خبر حزب « يوجد مستقبل » هو العميل الأكبر- هآرتس

الساعة 08:10 ص|05 أغسطس 2013

بقلم: دافيد زونشاين

عبر يئير لبيد هذا الاسبوع عن تعجب من زعم ان رفع نسبة الحسم سيفضي الى ابعاد ممثلي الأقلية العربية عن الكنيست. وبيّن في مقابلة صحفية مع ياعيل دان في صوت الجيش الاسرائيلي، ردا على زعم ان قانون الحاكمية سيضر بالديمقراطية الاسرائيلية، ان المشكلة الرئيسة للتمثيل العربي في الكنيست هي نسب التصويت المنخفضة بين الجمهور العربي. "ان الاحزاب العربية تشغل نفسها طول الوقت بالقومية الفلسطينية لا بتحسين حياة الجمهور العربي"، أعلن، "إننا اليوم نعتني بهم احيانا أكثر من الاحزاب العربية".

إن الدعاوى كما هي العادة عند لبيد مقطوعة عن الواقع. فالمعطيات المقارنة تُبين ان الكتل الحزبية التي أكثر مصوتيها عرب هي من الأكثر بروزا في واجهة النشاط البرلماني لمضاءلة الفروق في اسرائيل، وهي فروق يعمل وزير المالية بجد على توسيعها، وان السكان العرب، اذا لم يلاحظ هذا الى الآن، هم المتضررون الرئيسون منها.

لكن الحقيقة هي ان لبيد قد أعلن بالفعل بصراحة قبل الانتخابات ان أحد أهداف تشريع من هذا النوع كما يعبر عنه الآن قانون الحاكمية، هو التخلص من تمثيل عربي من جهة ممثلة عربية قومية كثيرا. "ان رفعا كبيرا لنسبة الحسم سيجعل احزابا صغيرة تمثل جمهورا ما (كالجمهور العربي أو الحريدي) تتحد أو تمتزج في أحزاب كبيرة، وهو ما سيُمكنها من ان تخدم جمهورها عن معرفة حقيقية بحاجاته بدل ان يكون ذلك عن منافسة داخلية تفضي الى تطرف بالضرورة"، هذا ما زُعم بصراحة في برنامج يوجد مستقبل الحزبي.

فاذا كان الامر كذلك فانه يمكن ان نستنتج من كلام لبيد عن تصوره العام هو نفسه أكثر مما يمكن ان نتعلم شيئا ما عن السلوك البرلماني لاعضاء الكنيست العرب أو مواقف السكان الذين أرسلوهم الى الكنيست – وعن مصوتيه ايضا للأسف الشديد.

ان العرب كانوا اشتراكيين أو رأسماليين، أو متدينين أو علمانيين، أو نسويين أو شوفينيين أو مؤيدين لانشاء دولتين أو يؤيدون كيانا ثنائي القومية – هم في نظر لبيد أو كما يقول الزعبيون، هم جميعا نفس الشيء ولهذا يستحقون تمثيلا برلمانيا موحدا. وهو أصلا يتفضل عليهم بنعمة كبيرة لأن القضية الفلسطينية هي في الحقيقة نور يهدي الاحزاب العربية كما يقول، لكن يتبين أنها غير قادرة الى الآن على توحيدها حولها، لكن التهديد بابعادها سيقوم بالعمل.

إن لبيد بعرضه الجمهور العربي على انه كتلة واحدة (كما فعل مع الحريديين تماما) يرسم في وضوح الخطوط الهيكلية لجماعته المرجعية وهي جماعة يهودية فقط. وهنا يوجد ايضا جواب سؤال ما الذي يقوم عليه الحلف بين نفتالي بينيت ولبيد. فان ياعيل غيرمان جاءت من ميرتس، وعبر عوفر شيلح في الماضي عن مواقف حمائمية، وتوقع غير قليلين ان يصد لبيد اقتصاد نتنياهو الليبرالي الجديد أو يوقف سن القوانين المعادية للديمقراطية. اجل ما كان حلف لبيد وبينيت لينجح كثيرا لو لم يكن بينهما تشابه ايديولوجي الى درجة ان يوجد مستقبل والبيت اليهودي كان يمكنهما ان يلبيا طلب لبيد من الاحزاب العربية، أي ان يتحدا وينشئا حزبا مشتركا بدل التوزع بين عدة كتل برلمانية، ونقول هذا بالمعاني الجوهرية لا الصورية والتصريحية.

ولما كان العرب جميعا هم الشيء نفسه فان يهود اسرائيل يستطيعون ان يحددوا مصيرهم وصورة تمثيلهم. وسيهتم لبيد مع أخيه الأصغر منه بينيت وأخيه الأكبر بنيامين نتنياهو بأن يكون شكل التمثيل هذا مشابها لشكل تمثيل العرب الذين يعيشون وراء الخط الاخضر، من اولئك الذين تسلبهم الديمقراطية الاسرائيلية التمثيل وهي تحدد مصيرهم.

يعلم لبيد جيدا، ويلاحظ بينيت هذا عنده جيدا، ان الصورة أهم من المضمون وانه يمكن ان يُباع الاسرائيليون اليهود كل شيء، الآن على الأقل. وهكذا يروجان لاضرار شديد بالديمقراطية الاسرائيلية بأنه خطوة لتقوية الديمقراطية، وهكذا يضران ضررا شديدا بالطبقة الوسطى بأنه اجراء سيكون نعمة عليها في وقت ما في المستقبل. ان الاخوة اليهود في البرلمان الاسرائيلي كشفوا عن سر السياسة الجديدة وهو ان اليهود جميعا هم الشيء نفسه، وما تأكد عندهم ان المنتوج الذي يروج بينهم ليست عليه سمات باللغة العربية، فسيستهلكونه في شهوة كبيرة. والمنتوج هذه المرة، وهو قانون الحاكمية، يجتاز في ائتلاف حكومي ذي كثرة صلبة لا تهددها احزاب صغيرة.

ليس اقصاء العرب بواسطة قانون الحاكمية سوى نغمة عنصرية وغير ديمقراطية اخرى أعلى مما سبقها في النغمة المتصاعدة التي هي تحطيم الديمقراطية الاسرائيلية. ويُبرز هذا الاقصاء السخرية الكامنة في واقع الشرق الاوسط اليوم: ففي الوقت الذي تُضعف فيه الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط أسسها الديمقراطية بصورة مستمرة يسفك سكان الدول المجاورة وأكثرهم عرب بعضهم دماء بعض في محاولة ليبنوا لأنفسهم هذه الأسس بالضبط.

بعد سلسلة طويلة من القوانين التي أضرت ضررا شديدا بالديمقراطية الاسرائيلية الهشة أصلا – ليس من المفاجيء ان تأتي ضربة اخرى من قبل البيت اليهودي أو الليكود. إن تعاون يوجد مستقبل في هذا الشأن يثبت لمزيد العار أننا اذا لم نوقف المسار فسيصبح أكثر اليهود في اسرائيل أو اولئك الذين ينسبون أنفسهم الى المركز اليهودي الصهيوني على الأقل، سيصبحون الشيء نفسه.