خبر غير شعبي - هآرتس

الساعة 09:14 ص|31 يوليو 2013

ترجمة خاصة

غير شعبي - هآرتس

بقلم: آفي شيلون

(المضمون: يكثر الحديث في الآونة الاخيرة عن قرارات تُضاد الرأي العام وتُضاد المزاج العام، لكن أكثرها ليس كذلك لأن القرار القيادي هو القرار الذي ينظر الى ما وراء الحالي ويعمل من اجل التغيير - المصدر).

كتب بنيامين نتنياهو فيما عُرف بأنه "رسالة شخصية الى الجمهور" على خلفية استقرار الرأي على الافراج عن مخربين يقول: "يُدفع رؤساء الوزراء احيانا الى قرارات صعبة ولا سيما حينما يعارضها أكثر الجمهور". وقد أصبح تأكيد الحاجة الى اتخاذ قرارات غير شعبية شائعا في الآونة الاخيرة، ولن نقول انه شعبي بين الساسة، وليس هذا عرضيا. وهكذا يجري خلط متعمد بين قرار غير شعبي وقرار شجاع.

إن القرارات غير الشعبية هي في ظاهر الامر من فعل قادة يرتفعون فوق تصريف أمور الدولة اليومي وينجحون في ترك أثر لهم فوق صفحات التاريخ. لكن الحقيقة هي أن مقدار شعبية قرار ما ليس معيارا حاسما لنوعه وأهميته.

حينما خطب ونستون تشرتشل في أيار 1949 خطبته الشهيرة التي تنبأ فيها للبريطانيين بأيام "دم وعرق وجهد ودموع"، أعلن قرارا تاريخيا وهو محاربة المانيا النازية ودول المحور. لكن قراره لم يكن يُضاد الرأي العام بل على العكس: فقد أحسن تشرتشل التعرف على روح الشعب البريطاني وترجمها الى سياسة.

وفي مقابل هذا حينما تولى شارل ديغول الحكم في فرنسا في 1958 كان أكثر الفرنسيين يعارضون الانسحاب من الجزائر، وحينما استقر رأيه على الانسحاب عمل بخلاف رأي ضباط في الجيش والمستوطنين الفرنسيين الذين كانوا يُعدون أنصاره في الماضي. فهل يمكن أن نجعل الزعيم الفرنسي فوق الزعيم البريطاني لأن تشرتشل عمل بدعم من الجمهور أما ديغول فعمل بخلاف الرأي العام؟ لا بالتأكيد. إن القرارين أشارا الى زعامة ممتازة لأنهما عبرا عن فهم للواقع وعن شجاعة تحقيق ذلك لأجل المستقبل.

إن استقرار الرأي على الافراج عن السجناء لم يكن سهلا في الحقيقة، لكنه قرار صعب ولا سيما على العائلات التي أصاب المخربون أعزاءها وهو اشكالي بالنسبة لجهاز الامن الذي قد يضطر الى مواجهة عودة عدد من السجناء الذين سيُفرج عنهم الى نشاط ارهابي. إن هؤلاء السجناء بالنسبة لأكثر الجمهور – وهذا هو السبب الذي جعل كثرة غالبة تؤيد تحرير جلعاد شليط مقابل مخربين – هم ناس مجهولون لا يؤثر الافراج عنهم في توازن القوى في الشرق الاوسط، ولهذا فان نتنياهو لن يبت الرأي مخالفا الرأي العام ولم يفعل ذلك من شأن التفاوض خاصة.

إن وزير المالية يئير لبيد ايضا يُحسن الى نفسه حينما يُكثر من تعليل الاحكام الاقتصادية الشديدة بأن الزعيم يجب ان يتخذ قرارات غير شعبية ايضا. لكن كل اسرائيلي عادي يدرك ان وزير المالية الحالي ورث ولا يتحمل تبعة ذلك عجزا ماليا يوجب تقليصات لمضاءلته. ولهذا فان الميزانية لا تكاد تضر بقوته بحسب استطلاعات الرأي. إن القرار "غير الشعبي" حقا يفترض ان يقترح ميزانية جديدة كثيرة الجرأة تثمر تغييرا واختلافا معا لا ميزانية تقترح تقليصات متوقعة وتعتمد على القاء أكثر التهمة خاصة على واحد من أفقر القطاعات خاصة، أعني الحريديين.

يوجد سبب يجعل التعليل بشأن "قرار غير شعبي" – الذي يحل محل "الاشياء التي تُرى من هنا لا تُرى من هناك" المُغضب لاريئيل شارون – يسود في الآونة الاخيرة بين ساسة ذوي خبرة باعلام الجمهور. احتاج القادة دائما الى دعم عام ولا سيما في الديمقراطية. لكن صار أصعب في الوقت الحالي العمل بصورة مقطوعة عن ارادة الجمهور. إن قرب تناول المعلومات التي تمر بسرعة من واحد الى الآخر يمنح الرأي العام وزنا عظيما ويضائل الفرق بين الفرد الذي يستطيع ان يكشف في كل لحظة عن رأيه على الملأ وبين القائد نفسه. وفي هذه الحال فان المسار السهل والشعبي للقادة الذين يريدون أن يميزوا أنفسهم هو أن يظهروا بمظهر المستعدين لتوجيه الامور بخلاف الجمهور في حين يعملون بحسب ارادته.

هذا تضليل. فالقرار القيادي المناسب يُقاس بالقدرة على النظر بشجاعة ووضوح فكري الى ما وراء الحالي والعمل من اجل تغيير سواء أكان الاجراء شعبيا أم لا.