعمه اوباما) من ان فشل المبادرة الامريكية سيدفع اسرائيل الى حالة عزلة دولية – تعمل اسرائيل مثل ذكية في الليل. فهي لم تشأ ان يُفسر الافراج عن الـ 26 سجينا بأنه نصر فلسطيني. لكنه نصر لهم، وماذا نفعل. إنها أول مرة ندفع عن لا شيء. وعلى حسب سلوك بيبي فقد تكون آخر مرة يتفضل فيها على السلطة الفلسطينية ما بقي رئيسا للوزراء، بيقين.

تبث الحكومة رسائل متناقضة يشرف عليها بيبي. فرئيس الوزراء يقول من جهة انه ملتزم بالتسوية السلمية والدولتين للشعبين. ومن جهة اخرى يوجد أفراد في حزبه وفي البيت اليهودي لبينيت ايضا يعارضون ذلك ولن نتحدث عن ان الليكود الذي ما زال هو حركة حيروت  السابقة، يعارض علنا مصالحة أو تنازلا لتمكين الفلسطينيين من انشاء دولتهم. والحقيقة هي ان بيبي نفسه ايضا – برغم أنه لو شاء لاستطاع بغير بينيت ولا سيما انه يملك ورقة استفتاء الشعب – ليست عنده كما يبدو الشجاعة للتحرر من رؤيا أبيه والاستيقاظ من حلم ارض اسرائيل الكاملة، فهو لا يريد ان يدخل التاريخ على أنه هو الذي مكّن من انشاء الدولة الفلسطينية. وفيما يتعلق بالفلسطينيين فانه لم يتغير شيء عندهم منذ قال آبا ايبان مقولته التاريخية "إنهم لم يضيعوا أية فرصة لاضاعة كل الفرص"، وفضلوا القضاء على دولة اسرائيل على قرار تقسيم الامم المتحدة. فما الذي كسبوه من ذلك؟ أأن بقوا 60 سنة بلا دولة؟ وماذا سنكسب من افراجنا عن 26 قاتلا مقابل لا شيء؟.