خبر المصلحة: الحفاظ على السلام التكتيكي

الساعة 09:05 ص|11 أغسطس 2013

بقلم: العميد تسفي فوغل

(المضمون: السلام بين اسرائيل ومصر كنز استراتيجي يجب الحفاظ عليه بتعاون وثيق صامت كما كانت الحال الى اليوم - المصدر).

إن المعطيات التمهيدية والعوامل المؤثرة في اتخاذ قرار كالذي تم اتخاذه حينما جاءت انذارات بنية خلية مخربين اطلاق قذائف صاروخية على اسرائيل – بحسب مصادر اجنبية – في غضون وقت قصير غير بسيطة. إن متخذي القرارات يجب ان يأخذوا في حسابهم اتفاق السلام الذي يمنع اسرائيل من العمل في داخل الارض المصرية، وضغط الاخوان المسلمين الذين انشأوا حماس ومشاركتهم في الثورة المضادة للجيش التي لا تنتهي في مصر، والجهات الارهابية كالقاعدة والجهاد الاسلامي التي تحاول ان تجر المنطقة الى حرب. منذ أكثر من اربع سنوات، منذ كانت عملية "الرصاص المصبوب" تُستغل المنطقة المخترقة في سيناء لعمليات موجهة على دولة اسرائيل بغرض منع المس بالبنى التحتية السلطوية والعسكرية لحماس وسائر المنظمات الارهابية في القطاع. وتعتمد المنظمات الارهابية المختلفة على عدم رغبة الجيش المصري في دخول مواجهة معها وعلى ادراك ان اسرائيل لا تستطيع ان تعمل في داخل منطقة تخضع لسيادة مصر بفعل اتفاق السلام بين الدولتين. وقد انشأت في سيناء قواعد تدريب ومخازن للوسائل القتالية التي هُربت من دول كثيرة من شرق مصر وجنوبها وغربها. وهي تعتمد على نظام تهريب واستخبارات تمأسس في سيناء في سنين كثيرة على أيدي قبائل بقيت اليوم بلا مصادر دخل على أثر انشاء جدار طوله 270كم على الحدود مع مصر. واختارت تلك القبائل ان ترعى المنظمات الارهابية وان تتاجر بالمعلومات والخبرة التي اكتسبتها. وهي لا ترى فرقا في رائحة المال الذي يدخل جيوبها سواء أكان من المخدرات أو من الصواريخ والشحنات الناسفة.

منذ كانت "الرصاص المصبوب" وبعد إتمام بناء الجدار على الحدود في سيناء خاصة استطاع الجيش الاسرائيلي والجيش المصري بتشجيع الحكومتين أن يُنشئا نظام تحادث وتنسيق في الحرب المشتركة على الارهاب التي تهدد الدولتين. واذا كانت تفاصيل الواقعة التي تنشرها مصادر اجنبية صحيحة فانه حان وقت الفعل منذ اللحظة التي اشتعل فيها فتيل اطلاق الصواريخ. إن أمن سكان اسرائيل من جهة والرغبة المصرية في منع عملية من داخل مصر على اسرائيل من جهة اخرى ولّدا كما يبدو تعاونا صامتا. ونفذت المروحية المصرية أو الطائرة الاسرائيلية بلا طيار اطلاق النار لاحباط العملية، وكانت النتيجة قاطعة لا لبس فيها. فبحسب التقارير الصحفية في وسائل الاعلام الاجنبية تم القضاء على اربعة مخربين ولم يُنفذ اطلاق الصواريخ.

سيظل السلام كنزا استراتيجيا اذا كانت الدولتان مستعدتين فقط لدفع ثمن نشر التعاون بينهما للحفاظ عليه. ومن الصحيح الى اليوم أن تكتفي الدولتان كما يبدو في ضوء عدم الاستقرار المصري الداخلي على أثر الثورة الاخيرة في القاهرة بالانكار أو باغماض العين وان توجز الحادثة بأنها "حادثة عمل". لكن سيستمر ضباط الارتباط والاستخبارات عن طرفي الجدار في القيام بالعمل الميداني اليومي للحفاظ على السلام التكتيكي، وليس هذا أمرا يُستهان به. ليس من الواجب احيانا ان تجري وتُحدث الرفاق، وستبقى المصادر الاجنبية والتقارير الاخبارية عن عمليات كهذه وغيرها تُضخم قوة ردع اسرائيل التي تعمل في زعمها خارج حدود الدولة في دبي ودمشق ومالطا وايران. فطوبى لسكان الدولة التي لها هذه القدرات.