تقرير غزة: عجوز يسلم ابنه « مدمن المخدرات » بيده إلى النيابة !

الساعة 04:00 م|01 أغسطس 2013

غزة

دخل ذلك العجوز إلى مكتب التحقيق داخل إحدى مراكز الشرطة وهو في حالة انهيار شديد باكياً مذعوراً يرتعش من الخوف. 


أخذ ضابط التحقيق يُهدِّئُ من روعه مُحضراً له كوباً من الماء حتى تهدأ حالته ، وسأله لماذا هذا البكاء ؟ ولماذا هذا الخوف ؟ هنا تكلّم الرجل العجوز راجياً ضابط التحقيق أن يُنقذه من ابنه مدمن المخدرات ، فقد أفنى عمره في تربيته فكافئه في النهاية بالضرب والإهانة والطرد إلى خارج جدران منزله الذي عمَّره بسواعدٍ باتت الآن هزيلة وضعيفة من شدة التعب .. ليصبح بين أزقة الشوارع دون مأوى.

ويُكمل الأب العجوز مأساته والدموع تنساب من عينيه دون توقف ، والخجل يكسو وجهه ، والضابط يتساءل باستغراب كيف تحجَّر قلب ابنه ؟ ، وكيف تجرد من آدميته نحو أبيه إلى هذا الحدّ، لقد كان أمل الأب في الحياة ابنه ، لم يبخل عليه بشيء كانت كل طلباته أوامرَ يِنفِّذها ذلك الأب الحنون ، فقد كان يعمل ليلاً ونهاراً موظفاً في إحدى شركات القطاع الخاص ،وقد كان كلُّ همِّه توفير احتياجات ابنه؛ ليرى البسمة على وجهه ، فهو ابنه الوحيد المُدلَّل الذي خرج به من الدنيا ليكون سنده في الحياة . 


كان يُنفق عليه بلا حساب دون أن يلتفت أو ينتبه إلى تصرفاته ، أو يراقب سلوكه ، وكانت النتيجة تلف أخلاقه ، وفشله في دراسته فحاول الأب بكل قوته وإمكاناته أن يُقنع ابنه بإكمال تعليمه ولكنه رفض بشدة كل محاولات والده التي باءت بالفشل، بل إنه رفض العمل في أي مجال وما اكتسب صنعةً ينفع بها نفسه . 


أصبحت لهذه المأساة أبعادٌ جديدة ، حيث لاحظ الأب بمرور الوقت تصرفات ابنه الغريبة ، وخروجه المستمر للسهر خارج المنزل ولكن دون أن يتدخل في تصرفاته باعتباره الابن المُدلَّل الوحيد. 
بدأت شكوك الأب تزداد ولكن! بعد فوات الأوان بعد أن أصبح يرى عودة ابنه يومياً وهو غير واعٍ لتصرفاته ، حيث كان مدمناً لكل أنواع المخدرات ، وعندما واجهه الأب بتصرفاته الغريبة وسهره كل ليلة ، اعترف الابن وصاح في وجه الأب قائلاً : إنَّ هذه حياتي ولا يحقُّ لأيِّ أحدٍ كائنٍ من كان أن يتصرف فيها. 


وأمام هذا السلوك الشاذ صفعه الأب على وجهه ، ولكنَّ الابن بدلاً من أن يطلب الصفح من أبيه سبَّه وكاد أن يفتك به ، فاسودَّت الدُّنيا أمام الرجل العجوز بعد أن تأكَّد فشله في تربية ولده. 
ومنذ تلك اللحظة بدأ الابن يبتزُّ الأب ويستولي منه بالقوة على كل أمواله ، وبدأ يضربه أمام الجيران ، مما أصاب الأب بالرعب والخوف الدائم من تجاوزات ابنه معه وأي تجاوزات تلك التي تصل إلى حد اعتداء الابن على والده. 
قام ضابط التحقيق باستدعاء الابن العاق و واجهه باتهامات والده له فتفاجأَ الضابط باعتراف الابن بكل هدوء وأعصاب بالتُّهم التي وُجِّهت إليه وبإدمانه للمخدرات .. لكل أنواع المخدرات التي تمكَّن من الوصول اليها عن طريق رفقاء السوء الذين يصاحبهم. 


وقال الابن لضابط التحقيق "إنَّ المخدرات قد دَمَّرت عقلي بسبب إهمال والدي ، وعدم رعايته لي منذ الصغر فكلُّ ما كنت أطلبه كان يُنفِّذه ولم يكن يحاسبني على أي فعل يصدر مني. 


فالأب هو المسؤول عن ضياعه لأنَّ كلَّ همِّه كان جمع المال ، ولم يعترض إطلاقاً في أيِّ وقت من الأوقات على تصرفات الابن حتى سقط في سكة الندامة . 


هنا أمر ضابط التحقيق بحبسه وتحويل قضيته إلى النيابة العامة ليتحوَّل بعدها إلى المحكمة ليلقى جزاء إهمال والده له وعدم مراقبته . 
إنَّ الإنسان يخسر أولاده ويُضيِّع مستقبلهم بسبب التراخي في تربيتهم, والإهمال في مراقبتهم فقد ينسى الإنسان حياة الاستقامة في لحظة طيش وينساق وراء نزواته منزلقاً في طريق الانحراف مع رفاق السوء عندما يجد الباب مفتوحاً على مصراعيه بلا رقابة لتكون النهاية المؤلمة، وهي الفضيحة والدمار له ،ولكلِّ من حوله . 


هذا الابن العاق المُدمن لكلِّ أنواع المخدرات مأساةٌ كبيرة بكل ما تعنيه الكلمة من معاني ..لأنه ضيَّع نفسه بسبب المخدرات التي أدمن عليها كلِّها في ظلِّ غفلة من والده بعد وفاة أمه. 
وهذا الأب الذي تناسى دوره في الرقابة على ابنه لتصبح النتيجة فشله في دراسته ويتحوَّل إلى مدمن مع سبق الإصرار اعتاد ضرب والده وإهانته للاستيلاء على أمواله وابتزازه ، وفي النهاية طرد والده من الشقة التي هي ملكٌ وحقٌّ لوالده ، ليحوِّلها إلى وكرٍ لإدمان المخدرات، فما أعظمه من مآلٍ يؤول إليه من أهمل في متابعة أبنائه ومدِّ جسور النصح لهم بترغيب وترهيب.

المصدر: الموقع الرسمي لوزارة الداخلية في غزة