خبر تعليق قرار تصدير الغاز الإسرائيلي: مقدمة نزاع بين الحكومة والكنيست

الساعة 07:16 ص|02 أغسطس 2013

وكالات

قررت المحكمة العليا الإسرائيلية تأجيل النقاش في التماسات رفعتها منظمات غير حكومية ضد قرار الحكومة الإسرائيلية تصدير 40 في المئة من الغاز المكتشف في حقول البحر المتوسط. وتشغل مسألة تصدير الغاز من هذه الحقول الحلبة السياسية والشعبية الإسرائيلية المنقسمة بين مؤيد ومعارض لتصدير الغاز. وكانت المماطلة في حسم الخلاف حول تصدير الغاز قد أدخلت صفقة شراء شركة «وودسايد» الأسترالية 30 في المئة من امتياز حقل «لفيتان» في أزمة قد تنتهي قريباً بتراجع الشركة عن عرضها، ما سيوجّه ضربة قوية لمشاريع تطوير حقول الغاز الإسرائيلية.
وكانت منظمات غير حكومية مثل «الحركة لجودة الحكم» و«الإنسان والطبيعة والقانون» وأعضاء كنيست من الائتلاف والمعارضة على حد سواء قد تقدموا بالتماسات ضد قرار الحكومة الإسرائيلية بتصدير 40 في المئة من احتياطي الغاز وإبقاء القسم الأكبر للاستهلاك المحلي. وأشارت الالتماسات إلى أن قرار الحكومة له عواقب استراتيجية بعيدة المدى ذات تأثير على المواطنين وعلى المجتمع عموماً. ورأت الالتماسات أن القرار بشأن تصدير الغاز ما كان ينبغي أن يبقى في الحكومة ويجب نقله للكنيست لتتخذ ما تراه مناسباً.
ويرى الملتمسون أن الحكومة الإسرائيلية التفت على الكنيست واتخذت قراراً مصيرياً يتعلق بمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي من دون أي صلاحية. وكان المستشار القانوني للكنيست المحامي إيل يانون قد قدم رأي خبير يعزز موقف الملتمسين. وكتب يانون أن سياسة تقسيم موارد الغاز للاستهلاك المحلي وللتصدير ليست سوى «ترتيب أولي»، يتصل بمسألة بين أجيال لها تأثيرات مالية هائلة وتتصل بقضايا موضع خلاف في أوساط الجمهور.
ورفضت الدولة العبرية عبر النائب العام الالتماسات معتبرة إياها «متسرعة»، وطلبت من المحكمة ردها وتحميل الملتمسين نفقات الدعوى لمصلحة الخزينة العامة. وشدد النائب العام على أن «الواجب القانوني يفرض على وزير الطاقة والمياه والحكومة بأسرها ممارسة صلاحياتهم بموجب قانون النفط. وأن يأمروا بالحفاظ على الغاز الطبيعي بالكميات المطلوبة للاقتصاد الوطني وعدم التصدير».
غير أن رئيس المحكمة العليا القاضي آشير غرونيس أمر، بعد مشاورة شريكيه في منصة المحكمة، عند مناقشته الدعوى صباح أمس، بإصدار أمر احترازي يحظر تصدير الغاز. كما أمر بتوسيع تشكيلة المحكمة للبحث في الالتماسات في وقت لاحق. وبذلك استجاب غرونيس لمطلب الملتمسين بوقف تصدير الغاز احترازياً، وسمح للنيابة العامة ببلورة ردها النهائي حتى يوم الاثنين المقبل. وقال غرونيس إن المحكمة تعي إلحاحية المسألة وأهميتها وتأخذ الأمر بالحسبان.
وأشار خبراء قانونيون إلى أن مغزى الأمر الاحترازي بمنع التصدير هو أن الحكومة هي الملزمة من الآن فصاعداً بإقناع المحكمة بقانونية وجدوى قرار السماح بالتصدير. والقرار يعني عملياً أنه ليس بوسع شركات إنتاج الغاز من الحقول البحرية تصديره.
وتجدر الإشارة إلى أن قرار الحكومة الإسرائيلية ارتكز إلى توصيات لجنة «تسيمح»، التي قررت أنه على إسرائيل الاحتفاظ بما يكفيها 25 عاماً من الغاز. واعتبرت اللجنة أن حاجة إسرائيل خلال هذه المدة تبلغ 450 مليار متر مكعب من الغاز. ولكن الحكومة أرادت أن تحتاط أكثر فزادت بحوالي 20 في المئة حصة الاقتصاد المحلي، وأقرت فقط تصدير 40 في المئة من كميات الغاز المتحقق منها، والبالغة ألف مليار متر مكعب من الغاز. وهذا يعني إبقاء 600 مليار متر مكعب للاستهلاك المحلي، بما يكفي 30 عاماً. 
ولكن القرار استفز جهات مختلفة سياسية وشعبية لاعتبارات مختلفة. فالبعض اعتقد أن قراراً بهذا الحجم والنفوذ كان ينبغي أن يتخذ في الكنيست، حيث التمثيل أوسع واحتمالات التعرض لضغوط وإغراءات أقل. والبعض الآخر أكد أن الحسابات التي استندت لها لجنة «تسيمح» والحكومة مغرضة، وأنها لمصلحة شركات التنقيب عن الغاز. 
عموماً يمكن القول إن قرار المحكمة العليا الأولي هو مقدمة لمناقشة أكثر جوهرية وتوسعاً ليس فقط في حصص تصدير الغاز، وإنما أيضاً في الصلاحيات الممنوحة للحكومة في كل ما يتعلق بقرارات بعيدة المدى تؤثر على الأجيال المقبلة. وبالتالي فإن جانباً مهماً من القضية يكمن في النزاع على الصلاحيات بين الحكومة والكنيست.
على أي حال فإن الصفقة لشراء 30 في المئة من امتياز حقل «لفيتان» على وشك التفجر. وتبلغ قيمة هذه الصفقة 1,25 مليار دولار تم الاتفاق عليها بين شركة «وودسايد» الاسترالية وشركات «نوبل إنرجي» و«ديلك» صاحبة الامتياز في حقل «لفيتان».
وفي حينه قالت وسائل الإعلام إن «وودسايد» تمتلك القدرة المالية والخبرة التقنية لنصب منصات لتسييل الغاز في عرض البحر، وهو ما كانت الشركات الإسرائيلية تطمح إليه. وتحدثت وسائل إعلام أسترالية وإسرائيلية عن عدم قيام «وودسايد» حتى الآن بدفع الدفعة الأولى من الصفقة بقيمة 696 مليون دولار معللة ذلك بعدم معرفة السياسة التي ستنتهجها الحكومة الإسرائيلية بشأن تصدير الغاز.
ومعروف أنه كلما قلت حصة الغاز المعدّ للتصدير تقلصت شهية الشركات الأجنبية في الاستثمار في مشاريع تطوير الحقول. وكانت شركة «وودسايد» تأمل باستثمار عشرة مليارات دولار في حقل «لفيتان» للتمكن من إنتاج الغاز وتسييله وتصديره أساساً لزبائنها في الصين وجنوب شرق آسيا.