خبر من القاهرة الى طهران فلسطين او ‘الطوفان’!.. محمد صادق الحسيني

الساعة 05:16 م|29 يوليو 2013

تستطيع ان تحب ياسر عرفات او تكرهه، كما بامكانك ان تحب خالد مشعل او تكرهه، ان تتفق مع حماس او فتح او تختلف معهما، فهذا شأنك ايها العربي او المسلم اينما كنت، لكنك مجبر على حب فلسطين، بل مجبر على العمل من اجل تحريرها والا حكمت على دورك ودور بلدك وجغرافيته السياسية بالتهميش والعزلة والافول او ‘الطوفان’ طوفان الارادة الشعبية الذي لن يجامل احدا حول فلسطين!

كلمة يجب ان يسمعها اليوم كل من محمد بديع وعبد الفتاح السيسي اللذين يختلفان حول طريقة ادارة ام الدنيا، كما يجب ان يسمعها الرئيسان تمام سلام وميشال سليمان اللذان يتعثران في تشكيل حكومة لبنان، كما يجب ان يسمعها الرئيس المنتخب حسن روحاني الذي يستعد لحلف اليمين واستلام دفة الحكومة في ايران!

وعلى هؤلاء ونظرائهم من الحكام في الاقطار المختلفة لمشرقنا الافرو آسيوي ان يفقهوا جيدا بان هذه ‘سنة جيوبوليتيكية’ لا فكاك منها ايا كانت انتماءات الافراد او خططهم الاستراتيجية او رؤاهم الفكرية او السياسية!

اخترت هذه البلدان الثلاثة كمثال حي يترجم للمشهد المشرقي الافريقي الآسيوي في الميادين كما في ردهات الحكم واختيارنا لها دون غيرها ليس من باب الاختيار العشوائي على الاطلاق ! بل لان امام المصريين رغم كل عنفوان مصريتهم الصاعدة بحق، استحقاقا اخطر من اي استحقاق آخر حتى وان كان من نوع تحرير سيناء من العنف والارهاب، الا وهو التحرر من كامب ديفيد اولا وقبل كل شيء!

ولان امام اللبنانيين استحقاقا هو الاخطر في تاريخهم المعاصر الا وهو الدفاع عن المقاومة وسلاحها بكل الطرق والاساليب باعتباره الطريق الضامن بل والوحيد القادر على حفظ وصيانة واستمرار بقاء لبنان وسط العواصف الهوجاء المحيطة به!

واخترت ايران لان امام الرئيس المنتخب حسن روحاني خيارين لا ثالث لهما، وهو يستعد لقيادة دفة الحكومة العتيدة في طهران، اما التمسك بخيار قائده المؤسس المتمثل بالامام الخميني العظيم الذي قال يوما انما قمت من اجل احياء الدين وتحرير فلسطين، ووريثه بالحق والقائد العام للقوات المسلحة الامام الخامنئي الذي وضع نصب عينيه ماراتون الوصول الى خارطة مشرقية جديدة لا وجود على خريطتها غير دولة واحدة لفلسطين من النهر الى البحر، او انزلاق الرئيس المنتخب لا سمح الله الى مستنقع كوندليسا رايس وزبانيتها التي حاولت اختراق ايران والتسلل الى بيتها الداخلي بالامس القريب تحت شعار: لا غزة ولا لبنان روحي فدا ايران!

ان على الجميع في هذه المنطقة المباركة باذن ربها وفي هذا الشهر المبارك ان يدرك، بان شعار مصر اولا يمكن ان يكون تاجا على رؤوسهم، وشعار لبنان اولا تاجا على رؤوسهم، وايران اولا تاجا على رؤوسهم، ولكن بشرط ان تكون درة هذه التيجان مرصعة بفلسطين اولا واخيرا والا فانهم سيخسرون هذه التيجان في اول استحقاق جدي سيتعرضون له في الميدان!

وهذا الكلام لمن لا يدرك كنهه وعمقه وسره، ليس شعارا رغائبيا ولا استعراضا لعضلات هذه البلدان القوية بعمقها الحضاري ومقاومتها المعززة، بل هو وكما تمت الاشارة اليه اعلاه ‘بوليصة الضمان’ الوحيدة امامهم اذا ما ارادوا لهم ولبلدانهم العزة والمناعة والكرامة، بل وحتى اذا ارادوا الاكتفاء بالتقدم العلمي و التنمية التقليدية وراحة البال في ادارة شؤون بلدانهم دون انزلاقات خطرة !

انها ‘السنة الكونية’ المترجمة او المتمظهرة في عالم الجيوبوليتيكا الاقليمية المحيطة ببلدانهم بسبب هذا السرطان المزروع في قلب الامة اي ما يسمى باسرائيل اي القاعدة العسكرية الغربية، والامريكية بشكل اكبر واوضح على ارض هي ليست الا لاهلها الاصليين اي الفلسطينيين العرب المسلمين والمسيحيين وبعض من اصلاء فلسطين من الموسويين ولا غير !

بل انني اتحدى اي حاكم من حكام بلداننا المشرقية ان يتمكن من اقامة الصلاة الفردية التي يريد او القيام بواجباته الدينية الاخرى المفروضة عليه براحة البال التي يفترضها دينه دون ان يرفقها بالتوازي بالتفكير بكيفية الخروج سالما غانما من استحقاق تحرير فلسطين من النهر الى البحر!

انها الف باء العمل السياسي في بلداننا لمن لم يدرك بعد اهمية وكنه وعمق هذه القضية المركزية التي باتت مسكونة في خريطة طريق اي طامح او مستحق لادارة شؤون الحكم في عواصم المشرق العربي والاسلامي شاء من شاء وابى من ابى !

انها وظيفة مفروضة ومستحقة عليه طوعا او كراهية، بسبب الشيفرة او الرمز البريدي الذي لابد منه للولوج في معترك البناء والتنمية وليس فقط من اجل انجاز معركة التحرر والاستقلال الناجز، وهو الامر الذي صار جزءا من جيوبوليتيكا الوطن العربي والعالم الاسلامي منذ وعد بلفور المشؤوم اثناء الحرب الكونية الاولى مرورا بمصيبة زرع السرطان المدمر المسمى باسرائيل مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وكل ذلك من اجل منع العرب والمسلمين مما ذكرناه آنفا، وليس فقط من اجل اغتصاب الارض والحقوق الفلسطينية !

وكما تقول الامثال العربية الشهيرة: من جرب المجرب عقله مخرب، او من جرب المجرب حلت به الندامة، او لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين كما ورد في الحديث الشريف، ومن اجل هذا وغيره الكثير احببنا ان نشير على الرئيس والزعيم والفريق والمشير في بلادنا، بان الحد الادنى المطلوب منك في امتحان ‘العبور’ و نمرة الحد الادنى للقبول في اختبار درس الجغرافية و السياسة والحكم اليوم و تحديدا في هذه اللحظة التاريخية من حياة امتك العظيمة، انها النمرة التي تكاد تلامس مفهوم التمسك بـ’شعيرة فلسطين’ !

هو الوضع نفسه ينطبق على تونس وليبيا كما على اليمن و البحرين كما على تركيا والباكستان كما في كل بلاد العرب والمسلمين والاولى كما في الاردن وفي سورية قلب بلاد الشام بلاد التين والزيتون وهذا البلد الامين ومن لا يزال مصرا على المكابرة او الانكار فليجرب حظه في الميادين !